أُعلن في كلٍ من بغداد وواشنطن أن الإدارة الأميركية تجدد التزامها بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي "بالعراق الموحّد الفدرالي والديمقراطي وفقاً لما نصّ عليه الدستور العراقي."
وأفاد بيان للبيت الأبيض بأن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن بـَــــيّن لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال مكالمة هاتفية السبت (2 أيار) أنه وفقاً لهذا الالتزام فإن "جميع المساعدات العسكرية الأميركية لمكافحة تنظيم داعش المتطرف ومحاربته، تأتي بناءً على طلب من حكومة العراق، ويجب التنسيق عن طريقها". كما جدد بايدن "التزام أميركا بمساعدة العراقيين على استعادة أراضيهم التي سيطر عليها التنظيم." فيما أعرب العبادي "عن تقديره للتنسيق والغارات الجوية الأميركية على خلفية التحالف الدولي لدعم القوات العراقية والمتطوعين العراقيين العاملين تحت قيادة الحكومة العراقية."
وأضاف البيان الرئاسي الأميركي أن بايدن أعرب "عن تعازيه نيابةً عن الولايات المتحدة لضحايا الهجمات الإرهابية الوحشية الذين سقطوا على أيدي تنظيم داعش المتطرف، بما في ذلك التفجيرات الأخيرة بالسيارات المفخخة ضد المدنيين الأبرياء في بغداد." وختم البيان بالقول إن الزعيمين أكدا "التزامهما المشترك بالعمل معاً لهزيمة داعش ومساعدة القوات العراقية والحكومة على بسط سيادتها على كامل أراضيها"، بحسب تعبير البيت الأبيض.
فيما أشار البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي الأحد (3 أيار) إلى أن الزعيمين بحثا "مجمل الأوضاع السياسية والأمنية ومستجدات الأحداث وبالأخص فيما يتعلق بالالتزام المتبادل بالحفاظ على وحدة الأراضي والسيادة العراقية وعدم التدخل بالشؤون الداخلية." وأضاف أن العبادي أكد "رفض العراق لمقترحات القوانين والمشاريع التي تضعف وحدة البلاد وتتجاوز على السيادة الوطنية وتسيء للحمة الوطنية."
كان مكتب العبادي أصدر الأربعاء الماضي (29 نيسان) بياناً قال فيه إن الحكومة العراقية إذ ترحب بالمساعدات العسكرية الخارجية في إطار الحرب ضد تنظيم داعش فهي تؤكد "أن أي تسليح لن يتم إلا عن طريقها" داعيةً إلى عدم المضي باقتراحاتٍ طُرحت خلال مناقشات لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب في الكونغرس الأميركي لمشروع الموازنة الدفاعية الأميركية للعام المقبل.
وصدرَ البيانُ ردّاً على اقتراحاتِ نوابٍ جمهوريين بأنه في حال عدم تحديد وزيريْ الخارجية والدفاع الأميركييْن في الإدارة الديمقراطية للرئيس باراك أوباما الحكومةَ العراقية بأنها تضمّ الأقليات في قوات العراق الأمنية فإن مشروع الموازنة الدفاعية للولايات المتحدة ينبغي أن يمنع دفع جميع المساعدات المالية الأميركية المقترحة لهذه القوات في العام المقبل، على نحوِ ما أوضَحتهُ إذاعة العراق الحر في سياق الملف الإخباري الموسوم "إشادة حكومية بالقوات العراقية واقتراحات أميركية بشأن دعمها" (28 نيسان).
المحادثات الهاتفية بين بايدن والعبادي جاءت بعد بضع ساعات من الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر إلى بغداد وبحث خلالها مع نظيره العراقي "العلاقات الثنائية بين البلدين والحرب التي يخوضها العراق ضد عصابات داعش الإرهابية، والدعم الدولي الذي يساند العراق في هذه الحرب". ونُقل عن العبادي قوله إن العلاقات مع كندا "متينة وهي لا تقتصر على المجالات العسكرية ومشاركة الطيران الكندي ضمن التحالف الدولي في الحرب ضد داعش، بل تشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية ونحن ننفتح على الشركات الكندية للاستثمار في العراق."
وفي مؤشرٍ إضافي إلى الدعم الدولي للعراق، تلقى العبادي دعوةً لحضور قمة الدول الصناعية السبع التي سوف تُـــضيّفها ألمانيا يوميْ السابع والثامن من حزيران المقبل. وجاءت الدعوة في سياق مكالمة هاتفية أجرتها معه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يوم الجمعة (1 أيار) وناقشا خلالها مستجدات الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق والمنطقة. ونقل بيان إعلامي عنها القول إن الدعوة تمثل دعم الدول السبع الكبرى (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا) للعراق "في مواجهة الإرهاب والحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه."
يُشار إلى زيادة الهجمات الإرهابية التي شُـــنّت خلال الأسبوع الماضي مُستهدفة مدنيين وكان آخرها التفجير المزدوج بسيارتين مفخختين في حي الكرادة وسط بغداد مساء السبت ما أدى إلى مقتل 15 شخصاً على الأقل. وأفادت وكالات أنباء عالمية بأن تنظيم داعش أعلن الأحد مسؤوليته عن التفجير قائلاً إنه كان يستهدف ما وصفها بـ"فصائل الحشد الرافضي"، في إشارة الى "الحشد الشعبي" الذي يقاتل إلى جانب القوات الحكومية لاستعادة المناطق التي سيطر عليها التنظيم المتطرف اثر هجومه الكاسح في العراق في حزيران 2014.
أسوشييتدبرس ذكرت أن المفخختين انفجرتا بفارق عشر دقائق في منطقة مكتظة. وأشارت إلى أن تبنّي داعش التفجيرين يشابه إعلانات المسؤولية التي أصدرها هذا التنظيم الأسبوع الماضي عن هجمات أخرى في العاصمة بغداد قال إنها نُفذّت ردّاً على القتال في محافظة الأنبار الغربية.
إلى ذلك، استهدفت هجمات أخرى السبت جنوداً في محطة قطار في مدينة الكرمة على الطريق إلى الفلوجة. وأفادت رويترز بأن داعش لم يعلن مسؤوليته عن الهجمات لكن أسلوبه ضمن الأساليب التي عادة ما يستخدمها. ونقلت عن ضابط بالجيش قوله عبر الهاتف "تمكنت خمس عربات مدرعة ملغومة من الوصول إلى قواتنا في محطة القطار وانفجرت. تحولت المحطة إلى أنقاض." وأضاف أن المقاتلين تمكنوا من تدمير ست عربات أخرى قبل أن تصل إلى أهدافها، موضحاً أن عدد القتلى سيتجاوز 12 على الأرجح.
وجاء في التقرير الذي بُـــثّ ليل السبت أن عملية انتشال الجثث كانت ما تزال جارية من تحت الأنقاض بينما أرسل الجيش تعزيزات لمواصلة الاشتباك مع المسلحين. فيما أكدت مصادر عشائرية من الكرمة وقوع الهجوم لكنها لم تقدم أي تفاصيل. وأضافت رويترز أنه لم يتسنّ الوصول إلى مسؤولين بالحكومة للتعقيب.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور علي الجبوري الذي علّق لإذاعة العراق الحر أولاً على التطورات الأمنية الأخيرة بالقول "إنها كانت متوقَعة..ولكن غير المتوقَع كان شدة الهجمات ولا سيما تفجير الكرادة مساء السبت الذي كان قوياً جداً مع توقيته في ذروة تبضّع المواطنين في منطقة آهلة بالسكان والمدنيين والأسواق التجارية..واليوم هناك تبنّي في شكل واضح لهذه التفجيرات وبالتالي ربما نحن أمام منعطف جديد في مواجهة الإرهاب على جبهتين اثنتين الأولى هي في ساحة القتال بين القوات الأمنية العراقية وداعش والثانية هي في الداخل من خلال هجماته التي تستهدف المدنيين..".
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجاب الجبوري عن سؤالين آخرين يتعلق أحدهما بأهمية تجديد نائب الرئيس الأميركي بايدن التزام الولايات المتحدة حماية وحدة العراق بموجب اتفاقية الإطار الإستراتيجي بين الدولتين، والثاني حول الدعم الدولي الواسع للحكومة العراقية والذي تمثل في اليومين الماضيين بزيارة رئيس الوزراء الكندي ودعوة المستشارة الألمانية العبادي لحضور قمة مجموعة الدول السبع.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقطعين صوتيين من تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ومقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. علي الجبوري.