أشادَ مجلس الوزراء العراقي بالتقدم الميداني الذي تحرزه القوات المشتركة ضد تنظيم داعش، داعياً في الوقت ذاته إلى إحباط محاولات دقّ إسفين الطائفية بين مكوّنات الشعب.
وأفادَ بيان رسمي بأن الاجتماع الحكومي الذي انعقد الثلاثاء (28 نيسان) ناقش الأوضاع الأمنية "وما جرى في ناظم التقسيم والحرب الإعلامية والشائعات التي روّجها البعض لإضعاف عزيمة قواتنا البطلة المرابطة في أرض المعركة"، على حد تعبيره.
أعضاءُ الحكومة أشادوا ببطولة وتضحيات هذه القوات "والحشد الشعبي والمتطوعين من أبناء العشائر وتحقيقها الانتصارات وإلحاق الهزيمة بالعدو" وأدانوا ما وُصفت بـ"الهجمة الإعلامية التضليلية الممنهجة التي قام بها البعض". كما أُدينت "محاولات دق إسفين الطائفية والفرقة بين أبناء البلد وجرّهم لحرب طائفية يكون الخاسر فيها جميع أبناء الشعب العراقي"، بحسب ما ورد في نصّ البيان المنشور على موقع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
الإشادة الحكومية بأداء القوات العراقية المشتركة صدرت فيما تتواصل عمليات عسكرية بهدف استعادة السيطرة على مناطق استولى عليها تنظيم داعش في محافظة الأنبار. وفي تقريرٍ عن هذه العمليات، أشارت وكالة أسوشييتدبرس للأنباء إلى صعوبة المعارك التي تُخاض في كبرى محافظات البلاد بالمقارنة مع معركة تكريت مركز محافظة صلاح الدين والتي تحقق فيها النصر بدعمٍ من الحشد الشعبي والضربات الجوية الأميركية. لكن الأساليب التي استُخدمت في معركة تكريت لا يمكن تكرارها في عمليات الأنبار بسبب ما وصفها التقرير بتحفظات بغداد على تسليح أبناء العشائر والمخاوف المحلية من فصائل الحشد الشعبي التي تحظى بدعم القوات الحكومية.
وفي التقرير الموسوم "العراق يواجه تحديات هائلة في طرد داعش من الأنبار" والذي أعادت نشرَه صحيفة (نيويورك تايمز) New York Times الأميركية الثلاثاء (28 نيسان)، نُقل عن قائد عسكري عراقي برتبة عميد ركن يشارك في حملة الأنبار قوله إن الجنود الذين يقاتلون هناك "ليسوا مدرّبين تدريباً جيداً بما فيه الكفاية لهذه المعركة، وبعضهم يشاركون فيها للحصول على المال. لكن أفراد الحشد الشعبي مؤمنون بهذا القتال". وأضاف الضابط الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه أنه "لا توجد حتى الآن خطة واضحة لتحرير الأنبار بسبب الخلافات السياسية والعشائرية"، بحسب ما نقلت عنه أسوشييتد برس.
في الأثناء، أفادت صحيفة (غارديان) Guardian البريطانية في تقريرٍ نشرته الاثنين (27 نيسان) تحت عنوان "الجمهوريون يقترحون التمويل المباشر للميليشيات العراقية في الحرب ضد داعش" بقلم سبنسر أكرمان Spencer Ackerman بأن أعضاء مجلس النواب الأميركي من الحزب الجمهوري "اقترحوا تقديم الدعم المباشر إلى قوات البيشمركة الكردية والقوات السنية غير النظامية بدلاً من تمويل شركاء الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية عبر الحكومة العراقية التي لا تمارس سيطرة فعلية عليهم."
مشروع الموازنة الدفاعية الأميركية للعام المقبل والبالغة نصف تريليون دولار يرصد في أحد بنوده ما بين 178 مليون دولار على الأقل و429 مليون دولار كحدٍ أقصى لدفعها "مباشرةً إلى القوات الأمنية الكردية والعشائرية أو قوات أمنية محلية أخرى مكلّفة مهمة الأمن الوطني"، بحسب تعبير المشروع الذي نشرت نصّه لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب في الكونغرس يوم الاثنين.
الصحيفةُ اعتبرت أن من شأن مشروع القرار التشريعي الذي يخصص نفقات الجيش الأميركي أن يدقّ إسفيناً بين الولايات المتحدة وحليفتها في بغداد إضافةً إلى تشجيع الطائفية التي يسعى هذا البند إلى منعها. وأضافت أنه في حال عدم تحديد وزيريْ الخارجية والدفاع الأميركييْن بشكلٍ مشترك الحكومةَ العراقية التي يرأسها العبادي بأنها "تضمّ الأقليات العرقية والمذهبية في قوات العراق الأمنية" فإن المشروع سوف يمنع دفع جميع المساعدات المالية الأميركية المقترحة لهذه القوات في العام المقبل والبالغة 715 مليون دولار.
وأشار التقرير إلى أن المسؤولين الأميركيين قدموا شهادات أمام الكونغرس بأن إعادة تدريب الجيش العراقي بالغة الإهمية من أجل نشر قوة برية قادرة على استعادة السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي العراقية التي استولى عليها تنظيم داعش. وفي حال عدم تسلّم الكونغرس التأكيد اللازم من وزيريْ الخارجية والدفاع في شأن شمول القوات الأمنية العراقية للأقليات، فإن 60% من المساعدات المالية المقترحة أي نحو 429 مليون دولار سوف تذهب مباشرةً إلى "قوات البيشمركة الكردية والقوات العشائرية السنيّة المكلفة مهمة الأمن الوطني إضافةً إلى قوات الحرس الوطني السنيّة"، بحسب ما ورد في نصّ مشروع الموازنة الدفاعية الأميركية.
وأضافت صحيفة (غارديان) البريطانية نقلاً عن ملخص النصّ الذي نشرته لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب الأميركي والمكوّن من 500 صفحة أن من بين الشروط التي ينبغي تلبيتها من قبل بغداد كي تتلقى التمويل العسكري "وقف الدعم للميليشيات الشيعية ووقف التجاوزات التي تمارسها هذه الميليشيات بحق عناصر من الشعب العراقي"، على حد تعبيره.
ولمزيد من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور سعدي كريم العزاوي الذي علّق لإذاعة العراق الحر أولاً على سير المعارك الدائرة في الأنبار بالقول إنها "قد تشهد بعض الإخفاقات لأنها مستمرة إذ أن الجيش العراقي المدعوم من الحشد الشعبي لا يخوض معارك نظامية ضد جيش نظامي بحيث يستطيع أن يضع إستراتيجية عسكرية للتقدم في محاور القتال وبالتالي فهو يستخدم تكتيكات الحرب الاعتيادية وليس حرب العصابات مثلما تقوم به داعش التي تضرب هنا وتنسحب إلى مكان آخر وتحاول أن تستغل الثغرات....لذلك فإن الخطاب الأخير لوزير الدفاع العراقي حول ناظم الثرثار قال صراحةً إننا قد نخسر بعض المعارك ولكننا لم نخسر الحرب...".
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها ما نُشر في شأن مقترحات النواب الجمهوريين في الكونغرس الأميركي حول الموازنة الدفاعية الأميركية للعام المقبل والتي اشترطت عدم تلقي بغداد دعماً مالياً مباشراً في حال عدم التأكد من شمول القوات الأمنية العراقية لكل المكوّنات.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. سعدي كريم العزاوي.