تُسلّطُ الأضواءُ من جديد على قضية المياه في العراق التي تـتناقَصُ سـنةً بعد أخرى في (بلاد ما بين النهرين) جراء عدة أسباب، ومن بينها التغير المناخي وغياب السياسات الفاعلة للحفاظ على الثروة المائية بالإضافة إلى عدم التزام الدول المتشاطئة باتفاقيات تقاسم المياه.
أحدثُ الدراسات الأكاديمية التي نُشرت في الولايات المتحدة أخيراً أشارت إلى فقدان المنطقة الممتدة من شرق تركيا وحتى غرب إيران 144 كيلومتراً مكعباً من المياه العذبة بين عاميْ 2003 و2009.
وفي عرضها للدراسة التي قامت بها مجموعة من الباحثين في جامعة كاليفورنيا بمدينة إرفاين Irvine، نقلت مجلة (إيكونومست) البريطانية Economist عن كبير مؤلفيها جاي فاميليـيتي Jay Famiglietti أن المنطقة التي عُرفت عبر التاريخ باسم (الهلال الخصيب) أصبحت ثاني منطقة في العالم تعاني من ثاني أسرع معدل لنضوب المياه بعد شمال الهند.
الدراسةُ اعتمدت على بيانات الأقمار الصناعية التي زوّدتها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وتتضمن أول صور فوتوغرافية دقيقة من نوعها خالية من القيود التقليدية كالمعلومات الرسمية الناقصة أو حتى الأرقام التي تعتبر من أسرار الدولة. ذلك أن الأقمار الصناعية لا تمتاز بقدرتها على تصوير المسطحات المائية فحسب بل يمكنها أيضاً احتساب حتى كميات المياه الموجودة في الطبقات الجوفية الكامنة تحت هذه المسطحات. وبالاعتماد على هذه الصور، تُبـيّن الدراسة على سبيل المثال أن نسبة تدفق المياه عبر النقطة التي يعبر فيها نهر الفرات الأراضي السورية إلى العراق تبلغ حالياً 70% فقط من معدلاتها السابقة.
وكان الخبير السوري في شؤون المياه وأستاذ العلاقات الدولية الدكتور نبيل السمان تحدث في مقابلة سابقة أجرتها إذاعة العراق الحر عن مخاطر الجفاف المتزايدة التي تحيق بنهر دجلة بسبب مشاريع سدود تُـنفّذ في دولة المنبع تركيا، ومن بينها سد إليصو.
السمان ذكر في الملف الإخباري الذي نُشر تحت عنوان "باحث سوري يحلّل أسبابَ القلق العراقي من سدٍ تركي على دجلة" أنه ذهب في إحدى المرات إلى منطقة (عين ديوار) حيث استطاع أن يعبر دجلة على قدميه دون أن يتأثر، مشيراً إلى "توقعات بأن تنضب مياه هذا النهر تماماً بحلول العام 2050"، على حد تعبيره.
وكان خبراء عراقيون وسوريون في شؤون المياه حذروا غير مرة عبر السنوات الماضية من أن إنجاز سد إليصو سيؤدي إلى تراجعٍ كبير في حصة الدولتين المجاورتين لتركيا من مياه نهر دجلة فضلاً عما يعنيه من تفاقم الآثار السلبية لسنوات الجفاف الأخيرة على قطاع الزراعة والبيئة العراقية.
وفي مقابلة سابقة أجريتُها في سياق الملف الإخباري لإذاعة العراق الحر وخُـصّص لقضية المياه بين العراق وسوريا وتركيا (آذار 2010)، قال محلل الشؤون الدولية والخبير في قضايا المياه عادل درويش الذي شارك في تأليف الكتاب الموسوم (حروب المياه.. الصراعات القادمة في الشرق الأوسط) إن تركيا من الدول "التي لم تُبدِ مرونة في التعاون بمعنى أن الأنهار العابرة للحدود لا تستطيع دولة المنبع بسبب السبقية الجغرافية، لكون المنبع عندها، أن تفرض شروطها على دول المصّب أو دول أسفل النهر."
وأضاف درويش في المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي أنه رغم عدم وضوح القانون الدولي للأنهار والملاحة إلا إن هذا القانون اعترف منذ أكثر من مائة وخمسين عاماً بما يسمى (customary use)، أي "الاستعمال المعتاد التاريخي" لدول المصب. وفي توضيحه لهذا النقطة فيما يتعلق بالعراق تحديداً، ذكر أن كل الكتب التاريخية التي تتحدث عن بلاد وحضارة (ما بين النهرين) تؤكد حق هذه الأرض، أي دولة المصب، في الاستخدام التاريخي للمياه على أراضيها.
أما خبير المياه الدولي وسفير العراق لدى منظمات الغذاء التابعة للأمم المتحدة في روما الدكتور حسن الجنابي فقد تحدث لإذاعة العراق الحر عن مشكلةٍ أخرى تعاني منها مدينة البصرة تحديداً، وهي معاناة هذه المدينة المعروفة بكثرة قنواتها وأنهارها من تناقص كمية المياه العذبة.
وأشار الجنابي في مقابلة أجريتها في سياق الملف الإخباري الموسوم "أزمة مياه العراق تبحث عن حلول" (شباط 2010) إلى سـببيْن رئيسييْن اثنين لتحطيم عذوبة المياه هما تجفيف الأهوار أي المسطحات المائية في جنوب العراق إضافةً إلى تحويل مجرى نهر الكارون الإيراني بعيداً عن مَـصبّه في شط العرب.
وأضاف الدكتور حسن الجنابي في المقابلة التي يمكن الاستماع إلى مُـقتطفاتٍ منها في الملف الصوتي المرفق أن "آخر مدينة من الممكن أن تتعرض لمأساةٍ كتلك التي تعاني منها اليوم هي البصرة وذلك لأنها تطفو على بحيرات وأنهار...ولذلك أطلق عليها المستشرقون القدماء اسم (فينيسيا الشرق) بسبب قنواتها وأنهارها وكمية المياه العذبة الموجودة فيها. ولكنها، للأسف الشديد، تعطش منذ فترة طويلة تمتد إلى بداية تسعينات القرن الماضي بسبب التدخلات والأعمال الخاطئة التي قامت بها السلطة السابقة وما ترتب عن الحرب العراقية-الإيرانية واحتلال الكويت إضافةً إلى انعدام الإمكانيات الكافية في مرحلة ما بعد عام 2003 لإعادة الوضع إلى ما كان عليه"، بحسب تعبيره.
مَـوقفُ العراق إزاء نضوب المياه وما يُسـبّبه ذلك من معاناة طُرِح رسمياً غير مرة في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية، ومن بينها (المؤتمر الدولي الثاني والعشرون للمياه) الذي استضافَته العاصمة السويدية ستوكهولم في شهر آب الماضي. وفي تقريرٍ عن جلسات المؤتمر بُـثّ في حـينِـهِ، قالت رئيسة الوفد العراقي الدكتورة رحاب خالد يوسف من وزارة الخارجية لمراسل إذاعة العراق الحر نزار عسكر إن الحكومة العراقية طلبت من الدول المجاورة التوقيع على اتفاقية (المجاري المائية للأغراض غير الملاحية لعام 1997) "كي تصبح إطاراً قانونياً دولياً يُلزمها تحديد الحصة المائية لكل بلد."
وذكرت رحاب في المتابـعة الإذاعية التي بُـثّت تحت عنوان "سعي عراقي لتدويل مشكلة المياه في مؤتمر دولي" ويمكن الاستماع إلى مقطعٍ منها في الملف الصوتي المرفق
أنه "خلال جلسات المؤتمر، كانت هناك جلسة عن نهريْ دجلة والفرات طرحنا فيها معاناة العراق من شح المياه والتصحر والتغير المناخي وإنشاء السدود التركية وتغيير مجاري الأنهار من قبل إيران وتركيا. وشرحنا مدى تأثير ذلك على العراق وعلى المزارع ومياه الشرب والصناعة وباقي مرافق الحياة". وأضافت المسؤولة التي شاركت في أعمال مؤتمر ستوكهولم أن "بعض الوفود استغربت وجود أزمة مياه في العراق باعتباره بلد النهرين...".
أحدثُ الدراسات الأكاديمية التي نُشرت في الولايات المتحدة أخيراً أشارت إلى فقدان المنطقة الممتدة من شرق تركيا وحتى غرب إيران 144 كيلومتراً مكعباً من المياه العذبة بين عاميْ 2003 و2009.
وفي عرضها للدراسة التي قامت بها مجموعة من الباحثين في جامعة كاليفورنيا بمدينة إرفاين Irvine، نقلت مجلة (إيكونومست) البريطانية Economist عن كبير مؤلفيها جاي فاميليـيتي Jay Famiglietti أن المنطقة التي عُرفت عبر التاريخ باسم (الهلال الخصيب) أصبحت ثاني منطقة في العالم تعاني من ثاني أسرع معدل لنضوب المياه بعد شمال الهند.
الدراسةُ اعتمدت على بيانات الأقمار الصناعية التي زوّدتها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وتتضمن أول صور فوتوغرافية دقيقة من نوعها خالية من القيود التقليدية كالمعلومات الرسمية الناقصة أو حتى الأرقام التي تعتبر من أسرار الدولة. ذلك أن الأقمار الصناعية لا تمتاز بقدرتها على تصوير المسطحات المائية فحسب بل يمكنها أيضاً احتساب حتى كميات المياه الموجودة في الطبقات الجوفية الكامنة تحت هذه المسطحات. وبالاعتماد على هذه الصور، تُبـيّن الدراسة على سبيل المثال أن نسبة تدفق المياه عبر النقطة التي يعبر فيها نهر الفرات الأراضي السورية إلى العراق تبلغ حالياً 70% فقط من معدلاتها السابقة.
وكان الخبير السوري في شؤون المياه وأستاذ العلاقات الدولية الدكتور نبيل السمان تحدث في مقابلة سابقة أجرتها إذاعة العراق الحر عن مخاطر الجفاف المتزايدة التي تحيق بنهر دجلة بسبب مشاريع سدود تُـنفّذ في دولة المنبع تركيا، ومن بينها سد إليصو.
السمان ذكر في الملف الإخباري الذي نُشر تحت عنوان "باحث سوري يحلّل أسبابَ القلق العراقي من سدٍ تركي على دجلة" أنه ذهب في إحدى المرات إلى منطقة (عين ديوار) حيث استطاع أن يعبر دجلة على قدميه دون أن يتأثر، مشيراً إلى "توقعات بأن تنضب مياه هذا النهر تماماً بحلول العام 2050"، على حد تعبيره.
وكان خبراء عراقيون وسوريون في شؤون المياه حذروا غير مرة عبر السنوات الماضية من أن إنجاز سد إليصو سيؤدي إلى تراجعٍ كبير في حصة الدولتين المجاورتين لتركيا من مياه نهر دجلة فضلاً عما يعنيه من تفاقم الآثار السلبية لسنوات الجفاف الأخيرة على قطاع الزراعة والبيئة العراقية.
وفي مقابلة سابقة أجريتُها في سياق الملف الإخباري لإذاعة العراق الحر وخُـصّص لقضية المياه بين العراق وسوريا وتركيا (آذار 2010)، قال محلل الشؤون الدولية والخبير في قضايا المياه عادل درويش الذي شارك في تأليف الكتاب الموسوم (حروب المياه.. الصراعات القادمة في الشرق الأوسط) إن تركيا من الدول "التي لم تُبدِ مرونة في التعاون بمعنى أن الأنهار العابرة للحدود لا تستطيع دولة المنبع بسبب السبقية الجغرافية، لكون المنبع عندها، أن تفرض شروطها على دول المصّب أو دول أسفل النهر."
وأضاف درويش في المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي أنه رغم عدم وضوح القانون الدولي للأنهار والملاحة إلا إن هذا القانون اعترف منذ أكثر من مائة وخمسين عاماً بما يسمى (customary use)، أي "الاستعمال المعتاد التاريخي" لدول المصب. وفي توضيحه لهذا النقطة فيما يتعلق بالعراق تحديداً، ذكر أن كل الكتب التاريخية التي تتحدث عن بلاد وحضارة (ما بين النهرين) تؤكد حق هذه الأرض، أي دولة المصب، في الاستخدام التاريخي للمياه على أراضيها.
أما خبير المياه الدولي وسفير العراق لدى منظمات الغذاء التابعة للأمم المتحدة في روما الدكتور حسن الجنابي فقد تحدث لإذاعة العراق الحر عن مشكلةٍ أخرى تعاني منها مدينة البصرة تحديداً، وهي معاناة هذه المدينة المعروفة بكثرة قنواتها وأنهارها من تناقص كمية المياه العذبة.
وأشار الجنابي في مقابلة أجريتها في سياق الملف الإخباري الموسوم "أزمة مياه العراق تبحث عن حلول" (شباط 2010) إلى سـببيْن رئيسييْن اثنين لتحطيم عذوبة المياه هما تجفيف الأهوار أي المسطحات المائية في جنوب العراق إضافةً إلى تحويل مجرى نهر الكارون الإيراني بعيداً عن مَـصبّه في شط العرب.
وأضاف الدكتور حسن الجنابي في المقابلة التي يمكن الاستماع إلى مُـقتطفاتٍ منها في الملف الصوتي المرفق أن "آخر مدينة من الممكن أن تتعرض لمأساةٍ كتلك التي تعاني منها اليوم هي البصرة وذلك لأنها تطفو على بحيرات وأنهار...ولذلك أطلق عليها المستشرقون القدماء اسم (فينيسيا الشرق) بسبب قنواتها وأنهارها وكمية المياه العذبة الموجودة فيها. ولكنها، للأسف الشديد، تعطش منذ فترة طويلة تمتد إلى بداية تسعينات القرن الماضي بسبب التدخلات والأعمال الخاطئة التي قامت بها السلطة السابقة وما ترتب عن الحرب العراقية-الإيرانية واحتلال الكويت إضافةً إلى انعدام الإمكانيات الكافية في مرحلة ما بعد عام 2003 لإعادة الوضع إلى ما كان عليه"، بحسب تعبيره.
مَـوقفُ العراق إزاء نضوب المياه وما يُسـبّبه ذلك من معاناة طُرِح رسمياً غير مرة في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية، ومن بينها (المؤتمر الدولي الثاني والعشرون للمياه) الذي استضافَته العاصمة السويدية ستوكهولم في شهر آب الماضي. وفي تقريرٍ عن جلسات المؤتمر بُـثّ في حـينِـهِ، قالت رئيسة الوفد العراقي الدكتورة رحاب خالد يوسف من وزارة الخارجية لمراسل إذاعة العراق الحر نزار عسكر إن الحكومة العراقية طلبت من الدول المجاورة التوقيع على اتفاقية (المجاري المائية للأغراض غير الملاحية لعام 1997) "كي تصبح إطاراً قانونياً دولياً يُلزمها تحديد الحصة المائية لكل بلد."
وذكرت رحاب في المتابـعة الإذاعية التي بُـثّت تحت عنوان "سعي عراقي لتدويل مشكلة المياه في مؤتمر دولي" ويمكن الاستماع إلى مقطعٍ منها في الملف الصوتي المرفق
أنه "خلال جلسات المؤتمر، كانت هناك جلسة عن نهريْ دجلة والفرات طرحنا فيها معاناة العراق من شح المياه والتصحر والتغير المناخي وإنشاء السدود التركية وتغيير مجاري الأنهار من قبل إيران وتركيا. وشرحنا مدى تأثير ذلك على العراق وعلى المزارع ومياه الشرب والصناعة وباقي مرافق الحياة". وأضافت المسؤولة التي شاركت في أعمال مؤتمر ستوكهولم أن "بعض الوفود استغربت وجود أزمة مياه في العراق باعتباره بلد النهرين...".