تباينت ردود الفعل التركية والسورية حول دخول تركيا الحرب ضد ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بعد موافقتها على السماح للطائرات الامريكية بشن غارات انطلاقا من قاعدة إنجيرليك التركية، وقيام مقاتلات تركية بقصف مواقع لداعش في سوريا.
وقال رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو الجمعة إن العمليات الأمنية ضد تنظيم الدولة الاسلامية والمتشددين اليساريين والأكراد ليست عملية منفردة لكنها تأتي في إطار حملة شاملة وستستمر.
الى ذلك قال مكتب رئيس الوزراء التركي في بيان إن ثلاث مقاتلات إف-16 أقلعت من قاعدة في ديار بكر بجنوب شرق تركيا في
الساعات الاولى من صباح الجمعة وقصفت مقرين و"نقطة تجمع" لمتشددي الدولة الاسلامية قبل ان تعود الى قاعدتها.
وقال مسؤول تركي لوكالة رويترز للأنباء إن "المقاتلات التركية لم تعبر الحدود السورية اثناء العملية" مضيفا ان الغارات وقعت في منطقة في سوريا عبر الحدود قبالة بلدة كلس التركية.
وجاءت الغارات التركية بعد يوم على اشتباك وقع بين القوات التركية ومسلحي (داعش) عبر الحدود مع سوريا في نفس المنطقة.
أبو عمشة (30 سنة) مواطن سوري من قرية عياشة على الحدود التركية أكد لإذاعة العراق الحر أن الإشتباك أسفر عن مقتل ضابط تركي وجرح عدد من الجنود، فضلاً عن مقتل أربعة من مسلحي تنظيم (داعش) وقيام القوات التركية بإعتقال أحد مسلحي التنظيم.ولفت أبو عمشة الى أنه وسكان القرية غادروها بسبب قصف الطائرات التركية.
وجاءت الضربات الجوية غداة الإعلان عن موافقة تركيا على السماح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة انجرليك الجوية التركية لشن هجمات على (داعش).
وظلت تركيا ممتنعة عن المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم (داعش) في العراق وسوريا، وتدعو الى ضرورة الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد وتقول ان القوات الكردية السورية تشكل أيضا خطرا أمنيا كبيرا بحسب رويترز.
ويرى المحلل السياسي التركي محمد زاهد غول القريب من حزب العدالة والتنمية، أن الموقف التركي تغير منذ السابع من شهر تموز الجاري وبعد لقاء القيادات التركية بالجنرال الأميركي جون آلن والوفد العسكري الأميركي الذي رافقه في زيارته الأخيرة لتركيا، حيث تم الإتفاق بين الجانبين على أن تكون تركيا أكثر فاعلية في محاربة الإرهاب في مقابل أن تقدم الولايات المتحدة الأميركية الدعم المطلوب لتركيا لحماية حدودها من جهة وترفع الغطاء عن من وصفهم زاهد غول بالمتطرفين الأكراد في إشارة الى وحدات الحماية الكردية السورية.
المحلل التركي المقرب من الحكومة التركية لم يستبعد قيام طائرات التحالف الدولي بقصف مواقع الوحدات الكردية YPGوحزب الإتحاد الديموقراطي الكردي YPD في المناطق الكردية داخل سوريا.
وأكد محمد زاهد غول في حديثه لمراسل إذاعة العراق الحر أن الغارات الجوية التركية ستتكرر وتستمر مشيراً الى إنشاء منطقتين عازلتين داخل سوريا بحسب الإتفاقية التركية الأميركية، كما توقع دخول القوات التركية الاراضي السورية وقيامها بعمليات أمنية وصفها بـ"العمليات الجراحية" لكن لفترة قصيرة قد لا تتجاوز الإسبوع لإستهداف تنظيم (داعش) والمقاتلين الأكراد.
مصطفى سيجري: التحرك التركي اليوم واجب تجاه الشعب السوري وطالبنا القيادات التركية بتوسيع العمليات الأمنية داخل سوريا
وحول موقف الفصائل السورية المسلحة من تغير موقف تركيا ودخولها الحرب ضد (داعش)، تحدث مصطفى سيجري، عضو مجلس قيادة الثورة في سوريا، عن أهمية الدور التركي الداعم لسوريا خلال السنوات الأربع الماضية، مؤكداً ترحيب المعارضة السورية المسلحة بالتدخل التركي.
وقال سيجري لإذاعة العراق الحر، إن "التحرك التركي اليوم واجب تجاه الشعب السوري ومن حق الدولة التركية حماية حدودها، وقد طالبنا القيادات التركية بتوسيع العمليات للوصول الى منطقة آمنة في الشمال السوري".
سيجري أوضح لإذاعة العراق الحر أن برنامج تدريب المعارضة السورية توقف في تركيا التي كانت تريد أن تستخدم المتدربين في عملياتها الأمنية داخل سوريا وتسعى الى دمجها مع الفصائل السورية المسلحة الأخرى ومنها "جيش الفتح"، وهذا ما يخالف الرؤية الأميركية التي تريد تدريب قوات سورية لمحاربة (داعش) والفصائل السورية المسلحة الأخرى على الأرض بحسب سيجري.
وحذر مراقبون من تداعيات التحرك التركي الجديد وتأثيراته السلبية على الأوضاع الأمنية والسياسية التركية والسورية.
وكان زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليجدار اوغلو حذر في وقت سابق من ان أي تدخل عسكري في سوريا سيكون كارثة على تركيا.
محمد زاهد غول: أقصى ما يمكن أن يفعله (داعش) هو المفخخات وموقف الدولة التركية لا يُهدد بعدد من المفخخات
ويرد المحلل السياسي التركي محمد زاهد غول على هذه التحذيرات بالقول، إن أقصى ما يمكن أن يفعله (داعش) هو المفخخات وموقف الدولة التركية لا يُهدد بعدد من المفخخات، مشدداً على أن التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية في جزئية (داعش) في مقابل أن تأخذ تركيا مكاسب أكثر في ما يتعلق بالأكراد أهم بكثير من بعض الإشكاليات الأمنية التي ستقع بلا شك على حد تعبير زاهد غول.
إبراهيم خليل أوغلو مواطن تركي أعرب عن تأييده لتدخل عسكري تركي داخل سوريا حفاظاً على وحدة الأراضي السورية قائلاً:
"كمواطنين اتراك نريد الإبقاء على وحدة الأراضي السورية ومنع الإرهابيين المتوحشين من تمزيقها، يجب طردهم منها توفيرا لحياة آمنة للمواطنين السوريين وحماية للأراضي التركية أيضا، لذا يجب تدخل القوات التركية كما فعلت في قبرص".
وفي سياق ردود الفعل يرى الناشط السوري أبو قدس، مؤسس وكالة الفرات في دير الزور، أن من مصلحة تركيا التدخل في سوريا لسحب البساط من الوحدات الكردية ومنع تمددها داخل الاراضي السورية، لافتاً الى أن تركيا تريد أن تقول لأميركا بأنها مستعدة لتحارب (داعش) ولا حاجة لأميركا بالمقاتلين الأكراد في محاربة (داعش).
أبو قدس: تركيا هي أكبر دولة قادرة على خنق تنظيم (داعش) ومحاربته
أبو قدس، الذي عاش في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، أكد أن تنظيم (داعش) بدأ يضعف يوماً بعد يوم بسبب الضربات الجوية لطائرات التحالف الدولية التي تستهدف القيادات المدنية للتنظيم.
ويرى أبو قدس أن تركيا هي أكبر دولة قادرة على خنق تنظيم (داعش) ومحاربته لأنها مخترقة هذا التنظيم بشكل كبير من خلال إلتحاق ما لا يقل عن 5 آلاف مقاتل تركي، وسيطرة تركيا على طرق الإمدادات.
وحسب رأي أبو قدس فأن تنظيم (داعش) سيلجأ الى إستخدام السيارات المفخخة وتغيير أماكن قياداته وربما سينسحب من الرقة ومن حلب ليستقر في منطقة دير الزور المرتبطة بصحراء الأنبار لتتركز عملياته الكبرى هناك.
وتسود اجواء من التوتر الحاد في تركيا بعد مقتل شرطي في مدينة "دياربكر" الكردية التركية، بعد ثلاثة ايام على الهجوم الانتحاري الذي اوقع 32 قتيلا ومئة جريح في مدينة سروج التركية القريبة من مدينة كوباني السورية.
صحفي سوري: التدخل التركي في سوريا لا يهدف الى محاربة (داعش)، بل يهدف الى وقف تمدد الوحدات الكردية السورية
الصحفي السوري محمود بالي يرى أن التدخل التركي في سوريا لا يهدف الى محاربة (داعش)، بل يهدف الى وقف تمدد الوحدات الكردية السورية، وصرف أنظار العالم والإعلام عن المشاكل الداخلية في تركيا، حيث جميع المدن الكوردية في جنوب شرق تركيا منتفضة وهناك ما وصفه بالحرب في الشوارع.
وتسائل بالي عن إستهداف تركيا للمقاتلين الأكراد داخل سوريا بينما مسلحو حزب العمال الكردستاني PKK متواجدون داخل تركيا.
ويلفت بالي الذي كان يتحدث لإذاعة العراق الحر من داخل مدينة كوباني السورية، الى أن (داعش) تسرح وتمرح في كل المدن التركية، والتقارير الأخيرة أكدت أن ابنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان متورطة في عمليات معالجة مسلحي (داعش)، وأبنه بلال متورط في عمليات شراء التنفط السوري من التنظيم.
وإستبعد بالي قيام تركيا بضرب مواقع وحدات الحماية الكردية في سوريا، خاصة وأن هذه الوحدات تلقى دعماً وقبولاً لدى التحالف الدولي والعالم لأنها تحارب تنظيم (داعش) على الأرض.
بمشاركة مراسل إذاعة العراق الحر في الشمال السوري منار عبد الرزاق