يؤكد مسؤولون أكراد ومراقبون أن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يواصل تجنيد الشباب الأكراد لقتال أقرانهم الأكراد في العراق وسوريا، مستغلاً الظروف السياسية والإقتصادية التي يعاني منها إقليم كردستان.
وكانت وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في اقليم كردستان، أعلنت نهاية 2014 ان 500 مواطن من الإقليم التحقوا بتنظيم "داعش"، وان مئة منهم قتلوا في المعارك في سوريا والعراق.
مسؤول أمني: لم يبقَ مع داعش غير 200 الى 250 مقاتل كردي فقط
وأكد عادل بوتاني، مسؤول في دائرة "الاشايس" الأمن العامة لأقليم كردستان العراق، لإذاعة العراق الحر أن أغلب الشباب الكورد الذين إلتحقوا بالتنظيم قُتلوا في المعارك، ولم يبقَ مع داعش غير 200 الى 250 مقاتل كردي فقط، وهو عدد قليل لا يُقارن بأعداد المقاتلين الأجانب الذين يلتحقون بتنظيم داعش من دول أوروبية على حد تعبيره.
وتصاعدت التحذيرات من إستخدام تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) لخلاياه النائمة داخل الإقليم وتجنيد المزيد من الشباب الكوردي، بعد التفجير الذي شهدته مدينة اربيل بالقرب من القنصلية الأميركية نهاية نيسان الماضي، ونفذه شباب أكراد تعرفوا على بعض في مسجد، وتم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الأجتماعي مع الملا شوان الكردي، وهو إمام مسجد ومدرسة دينية تابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في أربيل، التحق قبل نهاية 2014، بصفوف تنظيم (داعش) مع عائلته وعدد من تلاميذه الأكراد.
مواطنون في إقليم كردستان حمّلوا سلطات الإقليم مسؤولية إستمرار إلتحاق شبان أكراد بتنظيم داعش وإنتشار الأفكار المتطرفة، لعجزها عن السيطرة على المساجد والمدارس الدينية التي تتم فيها لقاءات المتطرفين وإجتماعاتهم وإستغلالهم للشباب العاطلين.
وذكر المواطن مسار فائق من سكان مدينة أربيل أن شباب أكراد يلتحقون اليوم بتنظيم داعش كما كان هناك من إلتحق بتنظيم القاعدة في السابق، وذلك نتيجة عدم مراقبة حكومة الإقليم لبعض المساجد ورجال الدين المتشددين الذين يخدعون الشباب.
مواطن كوردي: داعش يُجند الشباب الكوردي في صفوفه لضرب الأكراد بعضهم ببعض
من جهته عزا المواطن سفين حميد ظاهرة إلتحاق الشباب الكورد بتنظيم داعش، الى وجود الأحزاب الإسلامية وإنتشار الخطاب الديني المتشدد والأفكار المتطرفة في بعض المساجد والمدارس الدينية.
ويرى المواطن سفين أن تنظيم داعش يُجند الشباب الكوردي في صفوفه لضرب الأكراد بعضهم ببعض وخلق إنشقاقات داخل المجتمع الكوردي الذي هو مجتمع عشائري، لذلك داعش يستخدم الشباب الكوردي في حربه ضد قوات البيشمركة في العراق.
مريوان نقشبندي: أعداد الشباب الذين يلتحقون بتنظيم داعش، تراجعت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة
مريوان نقشبندي (الصورة) مدير العلاقات وتعزيز التعايش الديني في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية بحكومة اقليم كردستان، أكد لإذاعة العراق الحر أن أعداد الشباب الذين يلتحقون بتنظيم داعش، تراجعت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، رغم أنه كشف عن قيام مجموعة من الشباب الأكراد من إقليم كردستان مؤخراً بالسفر الى تركيا بجحة الهجرة الى أوروبا، لكنهم إلتحقوا بتنظيم داعش في سوريا.
نقشبندي أكد أن الصراعات السياسية والأزمة الإقتصادية التي يعاني منها إقليم كردستان، ربما دفعت بعض الشباب الى الإلتحاق بتنظيم داعش أو التفكير في الهجرة الى أوروبا.
أن تنظيم داعش ومنذ بداية نشأته يتبنى سياسة عداونية ضد الكورد ويستخدم الشباب الكوردي فقط في مقاتلة أقرانهم
الأكراد لخلق الفتنة بين الأكراد، وهذا ما دفع العشرات من الشباب الذين إلتحقوا بتنظيم داعش الى ترك التنظيم والعودة الى الإقليم أو الى أوروبا.
وفي إطار حربه ضد الأكراد في العراق وسوريا، بدأ تنظيم داعش يُزيد من حملاته الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الكردية، كما بدأ يُظهر بشكل متزايد الأكراد العراقيين في دعايته الإعلامية وخاصة تلك التي يظهر فيها الملا شوان وأكراد آخرين وهم يقطعون الرؤوس أو يهددون حكومة الإقليم أو الأحزاب الكردستانية بهدف بث الخوف في نفوس سكان الإقليم.
وفي سوريا ذكرت تقارير صحفية أن المقاتلين الأكراد الذين إلتحقوا بتنظيم داعش مؤخراً يلعبون دوراً هاماً في مجريات الصراع شمال شرق البلاد، إذ يساهمون، عبر معرفتهم، بجغرافيا المناطق الكردية، كما اللغة، كما أنهم يستطيعون التحرك بالمناطق الكردية دون أن يكتشف أمرهم.
وهذا ما حصل مؤخراً في مدينة كوباني، بحسب الصحفي الكوردي مصطفى بالي الذي أكد لإذاعة العراق الحر أن تنظيم داعش إستخدم مقاتلين أكراد أو عرب يتقنون اللغة الكردية عند هجماته الأخيرة على مدينة كوباني، حيث تمكن المهاجمون من عبور نقاط التفتيش بسهولة لأنهم كانوا يتحدثون اللغة الكردية ويرتدون ملابس القوات الكردية.
واضاف الصحفي مصطفى بالي الذي كان يتحدث لإذاعة العراق الحر من داخل مدينة كوباني، أن المقاتلين الأكراد في صفوف داعش ينحدرون من مناطق عديدة، أغلبهم من كردستان العراق، ومن مناطق تركية كردية حيث ينشط حزب الله التركي، وهناك عرب من سوريا يتحدثون اللغة الكردية بحكم إقامتهم في المناطق الكردية مثل كوباني وعفرين والجزيرة.
ومن وجهة نظر الصحفي مصطفى بالي فأن الاسباب التي تدفع الشباب الأكراد الى الإلتحاق بتنظيم داعش رغم أنه يقاتل الأكراد في العراق وسوريا، تعود الى ان المجتمع الكوردي وخاصة في العراق وتركيا مجتمع إسلامي متدين وتنشط في المناطق الكردية الأحزاب الإسلامية، كما يعاني إقليم كردستان من مشاكل سياسية وحزبية.
أبو قدس: داعش إستفاد من موضوع العقيدة وتفضيلها على القومية في تجنيد الأكراد
أبو قدس ناشطٌ ومؤسس وكالة الفرات في دير الزور، عاش في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في سوريا، أوضح لإذاعة العراق الحر أن التنظيم يُجند الشباب الأكراد مستغلاً موضوع العقيدة الدينية وإنكار القومية كما يفعل مع باقي القوميات الأخرى، وإستفاد من موضوع العقيدة في تجنيد الأكراد في مدينة كوباني وتل أبيض لإستخدامهم في معاركه.
ويؤكد أبو قدس أن التنظيم يضم في صفوفه أعداد كبيرة من المقاتلين الأكراد، المعروف عنهم الألتزام بعقيدتهم والتشدد والتطرف.
رئيس اتحاد علماء الدين الاسلامي في إقليم كردستان: إلتحاق أي كوردي بتنظيم داعش يعتبر خيانة عظمى
ملا عبد الله ملا سعيد، رئيس اتحاد علماء الدين الاسلامي في إقليم كردستان، وصف ظاهرة إلتحاق الشباب الكوردي بتنظيم داعش بـ"الظاهرة الخطيرة"، وقال في مقابلة أجراها مراسل إذاعة العراق الحر في أربيل، إن داعش يقوم بغسل أدمغة الشباب الأكراد ليقاتلوا أخوانهم البيشمركة بحجة أن الأكراد الذين يعيشون في المناطق التي تقع تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان، ليسوا مسلمين.
وتمتد جبهة الحرب التي تخوضها قوات البيشمركة الكردية ضد داعش، الى أكثر من 1050 كيلومتر مربع، تمكنت القوات الكردية وبدعم من طائرات التحالف الدولي من إعادة السيطرة على اكثر من 30% من المناطق التي اجتاحها داعش في الصيف الماضي.
ويؤكد ملا عبد الله، أن إلتحاق أي كوردي بتنظيم داعش يعتبر خيانة عظمى لأنه يخون أبناء قوميته ويخون وطنه وأرضه، داعياً الشباب الى عدم الإلتحاق بما وصفها المنظمات الإرهابية.
ووجهت أصابع الإتهام لبعض المدارس الدينية وأئمة الجوامع بتشجيع الشباب الكوردي في إقليم كردستان وحثهم على الإلتحاق بصفوف داعش، لكن ملا عبد الله ملا سعيد، رئيس اتحاد علماء الدين الاسلامي في إقليم كردستان، نفى أن يكون للمدارس الدينية أي تأثير على الشباب وإلتحاقهم بتنظيم داعش، وإنما التفسير الخاطيء للنصوص الدينية من قبل بعض من يمارس مهنة التدريس الديني أو بعض الأشخاص في الأوساط الحكومية والحزبية أيضاً، كان له التأثير السلبي على الشباب.
ساهم في البرنامج مراسلا إذاعة العراق الحر في أربيل عبد الحميد زيباري وفي سوريا منار عبد الرزاق.