مع إستمرار الصراع في سوريا تتفاقم معاناة اللاجئين السوريين الذين تجاوز عددهم في الدول المجاورة أربعة ملايين لاجئ ويتوقع أن يتخطى 4.27 مليون لاجئ بنهاية عام 2015، وفق تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة التي أكد رئيسها أنطونيو غوتيريس في بيان الخميس (9 تموز) أن هذا أكبر عدد للاجئين جراء صراع واحد، داعياً المجتمع الدولي إلى دعمهم.
عدد النازحين داخل سوريا وصل الى 7.6 مليون نازح سوري ... فراس الخطيب
ويقول المسؤول الاعلامي في منظمة الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا فراس الخطيب ان عدد النازحين داخل سوريا وصل الى 7.6 مليون نازح سوري، مشيراً في حديث لإذاعة العراق الحر الى ان المنظمة الدولية تحاول توفير الدعم الغذائي والصحي والإجتماعي لهم، بالتعاون مع منظمات محلية.
نسبة النزوح في بعض مناطق سوريا وصلت الى أكثر من 90% ... مرصد العدالة والمساءلة الحقوقي
من جهته يقول مدير مرصد العدالة والمساءلة الحقوقي عبد القادر مندو، ان النزوح الأكبر الذي شهدته سوريا كان في أواخر عام 2013 وبداية ،2014 حين تزامن مع القصف الجوي لطائرات النظام، ووصلت نسبة النزوح في بعض المناطق الى أكثر من 90%، كما حصل في محافظة حلب بالاضافة الى محافظات أخرى في الأشهر التالية.
وقالت مفوضية شؤون اللاجئين إن معظم اللاجئين الفارين من الصراع الدائر في سوريا منذ أربع سنوات يقيمون في لبنان والأردن والعراق ومصر وتركيا التي تستضيف عدداً منهم يفوق عددهم في أي بلد آخر ويبلغ 1.8 مليون سوري، ويوجد 270 ألف سوري آخرين طلبوا اللجوء إلى أوروبا، إلى جانب 7.6 مليون سوري نازحين داخل سوريا.
وكان أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون قال في وقت سابق إن نحو 12.2 مليون شخص في سوريا يحتاجون لمساعدات، بينهم أكثر من خمسة ملايين طفل.
ويؤكد أبو علاء، وهو نازح سوري يعيش مع عائلته في مخيم أطمة على الحدود السورية التركية، لإذاعة العراق الحر أن معاناة اللاجئين تتفاقم مع إستمرار الأزمة السورية، حين باتت مقومات الحياة معدومة في مخيمات اللاجئين، على حد تعبيره.
وبحسب مفوضية شؤون اللاجئين فهناك نحو 86% من 630 ألف لاجئ سوري في الأردن، يعيشون تحت خط الفقر البالغ 3.2 دولار يوميا، وأكثر من نصف السوريين اللاجئين في لبنان وعدهم 1.173 مليون يعيشون في أماكن إيواء دون المستوى المطلوب.
ويتحدث مدير مخيم الاورينت على الحدود السورية التركية بسام سليمان لإذاعة العراق الحر عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها السوريون في مخيمات اللجوء منذ خمسة أعوام، مؤكداً أن أغلبهم يفضلون العودة الى مناطقهم، لكن الخوف من قصف الطائرات السورية والبراميل المتفجرة يمنعهم من ذلك. وإنتقد بشدة ضعف دور المنظمات الإنسانية الدولية في مساعدة اللاجئين السوريين، لافتاً الى أن الأغنياء يستفيدون من برامج الإغاثة أكثر من الفقراء.
وتؤكد مديرة منظمة "هذه حياتي" في تركيا رنا بيطار، أن المنظمات الإنسانية المحلية والدولية تحاول التخفيف من معاناة اللاجئين السوريين، مشيرة الى وجود كوارث إنسانية صحية وإقتصادية وإجتماعية داخل سوريا وفي دول الجوار التي تستقبل اللاجئين السوريين، بسبب ضعف الدعم الذي تقدمه المنظمات الإنسانية وتزايد أعداد اللاجئين.
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أن لبنان والأردن وتركيا بعد استقبالهم أكثر من أربعة ملايين سوري منذ بدء الصراع في 2011 يغلقون حدودهم الآن، بسبب تأثيراتها الجانبية داخل البلدان المحتضنة.
ففي الأردن، الذي يستضيف 627 ألفا و287 لاجئا، أغلقت المملكة الباب أمام معظم السوريين الذين يطلبون اللجوء في انتهاك للالتزامات الدولية بالإبقاء على حدودها مفتوحة أمام اللاجئين الفارين.
وكانت تركيا، التي تستضيف أكثر من 1.8 مليون لاجئ سوري، أعلنت بدورها أنها ستواجه التدفق الجديد للاجئين من سوريا بإغلاق حدودها في بعض المناطق بصورة مؤقتة.
ورغم وصف الحكومة التركية وضع النزوح والحالة المعيشية للنازحين بالأفضل مقارنة مع باقي دول الجوار السوري إلا أن الواقع يقول أن النازحين في تركيا لم يحصلوا على إمتيازات وحقوق اللاجئ في تركيا بسبب رفض الحكومة منحهم هذه الصفة والإصرار على تسميتهم بالضيوف.
حصلت إنتهاكات جسيمة لحقوق اللاجئين في دول الجوار ... عبد القادر مندو
ويؤكد مدير مرصد العدالة والمساءلة الحقوقي عبد القادر مندو، حصول إنتهاكات جسيمة لحقوق اللاجئين في دول الجوار تختلف من بلد الى آخر، مسلطاً الضوء على أبرز المشاكل التي يعاني منها اللاجئ. ويضيف مندو أن الإنتهاكات بحق اللاجئين في لبنان ترتبط بالأوضاع السياسية والأمنية من طرف الأجهزة الامنية والميليشيات الموالية للحكومة السورية، وأبرزها إقتحام المخيمات وحرق الخيم والقصف من قبل الجيش اللبناني بالإضافة الى الاوضاع الإنسانية المتردية جداُ نتيجة الضروف الجوية، فضلاً عن زواج القاصرات، والعنف الجنسي.
ويذكر لاجئون سوريون انهم يعانون من مشاكل بسبب الغلاء الفاحش وقلّة الأجور، مؤكدين أنهم يتعرّضون للإستغلال في سوق العمل التركي. وقال سمير نشار، وهو لاجئ سوري شاب في مدينة غازي عينتاب التركية، إن اللاجئين الشباب يواجهون مشاكل كثيرة في مقدمتها البطالة وأرتفاع أسعار الإيجارات.
بعض المنظمات الإغاثية مافيات تستغل اللاجئين ... لاجيء سوري
ويذكر فادي العبود، خريج جامعة ونازح في مخيم أطمة الحدودي، لإذاعة العراق الحر إن اللاجئين يعانون كثيراً للحصول على لقمة العيش وإعالة عائلاتهم وإنقاذهم من الجوع، واصفاً بعض المنظمات الإغاثية بالمافيات التي تستغل اللاجئين.
وأثقل ملف اللاجئين في سوريا كاهل دول الجوار، إذ تكشف منظمة العفو الدولية في تقرير بعنوان "أزمة اللجوء العالمية وحقوق الإنسان: مؤامرة قوامها الإهمال"، أن إخفاق المجتمع الدولي في توفير التمويل الكافي للاحتياجات الإنسانية للاجئين، أو في دعم الدول المضيفة لهم من خلال سياسات إعادة التوطين جعل جيران سوريا غير قادرين على التعامل مع "التأثير المدمر".
ملف اللاجئين وجه من وجوه الكارثة السورية ... معارض سوري
ويقول محمد يحى مكتبي أمين عام الإئتلاف الوطني السوري المعارض، عن ملف اللاجئين، "إن هذا الملف الكبير الذي هو وجه من وجوه الكارثة السورية، لا تستطيع جهة من الجهات ان تتحمل عبئه لوحدها، لأن الأرقام تشير الى وجود نحو 12 مليون بين نازح ولاجئ سوري داخل وخارج سوريا وهذا الرقم يقترب من نصف عدد سكان سوريا".
وفي لقاء أجراه مراسل إذاعة العراق الحر في الشمال السوري دافع المكتبي عن أداء الإئتلاف السوري المعارض وحكومة المعارضة في مساعدة اللاجئين رغم شح الموارد المالية لديها، ولفت الى أن ميزانية داعش لعام 2015 بلغت مليارين ومئتين مليون دولار، فيما لم تتجاوز ميزانية المعارضة السورية منذ بداية تشكيل المجلس الوطني ومروراً بالإئتلاف والحكومة المنبثقة عنه لثلاثة أعوام 214 مليون دولار.
ويشدد المكتبي على أن كل ما قدم حتى الآن لمساعدة الشعب السوري لم يرتقِ الى مستوى الكارثة الإنسانية التي لحقت بسوريا بسبب ملف اللاجئين والنازحين.
شارك في البرنامج مراسلا إذاعة العراق الحر في سوريا خليل حسين ومنار عبد الرزاق.
