تعتبر حرفة صناعة المسبحات من ثمار شجرة حبة الخضرة احدى الحرف الشائعة في اقليم كردستان العراق، إذ تشتهر محافظة السليمانية بصناعة هذا النوع من المسبحات لكثرة اشجار حبة الخضرة في الجيال والوديان المحيطة بها.
واكتسب ممتهنو هذه الحرفة خبرة كبيرة وتفننوا في صناعة اشكال وانواع متعددة منها، حتى باتت جزءاً من تراث وفلكلور الكرد، ولهذه الحرفة اسرار وخفايا لا يعرفها الا اصحابها الذين توارثوها عن ابائهم واجدادهم.
ويقول عثمان محمد انه يعمل منذ 30 عاماً في هذه الحرفة التي قال انها تحتاج الى الجهد والصبر والدقة والحس الفني، واكد ان مردودها المالي لا يتناسب وحجم الجهد المبذول في صناعتها، ولكنه متمسك بهذه الحرفة لانها جزء من التراث وحفاظا عليها من الاندثار، واضاف:" هذا النوع من المسبحات له اشكال وانواع عديدة واهمها (ابلاق، لارش، لاسور)، وتتباين اسعارها بقدر الجهد المبذول في صناعتها ونوع الحبات وعددها، ولان شجرة حبة الخضرة من الاشجار الطبيعية التي تنمو في جبال كردستان فان الحصول على هذه الثمرة بحاجة الى الجهد ايضا، معظم مراحل صناعة المسبحة يتم يدويا ويحتاج الى جهد وصبر، ورغم المردود المالي القليل لهذه المهنة الا انها مازالت مستمرة وتجد رواجا ايضا".
من جهته، يشير وريا رسول، احد باعة هذا النوع من المسبحات، الى ان اشجار حبة الخضرة تنمو في الربيع ويتم قطف الثمرة في نهاية الصيف لكي تكون مكتملة النمو وجافة بما يكفي لتتحمل اجراء عمليات التثقيب والبرد والغسل والتلوين عليها، واضاف ان اسعارها تتراوح بين 10 - 100 الف دينار واحيانا اكثر من ذلك.
ويلفت المواطن مريوان صديق، احد مقتني هذا النوع من المسبحات، الى ان قيمة هذه المسبحات تزداد كلما طال زمن استخدامها ونوع النقوش التي تحملها الحبة، شرط ان تكون هذه النقوش طبيعية وغير مصنعة، واكد ان استخدام المسبحة يقلل من حدة الضغوط النفسية للفرد، وبمجرد التعود عليها يصب الاستغناء عنها صعباً، واضاف: "انا استخدم هذا النوع من المسبحات منذ سنوات، وقد رأيت أبي يحملها أيضاً، وهي جزء من الثقافة والفلكلور الكردي، بعض انواع هذه المسبحات لا تقدر بثمن لان فيها نقوشاً تصنعها الطيور، والواناً تكتسبها من الطبيعة، استخدام هذه المسبحة كان يقتصر في السابق على كبار السن، ولكن اليوم يحملها الشباب ايضا، فهي تسهم في تخفيف الضغوط النفسية والاعباء اليومية، فضلاً عن ذكر الله من خلالها".