يواصلُ تنظيم داعش توظيف الدعاية بشكلٍ متزايد وفي أساليب وتوقيتات مختلفة لجذب مجنّدين وأنصار جدد إلى صفوفه أو لتبنّي تفجيرات وهجمات انتحارية أو للتأثير في الرأي العام إزاء تطوارت ميدانية وسياسية.
وفي ردّ فعلٍ على ما يبدو على صدور أحكام قضائية بإعدام عددٍ من أعضائه نشر داعش مشاهد عمليات قتل جماعية نفذها قبل أكثر من عام في العراق. وأفادت تقارير إعلامية الأحد (12 تموز) بأن أحدث شريط فيديو نشره التنظيم تضمن صوراً لإعدام مئات المجنّدين العراقيين في ما بات يُعرف باسم "مجزرة سبايكر".
تقرير لوكالة فرانس برس للأنباء عن الشريط الجديد ذكّــر بأن تنظيم داعش الذي سيطر على أجزاء واسعة من شمال البلاد وغربها في حزيران 2014 قام بعد أيام على بدء الهجوم بأسر مئات المجندين من قاعدة سبايكر العسكرية قرب مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين قبل إعدامهم رمياً بالرصاص. وتفاوتت التقديرات في شأن عدد الأسرى إلا أن أعلاها يشير إلى نحو 1700 مجنّد.
ويُظهر الشريط الذي نُشر عبر ما تُعرف بمنتديات إلكترونية جهادية إعدام مئات المجنّدين المكدّسين جنباً الى جنب مقيّدي الأيدي عبر إطلاق النار عليهم من مسدسات ورشاشات. كما يظهر نقل المجندين في شاحنات كبيرة ورميهم منها واقتيادهم إلى حفرة كبيرة حيث تم إطلاق النار عليهم وهم ممددون أرضاً. وجرى إعدام العديد منهم ليلاً قبل أن تقوم جرافة بجرف جثثهم المكدسة.
السلطات العراقية أعلنت في العاشر من حزيران الماضي أنها عثرت حتى تاريخه على رفات نحو 600 من ضحايا سبايكر، في مقابر جماعية في تكريت التي استعادت السيطرة عليها من التنظيم مطلع نيسان.
نَــــــشرُ الشريط يأتي بعد أربعة أيام من إصدار المحكمة الجنائية المركزية أحكاماً بالإعدام شنقاً على 24 متهماً في قضية سبايكر. وأشارت فرانس برس إلى أن هذه المجزرة، إضافة إلى فتوى المرجع الديني الأعلى علي السيستاني كانت من أبرز الأسباب التي دفعت العراقيين إلى حمل السلاح ضد تنظيم داعش والقتال إلى جانب القوات الأمنية لاستعادة المناطق التي سيطر عليها.
وفي تعليقه على توقيت نشر الشريط، قال رئيس (المركز الأوربي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات) جاسم محمد لإذاعة العراق الحر "إن إصدار هذا الفيديو المرئي في هذا الوقت بالذات جاء في أعقاب صدور الأحكام القضائية العراقية بحق مدانين في قضية سبايكر...مع الملاحظة بأن أغلب الوثائق المصوّرة التي ينشرها داعش تكون مُــمَنـتجة بطريقة فنية إلا أن هذا التسجيل كان أرشيفياً ووثائقياً ما يعني أن داعش استعجل في إصداره في سبيل رفع معنويات هذا التنظيم في أعقاب المحاكمات وكذلك في أعقاب تراجعه الميداني خلال الفترة الأخيرة."
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الباحث جاسم محمد عبر الهاتف من مدينة بون الألمانية عن موضوعات أخرى ذات صلة باستخدامات داعش للأساليب الدعائية من خلال نشره تسجيلات وأشرطة تتضمن مشاهد وصوراً مروّعة بين الحين والآخر. كما أجاب عن أسئلة تتعلق بالبيانات التي ينشرها هذا التنظيم المتشدد أيضاً على ما تُعرف بمواقع جهادية وأخرى للتواصل الاجتماعي عبر شبكة الإنترنت ويعلن فيها المسؤولية عن هجمات وتفجيرات انتحارية في غير دولة إضافةً إلى سؤال آخر حول فاعلية الضربات الجوية الأميركية التي تستهدف قيادات تنظيمات متشددة والتي أُعلن أن آخرها أسفر عن مقتل زعيم بارز لداعش في أفغانستان.
يُشار إلى أن الشريط المصوّر الذي نشره داعش عن عمليات قتل جماعية لمجنّدين عراقيين نفذها قبل أكثر من عام جاء بعد بضع ساعات من نشره بياناً أعلن فيه المسؤولية عن تفجيرٍ استهدف مقر القنصلية الإيطالية في وسط العاصمة المصرية القاهرة السبت (11 تموز).
وفي عرضها للبيان الذي نُشر على موقع تويتر، أشارت وكالة رويترز للأنباء إلى أن التفجير يؤشر إلى تصعيد للعنف مع فتح المتشددين جبهة جديدة ضد الأجانب في مصر. وحتى الآن لم يستهدف الموالون لداعش في مصر أهدافاً غربية ويركّزون بدلاً من ذلك على قوات الأمن.
الناطق باسم وزارة الصحة المصرية ومسؤولون أمنيون ذكروا أن الانفجار قتل مدنياً واحداً وأصاب عشرة أشخاص آخرين. فيما أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية بأن اثنين من أفراد الشرطة بين الجرحى. وألحق الانفجار دماراً كبيراً بالقنصلية وسبّب تصدعات في مبانٍ أخرى بمنطقة بولاق أبو العلا المجاورة ودوى بقوة في أحياء أخرى عديدة.
ونُقل عن رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب القول إن بلاده في حرب ضد الإرهاب مُطالباً العالم بالتوحّد لمواجهته بعد الهجوم.
في إطار محاربة الإرهاب، يُشار إلى ما أعلنه مسؤولون أفغانيون السبت أيضاً بأن قيادياً بارزاً في تنظيم داعش قُتل في ضربة جوية بشرق أفغانستان وهو رابع قيادي بارز من التنظيم يقتل في المنطقة خلال أسبوع. وكان هؤلاء القادة ينتمون في السابق لحركة طالبان ثم أعلنوا ولاءهم لداعش.
وقالت المديرية الوطنية للأمن إن حافظ سعيد كان زعيم داعش "فيما يسمى ولاية خراسان" وهو اسم قديم يُستخدم لوصف أفغانستان وباكستان. وأضافت أن سعيد قُتل إلى جانب 30 متشدداً آخرين أثناء اجتماعهم في ضاحية أتشين بإقليم ننكرهار ليل الجمعة.
رويترز أشارت إلى أن سعيد وهو باكستاني كان من بين عدد صغير لكن متزايد من متشددي طالبان البارزين الذين انشقوا عن الحركة ليبايعوا تنظيم داعش. ونقلت عن الناطق باسم الجيش الأميركي في أفغانستان الكولونيل برايان ترايبوس السبت تأكيده أن "سلاح الجو الأميركي نفذ غارة جوية دقيقة في منطقة أتشين بإقليم ننكرهار في العاشر من تموز ضد أفراد يشكلون تهديداً للقوات"، بحسب تعبيره.