بيروت
نفّذ رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون تهديده بالنزول إلى الشارع للاعتراض على عدم بحث التعيينات الأمنية في مجلس الوزراء قبل أيّ بند آخر، رافعاً شعار حقوق المسيحيين.
ولكن هذا التحرّك الشعبي أتى هزيلاً ودون التوقعات بكثير، من حيث حجم المشاركة. فقد تحرّك حشد قليل من شباب "التيار الوطني الحر"، عبر مسيرات سيّارة منذ مساء الاربعاء في بعض المناطق في محافظة جبل لبنان وبيروت، واستكملوا تحركهم الخميس، متوجّهين الى محيط السراي الحكومي في وسط بيروت بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء اعتبرها العونيون تحدّياً لهم.
وحاول المحتجون الذين رفعوا أعلام "التيار الوطني" البرتقالية الدخول الى السراي الحكومي. لكن الإجراءات الأمنية وإقفال الطرق بالأسلاك والعوائق أعاقت تلك المحاولات. وشهدت شوارع وسط بيروت لمدة ثلاث ساعات عمليات كرّ وفرّ بين المتظاهرين والقوى الأمنية التي منعت الحشد من التقدم في اتجاه مقر الحكومة، حيث كان مجلس الوزراء مجتمعاً. وحصل تشابك بالأيدي وضرب بالعصي في شارع المصارف، أدى إلى جرح عدد من الأشخاص، بينهم عناصر أمنية.
وأعلنت قيادة الجيش أن المؤسسة العسكرية "لن تُستدرج إلى أيّ مواجهة مع أي فريق كان، وأن هدفها هو حماية المؤسسات الدستورية والممتلكات العامة والخاصة وسلامة المواطنين، إلى جانب تأمين حرية التعبير لدى جميع اللبنانيين في إطار القوانين والأنظمة المرعية الإجراء".
وأضافت أن "حشداً من المتظاهرين أقدم على اجتياز السياج الذي وضعته قوى الجيش في محيط السراي الحكومي، واعتدى بعضهم على عناصر الجيش، ما أدّى إلى إصابة سبعة عسكريين بجروح."
مشادة بين سلام وباسيل
وفيما كان المتظاهرون في الخارج ينتقلون من شارع إلى آخر، كانت جلسة مجلس الوزراء تشهد مشادّة كلامية بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل الذي تقصّد الحديث عن مخالفة الدستور والتعدّي على صلاحيات رئيس الجمهورية أمام الإعلاميين أثناء تصوير الجلسة. فما كان من سلام إلا أن ردّ عليه بالقول: "أنا لم أُعطِ الحق بالكلام، وهذا النوع من المشاغبة غير مقبول". فاستمر باسيل بالتصعيد وبنبرة عالية، فردّ عليه سلام بالقول: "عندما أتكلم أنا عليك أن تسكت يا معالي الوزير."
إلّا أن الجلسة مرّت على خير، على رغم كل ما أحاط بها. وقرّر سلام عقد الجلسة المقبلة بعد أسبوعين، على أساس أن الأسبوع المقبل يصادف عيد الفطر، على أن يكون البند الأول على جدول الأعمال مناقشة آلية عمل الحكومة. وإذ أيّد الحوار القائم بين قوى سياسية أساسية، شدد على أن الوضع لا يسمح بتحريك الشارع والذهاب الى المجهول.
مواجهة كلامية
وبعد انتهاء الجلسة، أكد عون المضي في المواجهة لعدم مخالفة الدستور، محذراً الطرف الآخر من أنه إذا أراد المواجهة "فلتكن". وشدّد في مؤتمر صحافي على أن لا "رئيس جمهورية جديداً للبنان قبل إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون جديد"، مشيراً إلى أن اليوم "يوم تاريخي" في مجلس الوزراء والشارع، مشيراً إلى أن ما حصل اليوم هو "البداية"، قائلاً:"لا أميركا أو روسيا أو غيرهما قادر على إزاحتنا شعرة عن موقفنا." وأضاف: "لا يُمكن ألا أن ننزل إلى الشارع لمواجهة أبناء الشارع، لأنهم لا يستطيعون مواجهة الحقّ بوقاحة الكذب".
وكان سلام ردّ على اتهام عون له بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية بالقول إن "عون اتهم العنوان الخاطئ، فكل الناس يمكن ان تُتهم في هذا الصدد إلّا انا، لأن لا التباس في موقفي حيال موقع الرئاسة الأولى في ظل شغور الرئاسة. وممارستي تدل الى أني بالكاد أحافظ على صلاحياتي." وقال سلام ان "العماد عون يقول كلاماً خطيراً حين يتحدث عن الفيديرالية."
ويقول مراقبون أن التسوية التي تمّ التوصل إليها أتت نتيجة جهود قام بها بعض الوزراء، بينهم وزير الداخلية نهاد المشنوق. وهي، إن دلّت على شيء، فهي تدل إلى أن إرادة الحفاظ على الحكومة ما زالت قائمة، خصوصاً أن حزب الله الذي راعى حليفه عون في السياسة، لم يشاركه في حركة الشارع. فالحزب لا يريد اليوم، فيما هومنشغل في معاركه في سوريا، خوض معارك داخلية صغيرة، لأن أوان الحلول الكبرى لم يحن بعد.