مضى على التغيير 12 عاما ولم تنفذ اي جهة وعودها بتوفير مساكن لائقة تحفظ للانسان العراقي كرامته ويكفي ان ينظر المرء حوله ليكتشف هذه الحقيقة المؤلمة.
هذه حقيقة واضحة نراها في كل مكان. جزء لا بأس به من العراقيين يعيشون في الخيم وهم النازحون والمرحلون داخليا. وجزء آخر لا بأس به ايضا يقيم في العشوائيات التي يعيش فيها الناس كيفما اتفق باعتبارها مأوى مؤقتا ثم ما لبثت ان تحولت الى مكان اقامة دائم.
مر على التغيير اثنا عشر عاما ولم يستفد العراقيون من وعود من تسلموا السلطة منذ 2003.
كل المسؤولين ابتداءا من ذلك العام وحتى اليوم يتحدثون عن مشاريع ولكن هذه المشاريع مجرد كلمة او صورة او تصميم مبدئي لم يخرج من الورقة الى الارض كي يبني مسكنا او مأوى للمشردين.
لا احد يعرف على وجه الدقة كم عدد المشردين في العراق رغم احصاءات الامم المتحدة والوزارات المتخصصة. ولا احد يعلم بحال الناس التي تعيش في العشوائيات او في الخيم او الملاجئ المؤقتة، بلا خدمات ولا مال ولا حتى اعتراف بوجودهم كمواطنين عراقيين.
في عام 2010 وضعت الحكومة عن طريق وزارة الاعمار والاسكان سياسة الاسكان الوطنية وفي عام 2011 تم تشريع قانون صندوق الاسكان
ورقمه 32 وينص على منح قروض للافراد على شكل دفعات من اجل بناء مساكن لهم واتاح هذا الصندوق فرصا محدودة لبناء مساكن لأكثر من 500 الف مستفيد.
مركز المعلومة للبحث والتطوير وهو منظمة غير حكومية نشر تقريرا قبل ايام اشار فيه الى ان ازمة السكن في العراق تمثل تحديا كبيرا وعلى صعد عديدة. التقرير لاحظ ايضا غياب الستراتيجيات الواضحة وطويلة الامد لحل هذه المشكلة المزمنة في العراق وهو ما يؤثر على النسيج الاجتماعي.
اشار التقرير الى ان الدستور العراقي كفل للمواطنين حق السكن كما جاء في المادة 30 النقطة الثانية وهنا اقتبس "تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة او المرض او العجز عن العمل او التشرد او اليتم او البطالة وتعمل وعلى وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم، وينظم ذلك بقانون" انتهى الاقتباس. وطبعا لم يتم اعتماد هذا القانون حاله حال العديد من القوانين والتشريعات المهمة التي يختلف عليها جميع من في مجلس النواب ولكنهم يتفقون على شئ واحد وهو عدم تمريرها.
لا احد يحترم قانون الاستثمار
تحدثت اذاعة العراق الحر الى عضو هيئة استثمار بغداد ثائر الفيلي الذي قال إن جميع مشاريع الاستثمار متوقفة ولم ينجز اي منها عدا مشاريع بسيطة اما الاسباب فهي غياب البنية الضرورية الاخرى. الفيلي اكد ان قانون الاستثمار جيد إذ وفر الاراضي والاجازات لكنه نبه الى عدم اهتمام النظام المصرفي ودوائر الدولة الاخرى بهذا القانون. وكان من المفترض تنفيذ 220 مشروعا استثماريا سكنيا توفر ما بين 120 الى 150 الف وحدة سكنية لكن هذه المشاريع متوقفة كلها تماما.
وذكر الفيلي اسماء الدوائر التي تتجاوز القانون ولا تهتم به مثل دائرة الضريبة ودائرة الاقامة ووزارة الداخلية ودوائر الحدود ودوائر البلدية واحيانا هيئة الاستثمار نفسها واحيانا المصارف اضافة الى تشريعات وزارة المالية.
الفيلي نبه الى ان احد الاسباب المهمة لتجاوز القانون وعدم الاكتراث به هو ضعف الدولة وعدم اتخاذها مواقف حازمة وثابتة.
الفيلي اتهم القطاعين الحكومي والاهلي بعدم الاكتراث بالناس وباحتياجاتهم مشيرا الى ان العراق يحتاج الى حوالى 3 ملايين وحدة سكنية لحل ازمة السكن وتستمر هذه الحاجة بالازدياد مع ارتفاع عدد السكان حيث يضيف هذا الارتفاع ما بين 180 الى 200 وحدة سكنية سنويا.
المشكلة هي غياب التخطيط الجاد
وقال عبد الحسين العسكري، عميد مركز التخطيط الحضري والاقليمي للدراسات العليا في جامعة بغداد إن ازمة السكن حقيقية ومتراكمة منذ عقود لكن المشكلة الاكبر تكمن في عدم وجود تخطيط مركزي حقيقي لحلها كما قال إن هذه الأزمة تؤثر على المجتمع لان الوحدة السكنية الواحدة
اصبحت تؤوي عدة اسر في وقت واحد وهو ما يربك الخدمات بشكل عام، كما تؤثر على شكل المدن بطريقة غير معقولة حتى انها اصبحت تقضي على المساحات الخضراء لاسيما مع التجاوز على الاراضي الزراعية.
العسكري قال ايضا إن العشوائيات اصبحت الان جزءا من المدينة واصبح منظرها اعتياديا وهو امر خطير للغاية، حسب وصفه.
أما الحلول وحسب رأي العسكري فتبدأ بوقف التجاوزات وتعزيز هيبة القانون والدولة ثم توفير المال اللازم لمشاريع بناء المساكن:
من جانبه قال استبرق ابراهيم الشوك وكيل وزارة الاعمار والاسكان إن هناك مشاريع كثيرة ولكن قلة التخصيصات المالية تعرقل تنفيذها.
يشار هنا الى ان صندوق الاسكان يمنح قروضا للسكن لفئات المجتمع كافة تبلغ 35 مليون دينار بالنسبة لسكان بغداد، و30 مليون دينار لسكان المحافظات الاخرى عدا اقليم كردستان، على ان يسدد القرض على مدى 20 عاماً.
بمشاركة مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد سعد كامل.