تطرّق الرئيس باراك أوباما في أحدث تصريحاته إلى محاور عدة من جهود التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لدحر داعش، ومن بينها الفترة التي سوف تستغرقها المعركة وأهمية تدريب القوات المحلية وتشديد أمن الحدود لمنع تدفق متطوعين أجانب للقتال بين صفوف التنظيم في العراق وسوريا.
أوباما أكد في التصريحات التي أدلى بها الاثنين (6 تموز) في مقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عدم وجود خطط في الوقت الحالي لإرسال قوات أميركية إضافية إلى الخارج. وجدد القول إنه بتوفّر شريك قوي على الأرض في العراق ستنجح الولايات المتحدة وحلفاؤها في إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش. وفي هذا الصدد، أشار إلى تسريع وتيرة تدريب المتطوعين المحليين لقتال داعش من بين أبناء العشائر في محافظة الأنبار.
أوباما تعهد أيضاً بزيادة الدعم الأميركي للمعارضة المعتدلة في الحرب الأهلية السورية، مضيفاً أن بلاده تحتاج لفعل المزيد لمنع هجمات تنظيم داعش وإجهاض مساعيه لتجنيد متطوعين. كما أشار إلى صعوبة منع "هجمات فردية" صغيرة داخل الولايات المتحدة رغم النجاح في منع هجمات كبيرة منذ اعتداءات الحادي عشر من أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن. وأضاف أن "جهودنا لمكافحة التطرف العنيف يجب ألا تستهدف أي فئة بعينها بسبب عقيدتها أو خلفيتها... وبينهم الأميركيون المسلمون الوطنيون وهم شركاؤنا في حفظ أمن هذا البلد."
وفي إشارته إلى الجهود المتحالفة لإلحاق الهزيمة بداعش، قال الرئيس الأميركي إن الحملة ضد هذا التنظيم المتشدد ستكون طويلة الأمد:
"هذه لن تكون حملة سريعة بل طويلة الأمد. إن تنظيم داعش انتهازي وحذق، وهو يتخندق بين السكان المدنيين الأبرياء في العديد من الأماكن بما فيها المناطق الحضرية في سوريا والعراق. لذا فإن القضاء عليه سوف يستغرق وقتاً. وهذه ينبغي أن تكون مهمة القوات المحلية على الأرض، مع التدريب والدعم الجوي من تحالفنا."
أوباما أكد أيضاً استمرار جهود استهداف عمليات التمويل غير المشروعة لتنظيم داعش، مضيفاً القول:
"باختصار، تُــثبت الخسائر الأخيرة لداعش في كلٍ من سوريا والعراق أن من الممكن إلحاق الهزيمة بهذا التنظيم، وسيُهزَم. في الواقع، نحن نكثّف جهودنا ضد قاعدة داعش في سوريا. وسوف تتواصل ضرباتنا الجوية على منشآت النفط والغاز التي تموّل الكثير من عملياته. كما سوف نتعقّب قيادة داعش والبنية التحتية لهذا التنظيم في سوريا حيث يوجد مركزه الذي يضخ الأموال والدعاية للناس في جميع أنحاء العالم."
وفي حديثه عن أهمية تدريب القوات المحلية لمحاربة داعش على الأرض، قال الرئيس الأميركي:
"في غضون ذلك، نواصلُ تكثيف التدريب والدعم للقوات المحلية التي تقاتل داعش على الأرض. وكما قلتُ سابقاً، كان هذا الجانب من استراتيجيتنا يتحرك ببطءٍ شديد. لكن سقوط الرمادي أدى إلى تحفيز الحكومة العراقية. وبالتالي، إلى جانب الخطوات الإضافية التي أمرتُ بها الشهر الماضي، نقوم بتسريع تدريب القوات التي تقاتل داعش بما في ذلك المتطوعين من القبائل السنية في محافظة الأنبار."
وأضاف الرئيس الأميركي قائلاً:
"حتى يتسنى لنا تحقيق النجاح على المدى الطويل في هذه المعركة ضد داعش، ينبغي أن نطوّر قوات الأمن المحلية التي يمكنها مواصلة التقدم. إذ من غير الكافي أن نرسل ببساطة قوات أميركية من أجل دحر تنظيماتٍ مثل داعش بشكلٍ مؤقت."
أوباما أكد أيضاً ضرورة تبادل المعلومات وتشديد أمن الحدود في سياق الشراكة بين دول التحالف من أجل وقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق:
"الشراكة مع دولٍ أخرى، وتبادل مزيدٍ من المعلومات، وتعزيز القوانين وأمن الحدود يسمح لنا بالعمل على وقف تدفق المقاتلين الأجانب الى سوريا والعراق. ومن الواضح أن ذلك سيسمح أيضاً بوقف تدفق هؤلاء المقاتلين في العودة مرةً أخرى إلى دولِنا. هذا الأمر ما يزال يشكّل تحدياً. وفي العمل معاً، ثمة حاجة لأن تبذل كل الدول مزيداً من الجهود. لكننا بدأنا نرى بعض التقدم. وسوف نستمر في تضييق الخناق على أنشطة التمويل غير المشروعة لداعش في جميع أنحاء العالم."
يُشار إلى انتقادات وجّهها زعماء من الحزب الجمهوري إلى أوباما قائلين إن الرئيس الديمقراطي ليس لديه استراتيجية ناجحة لمحاربة تنظيم داعش. وفي هذا الصدد، قال السيناتور توم كوتون من ولاية أركينساس إن "عباراته الرنانة لا تتماشى مع الواقع. على مدى العام الماضي قام تنظيم الدولة الإسلامية بتوسيع نطاق عملياته بشكل مطرد ونفوذ الجماعة ما زال يتزايد... لن نهزم جيشاً جهادياً راديكالياً بمزيد من البيروقراطيين في العاصمة واشنطن وبدون تمويل لجيشنا على خطوط الجبهة"، بحسب ما نقلت عنه وكالة رويترز للأنباء.
وفي تصريحاتٍ منفصلة، تحدث وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر عن التطورات الميدانية التي أسفرت أخيراً عن الانتصارات التي تمكنت وحدات حماية الشعب الكردية السورية من تحقيقها على مسلّحي داعش بإسنادٍ من الضربات الجوية للتحالف الدولي في محيط مدينة الرقة بشمال شرق سوريا.
وفي أحدث هذه التطورات، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء (7 تموز) أن القوات الكردية السورية استعادت السيطرة على أكثر من عشر قرى كان تنظيم داعش استولى عليها شمالي مدينة الرقة.
ونقلت رويترز عن المرصد أن الغارات الجوية المكثفة التي شنّها التحالف الدولي على شمال سوريا والاشتباكات على الأرض قتلت ما لا يقل عن 78 من مسلّحي داعش منذ ليل الأحد.
مسؤولون أميركيون وصفوا هذه الغارات بأنها "الأكثر استمرارية" منذ بدء الحملة الجوية في أيلول. وصرّح كارتر الاثنين (6 تموز) بأن الهدف منها هو تعطيل قدرة داعش على الرد على تقدم وحدات حماية الشعب الكردية السورية إلى الشمال من الرقة، مضيفاً القول:
"هذا ما فعلناه خلال عطلة نهاية الأسبوع في شمال الرقة إذ قمنا بتنفيذ ضربات جوية تُـــقيّد حرية داعش في الحركة وتحدّ من قدرته في مواجهة هذه القوات الكردية المتمكنة. إنها مسألة مهمة جداً إذ بهذه الطريقة ستُلحَق هزيمة فعالة ودائمة بداعش... حين توجد قوات محلية فاعلة على الأرض يتسنى لنا دعمها وتمكينها لتسيطر على أراضٍ وتحافظ عليها وتضمن حكمها بطريقة جيدة بعد ذلك."
وفي حديثه عن جهود التحالف الدولي في استهداف قيادات تنظيم داعش، قال وزير الدفاع الأميركي"لدينا القدرة على استهداف الأفراد في الوقت الحالي. لدينا القدرة وهذا ما نفعله. وإذا توفّرت فرصة استهداف أبو بكر البغدادي، ونحن نبحث عن هذه الفرصة، فإننا بالتأكيد سوف ننتهزها"، بحسب تعبيره.