نايف نواف الجبوري، طفل يتيم حاله حال الالاف من الاطفال الذين تشردوا بسبب العنف والحروب وفقدان الامن والاستقرار، فقد واجه المصاعب خلال رحلته من مدينته الفلوجة، ثم انتقاله الى عامرية الفلوجة بعد وفاة والدته هارباً من جحيم ابناء عمومته المنضوين تحت راية تنظيم "داعش"، كما يقول، والعيش في احدى المدارس ثم انتقاله الى منطقة ابو غريب عندما أخذه رجل التقى به في سيارة نقل من الفلوجة واستضافه في بيته، ثم اجبره على العمل في بيع (العلك) في تقاطع سيد الحليب بمنطقة المنصور ببغداد، ولانه لم يكن يجلب وارداً جيداً كان الرجل يربطه الى كرسي ويبدأ بتعذيبه بالنار، إذ تشهد بذلك آثار الحروق على يده.
هروب وبيت آمن
يقول نايف انه اضطر الى الهرب من بيت الرجل الذي استضافه ببيته في ابو غريب بعد المعاملة السيئة التي تعرض لها منه، واول ما فكر به ان يأخد هوية الاحول المدنية الخاصة به حتى يثبت شخصيته اذا ما تعرض لطارئ ما، لكنه لم يعرف الى اين يذهب.
ويتابع نايف القول بأنه توجّه صباح ذلك اليوم الى منطقة العلاوي وظل قريبا من كراج العلاوي ساعات طويلة حتى انتبه اليه احد سائقي باصات النقل الصغيرة (كيا) ويدعى ابراهيم فسأل عن حاجته فأجابه الطفل بانه لا يريد سوى مأوى يحتضنه بعيدا عن الشارع، خاصة وان الليل بدأ يسدل ظلمته على المكان، فاخذه السائق الى بيته في مدينة الصدر واطعمه ونظفه ثم أخذه الى احد شيوخ المدينة، وهناك روى الطفل قصته عليهم، وخيّروه بين ان يسكن عند احدى العائلات، او ان يذهب الى مأوى للايتام، فاختار دار الايتام ربما حتى لا تتكرر معه قصة ابو غريب والمأساة التي مر بها، والتي يقول انه لن ينساها ابداً، فذهبوا به الى (البيت الآمن للايتام) في منتصف الليل فاستقبلوه وجعلوه واحداً من نزلاء الدار.
وعبّر نايف عن سعادته بتواجده في دار الايتام، حيث توفر الطعام والنظافة والمعاملة الحسنة ووجد اصدقاءً له، وهو سيكمل دراسته الابتدائية، إذ انه مازال طالباً في الاول الابتدائي، ويحلم في ان يكون طبيباً في المستقبل كي يتمكن من معالجة الفقراء مجاناً.
إعادة تأهيل
ويقول مدير (البيت الامن للايتام) هشام الذهبي ان البيت يستقبل الاطفال الذين لامأوى لهم، وويقدم لهم المساعدة ويقوم بتأهيلهم ليكونوا افراداً نافعين في المجتمع، ويشير الى ان البيت الامن استقبل الطفل نايف في الساعة 12 منتصف الليل لانه يعلم ان بقاء طفل ليلة واحدة في الشارع سينقذه من استغلاله والاعتداء عليه. وتحدث الذهبي عن المشاكل التي واجهها نايف خلال رحلته الطويلة من الفلوجة وحتى استقراره في البيت الآمن للايتام، واحتضانه له.
ويذكر الذهبي ان الخطوة الاولى في إعادة تأهيل نايف تتمثل في انقاذه من حالة الخوف التي لازمته بسبب ظروف عيشه في الفوجة، وحالة الضياع التي واجهها، ومحاولة ادماجه في المجتمع، ويشير الى انه أعطي، لدى اول وصوله الى الدار، فترة من الزمن للعب مع اطفال الدار والاندماج معم، خضع بعدها بايام الى برنامج تأهيلي لنسيان الماضي والبدء بمرحلة جديدة وتنمية مواهبه والأهم تعليمه.
حلم الطفولة الآمن
ويضيف الذهبي ان (البيت الامن للأطفال) منظمة مدنية غير ربحية بدأت مشروعها بايواء الاطفال بعد عام 2003، مشيراً الى انهم اطلقوا مشروع الحلم الذهبي للبيت الآمن بسبب تزايد حالات التشرد واليتم بين صفوف الاطفال، وناشد وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لمساعدتهم في انجاح المشروع الذي قال انه سيحتضن مئات الاطفال المشردين في بغداد والمحافظات بالتعاون مع عدد من الوزارات، على ان تكون وزارة العمل والشؤون الاجتماعية هي الجهة المراقبة للمشروع، وانهم بانتظار الموافقات الرسمية لتنفيذ المشروع.
ويحذّر الذهبي من الاثار الاجتماعية والامنية من تنامي ظاهرة الاطفال المشردين في الشارع، وتأثير ذلك على مستوى الامن في الشارع، خاصة بعد سنوات من الان عندما يكبر هؤلاء الاطفال وهم يعيشون مشردين في الشارع، وقال ان على الحكومة ان تتحرك لاحتوائهم بشكل سريع.