فيما نفى الأردن أيّ تـــوجّه لتدخلٍ عسكري في العراق أو سوريا عززت تركيا قواتها على الشريط المحاذي للحدود السورية مع نفيها أيضاً وجود خطط فورية لأي توغل في أراضي الدولة المجاورة.
النفيُ الأردني جاء على لسان رئيس الوزراء عبد الله النسور في سياق مقابلة تلفزيونية بُثّت الجمعة وقال فيها إنه "غير وارد إطلاقاً أن يتقدم الجيش ويجتاح جنوب سوريا". وأضاف أنه في حال أقامت الأمم المتحدة منطقة آمنة في جنوب سوريا وخصوصاً في محافظتيْ درعا والسويداء فإن المملكة ترحب بذلك وستعمل كل ما بوسعها من أجل مساعدة الشعب السوري وأبناء المحافظتين الملاصقتين للحدود الأردنية.
وفي المقابلة التي أجرتها معه فضائية (العربية) ونشرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) نصّها الأحد (5 تموز) أكد النسور أن الأردن يدعم وحدة العراق وسوريا ويرفض على الإطلاق تقسيمهما. وأضاف "سنقدم المساعدة للإخوة العراقيين ورئيس وزرائهم، إذا طلبت القبائل العراقية المحاذية لحدودنا وارتأت الحكومة العراقية ذلك للوقوف في وجه داعش، ولن نساهم في تسليح القبائل العراقية الا بموافقة الحكومة العراقية."
وتابع رئيس الوزراء الأردني "نحن نتحدث هنا عن مساعدة القبائل للصمود ضد الهجمة الشرسة على حضارة العراق وأرزاق العراقيين وسيادة العراق وقوات العراقيين، ولم تبلغنا الحكومة العراقية بطلب هذه المساعدة في الوقت الراهن".
وأضاف "هناك أصوات مختلفة في مجلس النواب العراقي وهناك من يعارض بشدة المساعدة التي قد يقدمها الأردن، فيما ثمة أصوات تقول يا حكومة بغداد لا أنتم تعطونا السلاح ولا سامحين للغير بذلك"، معيداً التأكيد على "أننا نوافق لموافقة الحكومة العراقية فقط، ولا نتدخل في الشأن العراقي"، بحسب تعبيره.
رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) الدكتور واثق الهاشمي قال في تعليقه لإذاعة العراق الحر على تصريحات رئيس الوزراء الأردني إن عمّان حاولت فتح تعاون مع بغداد "وهناك أكثر من رسالة من العاهل الأردني إلى رئيس الوزراء العراقي عن استعداد الطيران الأردني للمشاركة في المعارك ضد تنظيم داعش خاصةً وأن هذا التنظيم أعلن في بيان قبل فترة ليست بالبعيدة أن ساحة العمليات القادمة ستكون عمّان...". وأضاف الهاشمي في المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي "أن وضع الأردن يختلف عن بقية الدول إذ أن فيها خلايا نائمة كثيرة وإعلانها أنها ستشارك في عمليات ربما سيولّد مشاكل وتفجيرات في الداخل الأردني...".
في الأثناء، تــــثير التقارير الواردة من تركيا عن تعزيزاتها العسكرية خلال اليومين الماضيين تكهنات باحتمال تنفيذها عملية عبر الحدود لإقامة "منطقة آمنة" داخل سوريا.
تقرير لوكالة رويترز للأنباء نقل عن مصادر أمنية الجمعة (3 تموز) أن تركيا نشرت قوات إضافية وعتاداً على امتداد جزء من الشريط الحدودي مع سوريا لكن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو نفى وجود خطط فورية لأي تدخل عسكري.
وجاء في التقرير أن أنقرة بحثت مسألة إقامة "منطقة آمنة" داخل الأراضي السورية بسبب مخاوف من تقدم الأكراد السوريين ووجود مسلحي تنظيم داعش بالإضافة إلى احتمال تدفق موجة جديدة من اللاجئين الفارّين من الصراع.
مسؤول تركي كبير صرح لرويترز بأن أنقرة لا تشعر بارتياح لوجود مسلحي داعش على مقربة من حدودها ولا لاحتمال سيطرة القوات الكردية على الحدود بالكامل. فيما قال السفير الأميركي في أنقرة جون باس للصحفيين يوم الخميس (2 تموز) إن تركيا والولايات المتحدة تعملان معاً لمواجهة تهديد وجود مسلّحي داعش في شمال سوريا. وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أنها لا تملك "دليلاً قوياً" على أن تركيا تبحث إقامة منطقة عازلة في سوريا.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أجرى الخميس (2 تموز) اتصالاً هاتفياً مع نظيره التركي بحثا خلاله "تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين والأوضاع السياسية والأمنية في العراق والمنطقة والانتصارات المتحققة على عصابات داعش". وأفاد بيان إعلامي بأن العبادي أشار إلى "أهمية تعزيز العلاقات مع الحكومة التركية في مختلف المجالات خصوصاً التجارة والاقتصاد فضلاً عن الجانب الأمني الذي يتضمن تأمين وحماية الحدود مع سوريا لوقف تسلل إرهابيي داعش والتأكيد على أن ما تفعله داعش في سوريا من تأجيج للنعرات الطائفية سينعكس حتماً على العراق وتركيا وعموم المنطقة"، بحسب ما ورَد في نصّ البيان المنشور على موقع رئيس الوزراء العراقي.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع الباحث المتخصص في الشؤون التركية علي باكير الذي قال لإذاعة العراق الحر عبر الهاتف من أنقرة "إن الحديث عن تدخل تركي يعتمد على نوع هذا التدخل هل هو لإقامة منطقة آمنة كما يقترح البعض؟ هل هو عملية جراحية؟ هل هو تدخل عسكري بري أم جوي أم مدفعي؟..." وأضاف باكير "عدا عن ذلك، تابعنا رد الفعل الأميركي على التقارير الأولية التي أشارت إلى إمكانية قيام تركيا والأردن بإقامة منطقة آمنة وكان الرد سلبياً دون أن يتضمن أي تأييد لهذه الفكرة. وانطلاقاً من هذه المعطيات.... ما يمكن أن يحصل هو عملية جوية متبوعة بغطاء مدفعي مع تدخل محدود، ربما يحصل هذا النوع من المزيج من الفترة القادمة اعتماداً على التطورات التي تحصل في الجبهة الشمالية في سوريا"، بحسب رأيه.
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الباحث المتخصص في الشؤون التركية عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها هواجس أنقرة من التقدم الميداني الذي تحرزه وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا قريباً من حدود تركيا.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع الباحث المتخصص في الشؤون التركية علي باكير متحدثاً من أنقرة، ورئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) د. واثق الهاشمي متحدثاً من بغداد.