مع إنتصاف شهر رمضان أكد مواطنون أن الأجواء التقليدية لشهر الصيام غابت عن المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ(داعش) في العراق منذ أكثر من عام.
الظروف الأمنية الصعبة التي يعيشها العراق ألقت بظلالها على أجواء شهر رمضان لهذا العام، وتراجعت الطقوس الرمضانية التقليدية، وخاصة في مدن عراقية كبيرة مثل الموصل والرمادي ومدن أخرى تعيش تحت الراية السوداء لتنظيم داعش، بحسب مواطنين هربوا مؤخراً من مدينة الرمادي وتحدثوا لإذاعة العراق الحر، بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.
وقال أحدهم أن تنظيم داعش يُجبر الشباب في الرمادي على أداء فريضة الصلاة في المساجد، ويمنع النساء من الخروج من المنازل خلال شهر رمضان.
أكد مراسل إذاعة العراق الحر في الأنبار أن تنظيم (داعش) حذر الأهالي في مدينتي الرمادي والفلوجة من مشاهدة البرامج والمسلسلات الرمضانية التي تعرض عبر المحطات الفضائية وإلا تعرضوا لعقوبات قاسية تصل إلى الإعدام.
وأفاد مراسلنا نقلا عن مصادر داخل المدينة أن التنظيم قام بإعتقال اربعة شبان وجلدهم أمام أنظار الناس في مركز مدينة الرمادي، لأنهم كانوا يشاهدون مسلسل "سيلفي" الكوميدي، وحذر التنظيم من أن العقوبات ستكون أشد.
وذكر شاب من الرمادي لإذاعة العراق الحر أن داعش قام بنصب شاشات تلفاز كبيرة في ساحات المدينة تعرض عملياته الأمنية، ومشاهد القتل والذبح بهدف غسل أدمغة الشباب والأطفال، ومنع التنظيم كل الألعاب الشعبية التي كانت تمارس من قبل الشباب خلال شهر رمضان ومنها لعبة المحيبس وغيرها.
مواطن آخر هرب من الرمادي مع عائلته الأسبوع الماضي، أكد لإذاعة العراق الحر أن الذي يفكر بلعبة المحيبس عقوبته لا تقل عن 50 جلدة، مشيراً الى أن كل الطقوس الرمضانية الإجتماعية، إختفت، وإنقطعت صلة الرحم في رمضان الذي كان مظلماً في الرمادي هذا العام.
سيدة قالت لإذاعة العراق الحر إنها صامت خمسة أيام في مدينة هيت، قبل أن تتمكن من الهرب مع عائلتها الى إقليم كردستان، وأكدت صعوبة الحياة في ظل حكم تنظيم داعش الذي يفرض تعليمات صارمة وخاصة بحق النساء، وتحدثت عن وجود "عضاضات" وهن نساء يعملن مع داعش، يقمن بعضّ كل إمرأة لا تلتزم بالزي الشرعي وتعاليم التنظيم.
وذكرت السيدة التي فضلت عدم الكشف عن هويتها أن داعش شدد من تعليماته خلال شهر رمضان، حيث تُمنع المرأة من الذهاب الى السوق أو الوقوف أمام الباب ويتم فرض غرامة على زوجها لا تقل عن 250 ألف دينار، كما يتم منع الحوامل من الذهاب للطبيب وإجراء فحوصات السونار بدعوى أنه حرام.
وفي إطار توطيد أركان دولة الخلافة التي أعلنها في العراق وسوريا، أصدر داعش تعليمات صارمة خلال شهر رمضان، وفرض عقوبات مشددة على كل من يفطر في شهر الصيام، وقام التنظيم بصلب ثمانية اشخاص في محافظة دير الزور السورية، بينهم فتيان اثنان دون الثامنة عشرة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وعلق التنظيم في اعناق خمسة رجال قام بصلبهم، لوحات صغيرة كتب عليها "يصلب يوماً كاملاً ويجلد سبعين جلدة بسبب إفطاره في رمضان".
رئيس تحرير "شبكة إعلاميو نينوى"، الناشط محمد البياتي أكد لإذاعة العراق الحر أن تنظيم داعش يقوم بمعاقبة والتشهير بالاشخاص الذين يفطرون في الموصل، لكن العقوبة ليست الصلب كما في سوريا بل وضع المفطرين في أقفاص والتعامل معهم كقرود والتشهير بهم في شوارع وأحياء المدينة، لذلك لا تجد مفطر في الموصل فالكل يخاف العقوبة.
وأوضح البياتي أن هذا ثاني رمضان يمر على الموصل وهي أسيرة بيد داعش، تعاني من أوضاع إقتصادية وإجتماعية صعبة، ومعاناة أهالي الموصل مستمرة، وزادت خلال شهر رمضان، حيث الأسواق شبه خالية وأسعار المواد الغذائية مرتفعة جداً بسبب الحصار المفوض على المحافظة من ثلاث جهات في ظل الحديث عن بدء معركة تحريرها.
وأكد البياتي أن الأجواء الروحانية لشهر الصيام إختفت عن الموصل بعد أن هجر المصلون المساجد، لافتاً الى أن أكثر من 90% من المساجد والجوامع تدار من قبل أئمة وخطباء تابعين للتنظيم، والـ 5% الباقية تدار من قبل رجال دين تابعين للحزب الإسلامي وتُثار حولهم التساؤلات والشكوك.
وبحسب البياتي منع تنظيم داعش في بداية شهر رمضان المصلين من أداء صلاة التراويح كونها بدعة، لكن بعد غضب الشارع تراجع وحددها بثمانية ركع لا غير.
ويضيف البياتي أن أكثر من 95% من أهال الموصل رافضين للدين الذي جاء به تنظيم داعش لأنه دين قتل وذبح ويمنع الموصليين عن ممارسة طقوسهم الدينية والإجتماعية التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ قرون.
بمشاركة مراسل إذاعة العراق الحر في الأنبار رعد الخاشع