نـــَـــبّهت هجماتُ يوم الجمعة الماضية التي استهدفَ فيها تنظيم داعش مصلّين في الكويت خلال شهر رمضان وسائحين أجانب في تونس إضافةً إلى هجومٍ منفردٍ ثالث نُــفّذ في فرنسا نبّهت الدول المستهدَفة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ضد الفكر المتطرف في موازاة العمل العسكري لمحاربة الإرهاب.
الكويت أعلنت الثلاثاء (30 حزيران) أن البلاد في حالة حرب مع المتشددين وأنها ستضرب بقوة الخلايا التي يعتقد أنها موجودة فيها. وجاء تصريح وزير الداخلية الكويتي الشيخ محمد الخالد الصباح بعد يوم واحد من إعلان وزير وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف الاثنين أن بلاده طردت عشرة ممن وصفهم بـ"دعاة الحقد" من أراضيها منذ مطلع العام. وأضاف أنه منذ عام 2012 تاريخ وصول الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند إلى السلطة، طردت باريس أربعين من الأئمة و"دعاة الحقد". وفيما يتعلق بتقارير أفادت بعزم الحكومة الفرنسية غلق نحو مائة مسجد سلفي بعضها "يشجع الجهاد"، نُقل عن كازنوف تصريحه لإذاعة (أوروبا 1) "إذا كانت هناك جمعيات تدير هذه المساجد ويسعى جميع أعضائها للدعوة إلى الحقد والتحريض على الإرهاب، فسوف يتم حل هذه المساجد"، بحسب تعبيره.
وكانت تونس أعلنت بعد بضع ساعاتٍ من هجوم سوسة الجمعة (26 حزيران) على لسان رئيس حكومتها حبيب الصيد أنها تعتزم أن تغلق في غضون أسبوع نحو 80 مسجداً غير خاضعة لسيطرة الدولة لتحريضها على العنف كإجراءات مضادة في أعقاب الهجوم على فندق أدى إلى قتل 39 شخصاً.
وفي بريطانيا التي سقط العديد من رعاياها ضحايا في هجوم المنتجع التونسي، حذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاثنين (29 حزيران) من أن مسلّحي داعش يخططون لهجمات محددة تستهدف بلاده لافتاً إلى أنهم يشكّلون "خطراً وجودياً" على الغرب. وقال في تصريحات لإذاعة (بي.بي.سي.) "إنه خطر وجودي لأن ما يحدث هناك هو تحريف لدين عظيم وخلق لجماعة الموت السام التي تغوي الكثير من العقول الشابة." وأضاف "هناك أناس في العراق وسوريا يخططون لتنفيذ أعمال مروّعة في بريطانيا وغيرها. ومادامت داعش موجودة في هذين البلدين فنحن في خطر"، بحسب تعبيره.
كما نُقل عنه القول إن "المذهب السام الذي يدعو الى القتل" الذي يعتنقه تنظيم داعش "يجتذب العديد من العقول الشابة في أوروبا وأميركا والشرق الأوسط وأماكن أخرى، وسيكون التصدي له عنوان كفاح جيلنا ويجب علينا خوض هذه الحرب بكل ما أوتينا من قوة". وأضاف "ينبغي علينا أن نعي أننا لا نحارب الإرهاب فقط ولكننا نحارب التطرف أيضاً، وهناك الكثير من المتطرفين الذين لا يذهبون الى حد تبرير الإرهاب ولكنهم يشاطرون الإرهابيين الكثير من الأفكار، فهم يؤيدون فكرة إقامة دولة الخلافة على سبيل المثال ويؤمنون باستحالة التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين، ويريدون استعباد النساء. يجب علينا أن نصرّ على أن هذه الآراء غير مقبولة في بلدنا"، بحسب تعبير كاميرون.
في الأثناء، ذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الاثنين أنها وبعد عام من إعلان داعش خلافة على أراضٍ تسيطر عليها في العراق وسوريا فإن هذه الجماعة المتشددة تواجه ضغطاً عسكرياً من تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لكنها ما تزال قوة فاعلة تحت يديها مدن رئيسية.
وقال الكولونيل ستيف وارين الناطق باسم البنتاغون "إنها حرب صعبة. قلنا قبل عام إن توقعاتنا باستمرار هذا القتال الساعي لطرد داعش من العراق لسنوات.. نعم سنوات." وأضاف "فقد داعش أكثر من 25 في المائة من الأراضي التي احتلها في قمة تقدمه داخل العراق. دمرنا الآلاف من معداته... نعتقد أننا نحقق أثراً"، بحسب ما نقلت عنه رويترز.
وفي تعليقه على تصريح المسؤول الأميركي بأن الصراع مع داعش سوف يستغرق "سنوات"، قال المحلل السياسي العراقي حسين العادلي لإذاعة العراق الحر إن مثل هذه التوقعات عن أمد الحرب تستند "إلى حجم داعش الكوني الممتد في كل العالم كخلايا نائمة، كفكر، كتربية، كثقافة، وكإمداد مالي، ليس فقط في العراق...ذلك أن داعش موجودة اليوم في ليبيا وفي الجزيرة العربية وفي أوروبا، وكل ساحة لها خصائصها ولها حيثياتها في المواجهة. لذلك فإن الحديث عن سقوف زمنية مرتفعة يلحظ هذا الفهم الكوني لداعش وامتداداتها"، بحسب تعبيره.
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث العادلي عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها الإجراءات التي اتخذتها دول استهدَفـــَــتـــها داعش أخيراً لمواجهة الفكر المتشدد.
من جهته، قال عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن لإذاعة العراق الحر في تعليقه على تصعيد دول عدة إجراءاتها في إطار التصدي للخطاب المتطرف إن "الدعاية الداعشية كانت تحاول أن تخلط الأوراق وتصوّر ما تسميه من جهادها وعملياتها بأن المقصود بها الشيعة والروافض وما إلى ذلك...". وأضاف حسن في التعليق الذي يمكن الاستماع إليه في الملف الصوتي أن "الجديد في الأمر الآن، ثبت أن داعش تستهدف كل المكوّنات وتعتقد أن تأسيس دولة الإسلام يجب أن يكون على أنقاض الدول ويجب أن تكون هي الصوت الوحيد والمنفرد...وما حدث مؤخراً هو أن العالم أدرك خطورة الفكر والثقافة الداعشية التي تلبس قناع الإسلام"، بحسب تعبيره.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد د. هاشم حسن والمحلل السياسي العراقي حسين العادلي.