بيروت
في صيف العام 2007 دكّ الجيش اللبناني مخيم نهر البارد الفلسطيني في شمال البلاد، بعدما تغلغل فيه تنظيم "فتح الإسلام" المتطرف على خلفية تفجيرات تورط فيها هذا التنظيم. وتمكّن الجيش من دخول المخيم وإخراج التنظيم منه. ولكن المعارك أدت إلى دمار كبير لحق بالمخيم.
وفي العام 2008، عُقد مؤتمر في فيينا تعهدت فيه الدول المانحة بتمويل عملية إعادة إعمار المخيم، على أن تنتهي العملية في العام 2011. ووضع المؤتمر خطة شاملة للإعمار، تتولى فيها الدولة اللبنانية مسؤولية الإدارة، فيما تتولى منظمة "الأونروا" تنفيذ المشروع والدول الصديقة للبنان أعباء التمويل. وكان مفترضاً أن تنتهي الأعمال خلال ثلاث سنوات، بعدما أنجزت عملية إزالة الركام والذخائر غير المنفجرة.
ويقوم المشروع على إعادة إعمار 1629 مبنى تستوعب 6164 عائلة، أي نحو 33 ألف فلسطيني، إضافة إلى 200 عائلة لبنانية خرجت من المخيم القديم الذي دُمّر كلياً و226 عائلة خرجت من المخيم الجديد الذي دُمّر جزء منه.
واليوم، وبعد مرور ثماني سنوات على أحداث نهر البارد، ما تزال نصف العائلات تقريباً خارج المخيم بسبب عدم توفر الأموال الكافية لاستكمال عملية إعادة الإعمار. وأضيف إلى هذه العائلات ألوف اللاجئين الفلسطينيين الذين هربوا من سوريا، ما زاد في تفاقم الأزمة. ويعيش هؤلاء في محيط المخيم وفي مخيم البداوي المجاور.
ومن المتوقع أن تتوقف كل الأعمال في نهاية العام الجاري إذا لم تتأمن الأموال المطلوبة. وكانت كلفة الإعمار في المخيم القديم 277 مليون دولار في العام 2008، وتمّ رفعها إلى 345 مليون دولار في العام 2013 بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء وأجرة اليد العاملة.
وقد توقفت عملية التمويل بعدما أكدت الدول العربية أنها وفت تعهداتها. إلّا أن هذه الدول لم تنفذ تعهداتها باستثناء السعودية التي دفعت 35 مليون دولار. أما المجموعة الأوروبية فدفعت 45 مليون دولار ودفعت الولايات المتحدة 80 مليوناً، فيما انسحبت كندا، في حين لم تدفع السلطة الفلسطينية سوى 2.5 مليون دولار من أصل 10 ملايين تعهدت دفعها.
وقد سعى رئيس الحكومة تمام سلام الى تأمين المبالغ المطلوبة من خلال اتصالاته بسفراء الدول المعنية، وجرى تأمين 10 ملايين دولار من الصندوق الكويتي للتنمية.
ولكن مشكلة إعادة الأعمار تتفاقم مع التدفق الكبير للاجئين من سوريا. وهناك 20 ألف لاجئ لا يزالون خارج المخيم، يضاف إليهم اللاجئون من سوريا. وما يزيد الطين بلّة هو القرار الأخير لمنظمة "الأونروا" بتقليص خدماتهابسبب قلة التمويل.
وكل هذا الوضع يهدد بتحويل مخيم نهر البارد إلى قنبلة موقوتة جديدة.