تزامنت الامتحاناتُ الوزارية للدراسة الإعدادية هذا العام مع موسم الصيف وحلول شهر رمضان، وتداعيات الأوضاع الامنية والإنسانية في عدد من محافظات العراق التي نجم عنها نزوح الاف من طلبة المرحلة الإعدادية من مدنهم بسبب سقوطها بأيدي مسلحي تنظيم داعش.
وإذ تعيش عائلات عشرات الالاف من طلبة السادس الاعدادي أجواءً استثنائية هذه الأيام تسعى من خلالها الى تيسير بيئة دراسية مناسبة لأبنائهم وبناتهم، اتخذت وزارةُ التربية خطواتٍ ترى فيها ضمانة لتسهيل العملية الإمتحانية والحد من التجاوزات او تسريب الأسئلة كما حدث في مناسبات سابقة.
قطع الانترنت كان تحسباً لتسرب الأسئلة
وزير التربية محمد إقبال زار الأحد، في إطار جولاته لتفقد سير الامتحانات وعمليات التصحيح في المراكز الامتحانية، مركزَ الفحص الرئيس للدراسة الإعدادية في العراق بحسب بيان رسمي عن مكتب الوزير.
وجاء في البيان أن إقبال اطلع على آلية الفحص وانسيابيتها، وعمل اللجان والأجوبة النموذجية. ووجه بـضرورة مراعاة ظروف الطالب التي ربما تؤثر على أدائه ومستواه.
ونُقل عن الوزير أن الأسماء في الفحص محجوبة، واللجان تتعامل مع الرقم التسلسلي فقط وأن الوزارة تعتمد مبدأ العدالة التامة في الفحص والتسجيل والتدقيق بما يضمن للطالب حصوله على حقه كاملا وعدم غبنه، بحسب البيان.
وكانت وزارة الاتصالات أعلنت السبت، بالتزامن مع بدء الامتحانات الوزارية للدراسة الإعدادية، عن إيقاف شبكة الانترنت في عموم العراق، لمدة ثلاث ساعات بتوجيه من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وفيما عزت السبب إلى منع تسريب الأسئلة الامتحانية، لفتت إلى أن التوجيه بالإيقاف جاء ليوم واحد فقط.
هذه الخطوة وجدت ردود أفعال مختلفة، ففي الوقت الذي اعترض البعضُ على قطع الانترنت، (برغم ان القطع كان في ساعات الصباح الباكر( من الخامسة وحتى الثامنة صباحا)، لاحظ علي زيدان، من بغدادأن ابنه كان منهمكا خلال الايام القليلة التي سبقت الامتحان بمراقبة مواقع الأنترنت وصفحات الفيسبوك لتسقط اخبار تسريب الأسئلة ونشرها من قبل البعض كما اوحي اليه.
وبهذا الشأن نفت لجنة التربية والتعليم البرلمانية صحة ما قيل عن تسرب اسئلة مادة الاسلامية للصف السادس الاعدادي، يوم السبت الماضي، وعدتها اشاعة كان الهدف منها زعزعة الثقة لدى الطلبة بحسب عضو اللجنة النائبة
انتصار حسن، التي بينت في تصريح لصحيفة المدى ان قرار الحكومة بقطع خدمة الانترنت لمدة 3 ساعات منعاً لتسريب الاسئلة، هو دليل قاطع على عدم بيعها وخروجها للطلبة قُبيل الامتحان.
عن أسلوب وضع الأسئلة، وقاعات الامتحان
لا ينكر كثيرون حساسية أيام الامتحانات والرهبة والقلق الذي انتابنا عندما كنا نستعد لدخول قاعة الامتحان، ويردد كثيرون قصة الطالب الذي يبرر فشله في الامتحان بتكرار قوله: بان "المعلم عداوه ويايه!" ، أو أن الأسئلة اصعب من المتوقع ومن خارج المنهج.
في بداية مشوار الامتحانات النهائية هذا العام يتجدد الحديث عن طبيعة الأسئلة ووضوحها او بمعنى اخر تعامل الطلبة معها، التعامل معها من قبل الطلبة
المدير العام للتقويم والامتحانات في وزارة التربية شاكر نعمة شدد على ان الوزارة تسعى في إجراءاتها الى تأكيد رصانة مُخرجات المدارس العراقية وضمان حصولها على التقدير من الجهات المحلية والدولية وخصوصا منظمة اليونسكو، بوضع أسئلة من مفردات المنهج الدراسي بشكل يعكس مقدرة الطالب وجهده ورصانة المنهج الدراسي.
شهدت الامتحانات الوزارية للدراسة الإعدادية هذا العام تأدية العديد من الطلاب امتحاناتهم في أبنية جامعات وكليات في مدنهم بتوجيه مبكر من وزارة التربية، بينما تجرى امتحاناتُ الطالبات في صفوف وقاعات في المدارس بمناطقهن السكنية.
وفي الوقت الذي اشتكى بعض الطلبة من وضعهم في ممرات الجامعة او تحت اشعة الشمس، أكد مسؤولون ان الطلبة يؤدون امتحاناتهم في قاعات مكيفة ولا يوجد طالب ادى امتحانه بهذه الصورة.
وبرغم اعتراف رئيسة لجنة التربية والتعليم في محافظة بغداد غروب العزاوي بان تأدية العديد من الطلبة امتحاناتهم في الجامعات والكليات سببت بعض الارباك الا أنها كانت خيارا مناسبا لتلافي معوقات في انسيابية الامتحانات وضمان منع الغش و تسريب الأسئلة كما حدث العام الماضي. وهو ما يضر بالطلبة خصوصا الجادين والحريصين.
وتفصل غروب العزاوي، خلا ل حديثها لاذاعة العراق الحر،بشأن الإجراءات التي سبقت الامتحانات بغيةالتنسيق مع الجامعات والعمل على منع تسريب الأسئلة موضحة ان هناك تنسيقا بين الجهات التربوية والحكومات الملحية لتيسير الامتحانات والمحافظة على سريةالاسئلة
وإذ تسود بيوتَ الطلبة حالةُ استنفار وترقب ومداراة إدراكا لأهمية الامتحانات العامة في التحكم بمستقبل الطلبة وتحديد خياراتهم
ودفعا للارتباك في التعامل مع الأسئلة التي قد يجدها الطلبة صعبة وغريبة عن مفردات منهجهم، يدعو علي زيدان الى وضع الأسئلة متناسبة مع الظروف التي تواجه الطلبة ومن قبل مدرسين منخرطين في التدريس فعليا
في أيام التلمذة ...هل غششتَ في الامتحان؟
في حين يبدي المدرس فاضل عبود الجشعمي من جانبه تفهما لميل الطلبة الى ملاحقة اشاعات تسريب الأسئلة، لافتا الى الظروف المحيطة بالطالب العراقي خصوصا في هذه الايام حيث ترتفع درجات الحرارة وتتزامن الامتحانات مع شهر رمضان حيث يصوم العديد من الطلبة والمدرسين.
ترى هل يعترف البعض، آباء وأمهات، ممن يوجهون النصحَ لابنائهم وبناتهم اليوم انهم قد لجأوا الى الغش في الامتحانات بشكل من الاشكال خلال سنوات دراستهم الاولى؟ ربما يصعب ان نعترف بذلك اليوم، وهذا ما يتوقف عنده الباحث التربوي فرحان قاسم الذي يجد في غش الطلبة ظاهرة مجتمعية ليست محلية عراقية بل تجدها متفشية في العديد من الدول العربية والنامية، وهي تعكس بعضا من أزمات المجتمع بمختلف اوجهه، السياسية والاقتصادية والأخلاقية.
ومع توجه عشرات الالاف من الطلبة الى قاعات الامتحانات في مختلف مدن العراق هذه الأيام يحلم بعضهم ان يحضوا يوما ما بأساليب امتحانيه غير تقليدية لا تضعه في موقف الخوف والرعب والقلق والارتباك، بل توفر له فرصا للإفصاح عن قدراته الذهنية وذكائه وإلمامه بالمادة الدراسية وإجتهاده، ومن ذلك، بحسب فرحان قاسم، تأدية الاختبار عبر الأنترنت "أون لاين" كما تعتمده العديد من الدول ، والأخذ بنظر الاعتبار تقييم المدرسة والمدرسين لكفاءة الطالب.
ويعيد بعض المختصين مقترحاً قديما جديداً يدعو الى العودة الى النتائج التي حصل عليها الطالب في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة واخذهما بالاعتبار وفق نسبٍ موضوعية، كأن تكون 20% عن نتائج الدراسة الابتدائية، و 30% للدراسة المتوسطة، و50% عند نتيجته في المرحلة الإعدادية تمهيدا لدخول الدراسات الجامعية.
شارك في الملف مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد سعد كامل.