تؤشرُ الهجماتُ الإرهابية المتزامنة الأخيرة التي تبناها داعش في غير دولة إلى استمرار تمدد هذا التنظيم خارج حدود العراق وسوريا وتنامي التهديدات التي يشكّلها على الأمن والسلم العالمييْن.
الكويت التي شيّعت السبت ضحايا الهجوم الانتحاري الذي استهدف مسجداً خلال صلاة الجمعة (26 حزيران) ما أسفر عن مقتل 27 شخصاً وإصابة 227 آخرين أعلنت ما وصفتها بـ"مواجهة شاملة بلا هوادة مع الإرهابيين، دعاة التكفير والضلال". وأكد بيان لمجلس الوزراء الكويتي أنه "لن يسمح لبذور الفتنة بأن تنمو في أرضنا الطيبة أو بتضليل الشباب المخلصين، بالأوهام والافتراءات"، بحسب تعبيره.
وفي تونس، سارعت الحكومة إلى الإعلان مساء الجمعة على لسان رئيس الوزراء حبيب الصيد أنها تعتزم أن تغلق في غضون أسبوع نحو 80 مسجداً غير خاضعة لسيطرة الدولة لتحريضها على العنف كإجراءات مضادة في أعقاب الهجوم على فندق أدى إلى قتل 39 شخصاً.
أما بريطانيا فقد حذرت من هجمات أخرى قد يشنّها متشددون إسلاميون على المنتجعات السياحية في تونس بعد مقتل 15 بريطانياً على الأقل في هجوم سوسة بالإضافة الى سائحين آخرين من ألمانيا وبلجيكا وأيرلندا. وذكرت وزارة الخارجية البريطانية في تحديث لنصائح السفر على موقعها الإلكتروني ليل السبت (27 حزيران) أن الهجمات ربما نفذها "أفراد غير معروفين للسلطات استلهموا أفعالهم من جماعات إرهابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي." فيما كتب وزيرا الدفاع والخارجية البريطانيان مايكل فالون وفيليب هاموند في مقالين صحفيين منفصلين الأحد (28 حزيران) أن جرائم القتل في تونس "ستكون عاملاً في رسم سياسات الدفاع والأمن في بريطانيا هذا العام وستقوّي عزم لندن على التصدي لما وصفاه بالخطاب السام للتطرف الإسلامي".
وفي عرضها لما أعلنه الوزيران البريطانيان، أشارت رويترز إلى هجوم سوسة بأنه كان الثاني في تونس هذا العام بعد الهجوم الذي وقع في متحف باردو في آذار عندما قتل مسلحان 21 سائحاً أجنبياً بالرصاص بعد وصولهم بحافلة.
وفي فرنسا، تواصل السلطات التحقيق مع عامل توصيل تعود أصوله إلى شمال أفريقيا ويشتبه بأنه نفذ هجوماً مروعاً قطع خلاله رأس رئيسه في العمل وحاول نسف مصنع كيماويات مملوك لشركة أميركية قرب مدينة ليون بجنوب شرق البلاد. فيما حددت أجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية هويات 473 متطرفاً فرنسياً موجودين حالياً في سوريا والعراق. وبالإضافة إلى هؤلاء، هذه الأجهزة 119 متطرفاً فرنسياً آخر قتلوا في مناطق النزاع، في حين عاد 217 متطرفاً آخر الى فرنسا.
وكان التقرير الأخير الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية في 19حزيران (وتناولته إذاعة العراق الحر في سياق الملف الإخباري الموسوم إحصاءات أميركية تؤكد تصاعد الإرهاب واستمرار تهديد داعش) ذكر أن الاتجاهات الرئيسية في الإرهاب العالمي خلال العام المنصرم شملت الاستيلاء غير المسبوق لتنظيم داعش على أجزاء واسعة من العراق وسوريا، وتدفق مقاتلين إرهابيين أجانب من أنحاء العالم للالتحاق بصفوف داعش إضافةً إلى زيادة عدد ما تُعرف بهجمات "الذئاب المنفردة" التي ينفذها متطرفون منفردون في الغرب.
رئيس (المركز الأوروبي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبار) جاسم محمد قال لإذاعة العراق الحر في تعليق عبر الهاتف من مدينة بون الألمانية على مثل هذا النوع من الهجمات إن وكالات المخابرات العالمية تجمع على صعوبة إيقافها "لأنها تتم بإمكانيات ذاتية وبدون اتصال أو تواصل مسبق عبر الشبكات التي يمكن رصد اتصالاتها". وأضاف أن هؤلاء المهاجمين المنفردين يقررون تنفيد هجماتهم بعد "الخضوع إلى الغسيل الدماغي أو من خلال الحضور إلى مساجد أو الاطلاع على صور وذلك بالاعتماد على إمكانياتهم الذاتية".
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الباحث جاسم محمد عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها التحذيرات البريطانية من هجمات إرهابية أخرى قد تستهدف السائحين والإجراءات التي أعلنتها تونس مباشرةً بعد هجوم سوسة لغلق نحو 80 مسجداً غير خاضعة لسيطرة الدولة بسبب تحريضها على العنف. وفيما يتعلق بالخطوات التي تُتخذ في العراق، أشار إلى أنها ما تزال في "إطار ردود الفعل والجهود العسكرية فقط دون تكاملها مع إجراءات أخرى ضمن استراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب".
من جهته، اعتبر المحلل السياسي العراقي حسين العادلي أن "كل المعالجات الرامية لاستئصال الإرهاب هي إلى هذه اللحظة معالجات بدائية وخجولة ولا تخلو في كثير من الأحايين من التوظيفات السياسية هنا وهناك". وأضاف في التعليق الذي يمكن الاستماع إليه في الملف الصوتي أنه "إذا كان العالم جاداً في مواجهة داعش واستئصال الإرهاب فهناك منظومة عمل متكامل دون الاكتفاء في غلق مساجد عاملة خارج إطار الدولة في تونس أو غيرها إذ في الحقيقة هناك مساجد داخل إطار الدولة أيضاً متبنية للفكر الإرهابي وللمنهج السلفي المتشدد، ونحن بحاجة إلى حزمة إجراءات متكاملة إحداها مواجهة الإرهاب على المستويين الفكري والديني"، بحسب تعبيره.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع المحلل السياسي حسين العادلي متحدثاً من بغداد ورئيس (المركز الأوروبي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبار) جاسم محمد متحدثاً من بون.