مع إعلان الوحدات الكردية سيطرتها الكاملة على بلدة تل أبيض السورية الحدودية، أعربت تركيا وفصائل سورية عن قلقها وإتهمت الأكراد بتنفيذ عمليات تهجير قسري وحملة للتطهير العرقي ضد العرب والتركمان.
وذكرت وكالة اسوشيتد برس أن المقاتلين الأكراد بسطوا الثلاثاء (16 حزيران) سيطرتهم الكاملة على بلدة تل أبيض السورية القريبة من الحدود مع تركيا في ضربة موجعة لمسلحي تنظيم الدولة الاسلامية "داعش".
وقال القيادي في وحدات حماية الشعب حقي كوباني إن المقاتلين الاكراد وحلفاءهم في الجيش السوري الحر بدأوا إزالة المفخخات والألغام التي زرعها مسلحو داعش في المدينة الحدودية ليتمكن السكان من العودة. واضاف كوباني ان استعادة السيطرة على تل أبيض "نصر لكل السوريين".
مدينة تل أبيض تحررت بشكل كامل ... عبد الكريم ساروخان
وأكد عبد الكريم ساروخان وزير الدفاع في مقاطعة الجزيرة بمحافظة الحسكة في تصريح خاص بإذاعة العراق الحر أن الوحدات الكردية مدعومة بفصائل من الجيش السوري الحر وغرفة عمليات بركان الفرات وبإسناد جوي من طائرات التحالف الدولي، تمكنت من السيطرة بشكل كامل على مدينة تل ابيض وطرد آخر مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" منها، لافتاً الى أن القوات الكردية متواجدة الآن في منطقة عين عيسى.
وظلت بلدة تل ابيض تحت سيطرة داعش لأكثر من عام، وللبلدة أهمية بالنسبة للتنظيم كونها أقرب بلدة حدودية تحت سيطرتها تربط الرقة بتركيا. وأكد أبو خليل عضو مجلس قيادة الثّورة عن الرقة أن الهدف التالي للقوات المشتركة بعد مدينة تل أبيض هو تحرير الرقة من داعش لأنهم يبعدون اليوم ما لا يقل عن 30 كليومتراً عن الرقة، مشدداً على أن الأكراد ملتزمون وأن داعش هو الخطر الأكبر على الثورة السورية اليوم لأن النظام منهار.
الهدف التالي للقوات المشتركة بعد مدينة تل أبيض هو تحرير الرقة من "داعش" ... قيادي ميداني من الجيش الحر
وبحسب القيادي ابو خليل هناك تعاون وتنسيق بين الوحدات الكردية وفصائل المعارضة التي تقاتل إلى جانبها، لافتاً الى أن علم الثورة السورية رُفع الآن في مدينة تل أبيض كي لا يخون أحد الأكراد، والعمل جارٍ لتنفيذ مشروع الإدارة المدنية في مدينة تل أبيض بمشاركة كل المكونات القومية والعرقية والمذهبية.
من جهته أكد جاسم العوّاد قائد لواء عباد الرحمن في الرقة أن هناك إنحسار وتراجع كبير لتنظيم داعش في تل أبيض، معرباً عن تخوف العشائر العربية من التمدد الكردي وقلقها من الأخبار التي تتحدث عن تهجير الوحدات الكردية لسكان المنطقة العرب.
وقال العواد نائب الأمين العام لاتحاد القبائل و العشائر السورية لمراسل إذاعة العراق الحر إن تل أبيض هي بوابة الرقة وبعد تحريرها أصبحت الرقة في مرمى نيران الفصائل المسلحة، موضحاً أن مسلحي داعش بدأوا ينسحبون باتجاه الرقة وحفر خندق حول المدينة تحسباً من تعرضها لهجمات المعارضة المسلحة.
وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (الثلاثاء) نقلاً عن السلطات التركية إن أكثر من 23 ألف لاجئ فروا من القتال في شمال سوريا وعبروا الحدود إلى تركيا. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن المتحدث باسم المفوضية وليام سبيندلر قوله في إفادة مقتضبة في جنيف "إن معظم الوافدين الجدد سوريون فروا من القتال بين القوى العسكرية المتناحرة في بلدة تل أبيض وما حولها والتي كان المتشددون يسيطرون عليها وتقع على الجانب الآخر من معبر أقجة قلعة."
إذاعة العراق الحر تحدثت الى عمر دادا من المعارضة السورية كان متواجد على معبر تل أبيض الحدودي، للحديث عن أوضاع اللاجئين، حيث أكد أنهم تعرضوا الى عمليات تهجير قسري على يد الوحدات الكردية.
ومع الإعلان عن سقوط مدينة تل أبيض الاستراتيجية في أيدى المقاتلين الأكراد قال نائب رئيس الوزراء بولنت أرنيج إن الوقائع تشير إلى ارتكاب كل من الوحدات الكرية وتنظيم داعش جرائم التطهير العرقي.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعرب عن قلقه من تقدم القوات الكردية في منطقة تل أبيض بمحافظة الرقة السورية، مشيراً الى أن تقدم الأكراد يترافق مع عمليات تهجير السكان العرب والتركمان.
تركيا ليس امامها خيارات عديدة هي بين المطرقة والسندان داعش و الأكراد ... محلل سياسي تركي
المحلل السياسي التركي محمد زاهد غول المقرّب من حزب العدالة والتنمية والحكومة التركية، أن تركيا ليس امامها خيارات عديدة هي بين المطرقة والسندان فإذا وقفت ضد تحرير تل ابيض وما يحصل فسيُقال إنها مع داعش وهي أصلا متهمة، وإذا وقفت مع الأكراد فسيكون على حساب العرب والأهالي الأصليين، لكن تركيا من خلال إغلاق الحدود تتمكن من إيقاف التهجير القسري للسكان الأصليين.
ويشير زاهد غول الى أهمية تل أبيض فهي مدينة كبيرة مساحتها الجغرافية بحجم لبنان وفيها مئات القرى، وهناك تهجير قسري ممنهج وعمليات تدمير وحرق تقوم بها الوحدات الكردية بحسب تعبيره.
ويستبعد المحلل السياسي التركي أن تتحرك تركيا أو تتدخل عسكرياً لمنع تقدم الوحدات الكردية في المنطقة، مؤكداً ان تركيا هي المستهدفة من المشروع الذي تنفذه الأحزاب الكردية في سوريا وليست القرى العربية.
ولم تأتِ الإتهامات من تركيا فقط حيث اتهمت فصائل من المعارضة السورية بينها "حركة احرار الشام" و"جيش الاسلام"، المقاتلين الاكراد بممارسة تطهير عرقي في مدينة الحسكة وفي تل ابيض. وقالت في بيان "إن قوات وحدات حماية الشعب (الكردية) نفذت حملة تطهير طائفي وعرقي جديد في حق العرب السنة والتركمان تحت غطاء من الغارات الجوية للتحالف الذي ساهم بالقصف الجوي وترهيب المدنيين ودفعهم الى الفرار من قراهم".
الوحدات الكردية لديها اليوم حدود طويلة مع تركيا، وأكراد سوريا لا يشكلون اي تهديد أو خطورة على تركيا ... مسؤول كردي
وردّ عبد الكريم ساروخان وزير الدفاع في مقاطعة الجزيرة على الإتهامات قائلاً إنها إتهامات عارية عن الصحة مصدرها ما وصفه بـ"غرفة عمليات الحرب الخاصة" التي تدعمها الحكومة التركية، مؤكداً أن هذه الفصائل الإسلامية المتطرفة تدعم داعش وأصدرت البيان للتغطية على إخفاقاتها وهزائمهما، ولإشعال نار الفتنة في المنطقة.
وبحسب ساروخان ناشدت القيادة العامة لوحدات حماية سكان مدينة تل أبيض والقرى المجاورة بالتوجه إلى مدن محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، لاشتداد المعارك بين الوحدات، وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية، لكن السكان توجهوا الى الحدود التركية لإنقاذ أرواحهم.
وأضاف ساروخان أن تقدم وحدات حماية الشعب في محافظة الرقة، جاءعقب حملة أسفرت عن طرد مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش من مناطق واسعة بمحافظة الحسكة المجاورة أسفرت عن مقتل أكثر من 500 من مسلحي داعش أغلبهم من جنسيات أجنبية.
وأكد المسؤول الكردي أن الوحدات الكردية لديها اليوم حدود طويلة مع تركيا، وأكراد سوريا لا يشكلون اي تهديد أو خطورة على تركيا، بل على العكس، معرباً عن إستغرابه من قلق الحكومة التركية بسبب تقدم الأكراد وتحريرهم لمدينة تل أبيض، ورضاها عندما كانت المدينة تخضع لسيطرة داعش.
بمشاركة مراسل إذاعة العراق الحر في الشمال السوري منار عبد الرزاق.