تـــَطرقت أحدث التصريحات الصادرة خلال قمة مجموعة السبع في ألمانيا إلى موضوع الإستراتيجية الدولية لمحاربة داعش على خلفية مطاولة هذا التنظيم في الميدان رغم تعرّضه للضربات الجوية اليومية التي ينفذها التحالف الدولي ضد مواقعه في كلٍ من العراق وسوريا.
زعماءُ الدول الصناعية الكبرى السبع (ألمانيا وبريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة) استضافوا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي شكَرهم على ما وصفه بالدعم الدولي غير المسبوق الذي حظيت به حكومته الشاملة "لجميع أطياف الشعب العراقي"، بحسب تعبيره.
وأضاف في كلمته خلال الجلسة التي خصصتها قمة السبع لمناقشة مكافحة الإرهاب يوم الاثنين (8 حزيران) "نرحب بأي جهد دولي لمحاربة داعش الذي لا يهدد العراق لوحده وإنما يهدد دول الجوار والمنطقة والعالم بأسره، وإن العالم اليوم بحاجة الى جهود حثيثة ومتضامنة لإيقاف تدفق الإرهابيين الأجانب الذين يسبّبون القتل والدمار في العراق والمنطقة، بالإضافة إلى مكافحة عمليات تهريب النفط والآثار التي يستخدمها داعش لتمويل ماكنة الإرهاب"، بحسب ما ورَد في نصّ الكلمة المنشورة على الموقع الرسمي لرئيس الوزراء العراقي.
الرئيس الأميركي باراك أوباما أبلغ العبادي خلال اجتماعهما على هامش قمة السبع أنه واثق من أن مسلّحي تنظيم داعش سيُطردون من العراق ويُهزمون لكن من المتوقع حدوث انتكاسات إلى أن يتحقق ذلك. وأضاف أن النجاحات التي حققها مسلّحو داعش في الرمادي ستكون نجاحات تكتيكية قصيرة الأجل.
وفي تصريحاتٍ أدلى بها للصحافيين كلٌ من الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في ختام القمة التي انعقدت في منطقة بافاريا في ألمانيا، أشار الزعيمان إلى استراتيجية التحالف الدولي ضد داعش بإطلاق وَصفـيْن متناقضيْن عليها. إذ فيما قال أوباما إن الولايات المتحدة ليس لديها حتى الآن ما وصفها بـ"استراتيجية متكاملة" لتدريب قوات الأمن العراقية لاستعادة الأراضي التي استولى عليها مسلّحو داعش صرّح كاميرون بأن التحالف لديه ما وصفها بـ"استراتيجية من ثلاثة مستويات" للتعامل مع التهديد الذي يشكّله هذا التنظيم. لكن الزعيمين أكدا في تصريحاتهما المنفصلة عزم التحالف الدولي على تسريع وتيرة تدريب القوات العراقية.
وفي هذا الصدد، أكد أوباما أن جميع الدول الأعضاء في التحالف مستعدة لبذل المزيد من الجهد لتدريب قوات الأمن العراقية إذا كان ذلك سيساعد في الوضع. وقال في مؤتمر صحفي "نريد أن يكون لدينا المزيد من قوات الأمن العراقية المدربة والنشطة والمجهزة تجهيزاً جيداً ومركّزاً. ويريد العبادي الشيء نفسه.. لذا فإننا ندرس سلسلة من الخطط لكيفية عمل ذلك."
وأضاف أوباما "أحد المجالات التي سوف نمضي نحو تحسينها هي السرعة في تدريبنا للقوات العراقية. فيما يتعلق بالقوات العراقية التي قمنا بتدريبها وتجهيزها مباشرةً، إنها تعمل على نحو فاعل. أما القوات التي لم نقم بتدريبها فإن المعنويات ونقص المعدات وعوامل أخرى قد تقوّض فاعلية قوات الأمن العراقية."
وقال الرئيس الأميركي أيضاً:
"جميع الدول في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش على استعداد لبذل المزيد في مجال تدريب قوات الأمن العراقية إذا ما شعرت أن العمل الإضافي ذو فائدة. إن من الأشياء التي ما نزال نراها في العراق هي الأماكن التي توجد فيها قدرات تدريبية أكثر من عدد المجنّدين. لذا فإن جزءاً من مناقشتي مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تناول كيفية ضمان أن نحصل على المزيد من المجندين. والجانب الكبير من الإجابة على ذلك يكمن في تواصلنا مع العشائر السنّية."
وفي حديثه عن موضوع الإستراتيجية التي ربَــطها بمسألة تدريب القوات العراقية، قال أوباما "ليس لدينا حتى الآن استراتيجية متكاملة لأن هذا يتطلب التزامات من جانب العراقيين أيضاً بشأن كيف يتم التجنيد وكيف سيجرى التدريب وبالتالي فإن تفاصيل كل هذا ليست جاهزة بعد"، بحسب تعبيره.
وفي عرضها للتصريحات، أشارت وكالة رويترز للأنباء في تقرير إلى أن الإستراتيجية الأميركية في العراق تعرّضت للانتقادات مرة أخرى في الأسابيع القليلة الماضية بعد أن استولى مسلّحو تنظيم داعش على مدينة الرمادي رغم الضربات الجوية التي يشنّها التحالف بهدف وقف تقدمهم واسترداد المكاسب التي حققوها. ونقلت عن شهود أن القوات الحكومية العراقية تخلّت عن أسلحتها ولاذت بالفرار.
التقرير أضاف أن أوباما تـَـجنّب الردّ على أسئلة في شأن إرسال قوات برية أميركية إلى العراق وركّز بدلاً من ذلك على تدريب القوات العراقية.
من جهته، أكد كاميرون الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي منفصل بعد الجلسة الختامية لقمة مجموعة السبع أن بريطانيا ستتوسع في مهمة تدريب عسكري في العراق خلال الأسابيع المقبلة.
رئيس الوزراء البريطاني قال للصحافيين "ناقشنا في القمة جهودنا المشتركة لهزيمة التطرف الإسلامي والإرهابيين الذين يهددون المجتمعات في سائر دول مجموعة السبع وجميع أنحاء العالم. وفي العراق، لدينا استراتيجية من ثلاثة مستويات للتعامل مع هذا التهديد. المستوى الأول يتمثل في المساعدة بتدريب قوات الأمن العراقية كي تتمكن من إلحاق الهزيمة بداعش على الأرض. ولقد تم بالفعل تدريب القوات الكردية وسنقوم بنشر 125 عسكرياً إضافياً لتوسيع هذا التدريب في جميع أنحاء العراق."
وأضاف كاميرون:
"ثانياً، الدعم السياسي الواضح لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي التقيته بعد ظهر هذا اليوم، ودعم جهوده لقيادة حكومة شاملة توحّد البلاد ضد العدو المشترك الذي هو داعش. وأخيراً، ناقشنا ما المزيد الذي يمكننا القيام به لوقف انتشار هذه الإيديولوجية السامّة من خلال معالجة أسبابها الجذرية في الداخل والخارج"، بحسب تعبيره.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور سعدي كريم العزاوي قال لإذاعة العراق الحر في تعليقه على التصريحات التي تصدر عن مسؤولين من دول التحالف الدولي ضد داعش والتي تبدو متناقضة فيما يتعلق بإستراتيجية محاربة هذا التنظيم إنه "منذ أن تشكّل التحالف الدولي ضد داعش وإسناد العراق لوحظ عدم وجود استراتيجية واضحة...بدليل أن ألمانيا أعلنت منذ الانطلاق الأول للتحالف أنها لن تتدخل عسكرياً وإنما تتدخل إنسانياً في حين شددت فرنسا على ضرورة ربط الموضوع العراقي بالموضوع السوري وكانت مشجّعة دائماً على ضرب داعش في سوريا وفي العراق فيما الولايات المتحدة الأميركية أكدت على دعم العراق وجمّدت الموقف السوري...ولهذا ظلّت الاستراتيجية الموحّدة للتحالف الدولي لمحاربة داعش وإسناد العراق ضبابـية"، بحسب تعبيره.
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها الدعم الذي أوضح كاميرون أن بريطانيا تقدمه للعراق في محاربة تنظيم داعش في إطار ما وصفها بـ"استراتيجية من ثلاثة مستويات" إضافةً إلى تسريع وصول أسلحة ومعدات أميركية إلى العراق خلال الفترة الأخيرة.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقاطع صوتية من تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيسيْ الوزراء البريطاني والعراقي ديفيد كاميرون وحيدر العبادي إضافةً إلى مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. سعدي كريم العزاوي.