قبل عام واحد سقطت الموصل بيد مسلحي داعش. وكان هذا السقوط حدثا صادما لأهل الموصل ولكل عراقي وللعالم ايضا.
قبل الموصل سقطت الفلوجة وبعد الموصل سقطت تكريت ثم ما لبثت ان سقطت الرمادي في السابع عشر من آيار الماضي.
ورغم ما يقال عن تحقيق التنظيم انتصارات عسكرية خلال هذا العام يرى مراقبون أنه ركز بالدرجة الاساس خلال هذه الفترة على حماية مواقعه التي احتلها وعلى تثبيت حكمه وفرض قوانينه على سكان المناطق التي سيطر عليها.
ويبدو ان الموصل كانت نقطة انطلاق مهمة بالنسبة للتنظيم ففيها اعلن فكرة الخلافة وفيها عرض لشخصية الخليفة حتى ان الانطباع العام هو ان اهمية الموصل تفوق بالنسبة إليه اهمية الرقة، عاصمة الخلافة كما يقول.
ترى ماذا فعل مسلحو داعش بالموصل وبسكانها منذ السقوط قبل عام؟
شهود تحدثت اليهم اذاعة العراق الحر قالوا إن ما حدث في مدينتهم منذ نكسة حزيران في عام 2014 لم يحدث على مدى تاريخ المدينة الحافل بالاحداث الكبيرة منذ تأسيسها.
وقالت نادية وهي من الموصل واهلها ما يزالون هناك وظلت خارج المدينة لانها متزوجة في بغداد، قالت إن مسلحي داعش منذ ان دخلوا الموصل منعوا الناس من استخدام الهواتف المحمولة والهواتف بشكل عام وتعاملوا بقسوة مع اهالي المدينة ممن اعترضوا عليهم او حاولوا معارضتهم كما وصفت الطرق والوسائل التي استخدمها مع النساء باعتبارهن عورة.
قطع الاتصالات مع الخارج
بالنسبة للهواتف قام المسلحون بتدمير جميع الابراج كي لا ينقل احد السكان اي خبر الى خارج المدينة غير ان بعض اهالي الموصل ومنهم اخوة نادية واخواتها يتوجهون عادة الى انحاء بعيدة والى اطراف المدينة القريبة من المحافظات المجاورة للتمكن من الارتباط بشبكة الهواتف هناك وبالتالي التحدث مع اقربائهم في بقية انحاء العراق.
وطبعا أثار توجه العديد من الاشخاص الى هذه الانحاء البعيدة شكوكا لدى عناصر داعش الذين اخذوا يندسون بين الناس دون ان يميزهم احد ويحاولون رصد كل من يتحدث بالهاتف وعادة ما يصادرون الهواتف ويعاقبون اصحابها بالجلد في بعض الاحيان ويتهمونهم بالتآمر عليهم وهو ما قد يستوجب عقوبة اشد.
وقالت نادية إن ابن خالها المقيم في اربيل مر بمثل هذه التجربة إذ كان يتحدث مع ابيه الذي بقي داخل الموصل بعد السقوط وفجأة سمع الابن ضجة وصراخا ثم انقطع الاتصال الهاتفي مع والده. وظل ابن خالها قلقا على أبيه لفترة حتى علم لاحقا انه بخير وأن دورية من عناصر داعش داهمته وهو يتحدث بالهاتف وصادرت هاتفه وحطمته امامه ثم اكتفت بأخذ مبلغ من المال منه.
ولكن كيف يتصل عناصر داعش احدهم بالاخر؟ يبدو ان لديهم اجهزة خاصة لا يملكها غيرهم ولا احد يعرف ماهيتها ومواصفاتها وكيف تعمل، حسب قول نادية.
يكسرون اصبع من يدخن
من الامور الاخرى التي حرمها داعش في الموصل التدخين وبدأ بأن اعلن ذلك على الملأ ثم نشر دوريات من عناصره في كل مكان وإذا ما شاهدوا احدا يدخن يسوقونه الى الشارع ثم يضعون اصبعه داخل قضيب حديدي ثم يلوون القضيب ما يؤدي الى كسر اصبع المدخن. أما من يمسكون به وفي حوزته سجائر او يكتشفون انه يبيعها ويجلبها من الخارج فعادة ما يعاقب بالجلد واحيانا بطرق اخرى وعليه في جميع الاحوال دفع مبلغ من المال كغرامة.
رؤية خيال امرأة حرام في رمضان
آخر اجراء فرضه عناصر داعش على النساء في الموصل خلال شهر رمضان هو منعهن من مغادرة منازلهن قبل موعد الافطار. اما السبب فاعتقادهم بأن رؤية شبح امرأة في الشارع يؤدي الى إفطار رجال المدينة.
وقبل هذا القرار ومنذ دخولهم الموصل فرض المسلحون على المرأة ارتداء الخمار الذي كان يتدلى فوق منطقة الوجه ثم ما لبث ان بدأ يطول حتى وصل الركبة والان اصبح الخمار يصل الى اخمص القدمين. ويرافق ذلك طبعا ارتداء جبة ثقيلة.
وعندما يحدث شئ يعتبرون انه خطأ يقومون بمعاقبة زوج المرأة وإن لم يكن لها زوج عاقبوا اباها او اخاها او اقرب قريب لها او لنقل ولي امرها كي يمنعها من ارتكاب الخطأ مرتين.
حدث ذلك في احدى المرات عندما كانت امرأة تسير في الشارع برفقة زوجها وكانت محجبة ولكنها كانت تضع ظلا فوق عينيها فاوقفتها دورية من عناصر داعش وأرادت اخذ زوجها لمعاقبته لكن المرأة توسلت بهم فوافقوا على عدم أخذه غير انهم اجبروه على دفع مبلغ من المال ثم قاموا بغسل وجه المرأة بماء الساقية.
لا يحق للطبيبة معالجة مريض ذكر
حرم عناصر داعش على الانثى مغادرة منزلها دون محرم ولا يهم هنا كم هو عمرها.
فرضوا ايضا على كل طبيبة الا تعالج غير النساء كما فرضوا على الاطباء من الرجال عدم استقبال مراجعين من غير الرجال. واذا ما احتاجت امرأة الى اجراء عملية مثلا فيجب ان يكون طبيب التخدير امرأة وليس رجلا ... وإلا....
اما الرجال ففرض عليهم اطلاق اللحى ولبس الرداء القصير.
مراقبة النساء والعضاضات
وروت نادية حادثة كانت فيها احدى نساء الموصل فوق سطح منزلها لنشر ملابس الاسرة بعد غسلها وكانت ترتدي الزي المتعارف عليه وتضع خمارا وترتدي جبة وكل ما فرضه داعش من شروط. غير ان ما حدث هو ان احدى الردنين انزلقت الى منطقة المرفق وهي تنشر الملابس وشاهدتها نساء أخريات من المسؤولات عن المراقبة فكان ان طرقن بابها واقتحمن الدار عنوة ثم اخضعنها لجلسة تأديبية تضمنت الضرب والعض في كل مكان من جسمها قبل ان يجبرنها على الاستماع الى درس في الاخلاق.
الطلاب ومنهج الدراسة
ادخل داعش تغييرات على المناهج الدراسية ومنع تدريس التاريخ والجغرافيا كما الغى تدريس الادب والشعر لانها من الامور المحرمة في رأيه وجرد كتاب درس الاحياء مثلا من الرسومات الايضاحية لانها محرمة ايضا. وبالتالي يدرس الطلاب شؤون الدين والاسلاميات وقواعد اللغة العربية فقط.
والغريب ان درس اللغة الانكليزية ما يزال موجودا في المدارس غير ان الكثيرين يتوقعون الغاءه عما قريب.
البضاعة في الاسواق إما محلية او من سوريا
وقالت نادية إن الاسواق في الموصل فيها مواد غذائية كافية ولكن اقل وفرة مما مضى وعادة ما يجلب داعش الرز والبقوليات والزيوت من سوريا فيما تخلو هذه الاسواق من البضاعة التي مصدرها تركيا او بغداد. ولاحظت ان اسعار المواد الغذائية في المدينة اقل منها في مناطق اخرى من العراق ويعود ذلك الى ان المزارعين لا يستطيعون نقل محصولاتهم الى اي مكان عدا مناطقهم وهم يحاولون تصريفها ولو بأثمان زهيدة. وينطبق الامر نفسه على اسعار اللحوم.
داعش يخاف من اسم داعش
من الامور التي اصبح اولياء الامور يولونها اهتماما بالغا هو عدم ترك اطفالهم في الشوارع او في الخارج دون رفقة، خوفا عليهم اولا ثم خوفا منهم.
وكانت الموصل قد شهدت حادثة فريدة من نوعها عندما كان طفل في الخامسة من العمر داخل محل برفقة ابيه فشاهد عددا من عناصر داعش ثم نطق بكلمة داعش ليسمعه هؤلاء.
عندئذ جره احدهم الى الشارع وراح يضربه ضربا مبرحا حتى انه كان كاد يفقد الوعي والحياة بين يديه. واضطر الوالد الذي لم يعرف ماذا يفعل الى التدخل وضرب ابنه هو الاخر على أمل ان يتوقف عنصر داعش عن معاقبة ابنه. ثم قدم الوالد اعتذارا لا مثيل له من المسلحين وعلل الامر بصغر سن الطفل الذي نقل في الحال الى المستشفى وكان بين الحياة والموت.
واضافت نادية التي قالت إن الطفل قريب لها أن ما يحدث في الموصل لم تعرفه الموصل من قبل.
تقرير آخر عن داعش وممارساته داخل الموصل، الاثنين 8 حزيران 2015.
