كشف مصدر مسؤول عن استعداد نحو ألف مقاتل من المعارضة السورية للانسحاب من برامج التدريب التي خصصتها الولايات المتحدة للمعارضة "المعتدلة" لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والنظام السوري.
وبحسب قائمين على تنفيذ البرنامج الأميركي، فانه يتضمن تأمين غطاء جوي وتسليحاً كاملاً، فضلاً عن تعهد الولايات المتحدة بتقديم مبلغ نصف مليار دولار بالإضافة للتدريب على السلاح النوعي.
ويقول مصطفى سيجري، عضو مجلس قيادة الثّورة السورية، وأحد القائمين على عملية التدريب، انّ فصائل سورية وافقت على المشاركة في البرنامج التدريبي لإنهاء مأساة الشعب السوري، وتشكيل جيش قوي لسوريا المستقبل، مشيراً الى انهم فوجئوا بطلب التوقيع على وثيقة أميركية تتضمن الإلتزام بقتال تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" فقط مقابل الدعم الأميركي، وهذا ما ترفضه الفصائل السورية المعتدلة.
"داعش" هو العدو الرئيس للشعب السوري ... مصطفى سيجري
وكشف سيجري في مقابلة أجراها معه مراسل إذاعة العراق الحر، عن أنّ الفصائل السورية المسلحة حاربت وتحارب "داعش"، حتى قبل أن تضعه الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب، وان الفصائل تعتبر تنظيم "داعش" ذراع النظام في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، مؤكداً أن "داعش" هو العدو الرئيس للشعب السوري.
وأوضح سيجري أنه قدم ألف مقاتل للمشاركة في البرنامج التدريبي مقابل الحصول على التسليح الكامل والتجهيز والتدريب، هذا بالإضافة الى وجود ضغط تركي عربي خليجي على الجانب الأميركي لتوفير غطاء جوي للفصائل المسلحة، لكنه أكد أن الفصائل السورية ستنسحب من البرنامج الأميركي، في حال إصرار الجانب الأميركي على توقيع الوثيقة، لأنها لا تُريد أن توصف بالعمالة لأميركا كما يتم إتهامها من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جبهة النُصرة" والتنظيمات الإسلامية الأخرى لأنها تستلم الدعم من اميركا.
وكان من المقرر أن يتم تنفيذ برنامج التدريب الذي أقره الكونغرس الأميركي، في آذار الماضي لكنه تأجل عدة مرات، فيما أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الإسبوع الماضي، بدء تدريب ما وصفها بـ"مجموعات صغيرة" من مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة على الأراضي التركية.
ويستهدف برنامج التدريب الذي أطلقته الولايات المتحدة وحلفاؤها ويستمر مدة ثلاثة أعوام، تدريب أكثر من خمسة آلاف مقاتل سوري معارض خلال العام الأول.
وكانت الأوساط السورية وخاصة الشعبية رحبت بإفتتاح معسكرات لتدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة، على أمل أن يُسرع هذا البرنامج في إنهاء الصراع الذي يعصف ببلادهم منذ خمسة أعوام، وحصد أرواح أكثر من 220 ألف قتيل، بحسب آخر إحصاء للمرصد السوري لحقوق الإنسان، إلا أن الائتلاف السوري المعارض وعلى لسان رئيسه خالد خوجة، وصف في آذار الماضي، خطط الولايات المتحدة لتدريب وتجهيز 15 ألف مقاتل من الثوار السوريين على مدى السنوات الثلاث المقبلة بـ"النكتة".
الكل متفق على مبدأ محاربة النظام أولا ثم صنيعته "داعش" ... صبحي الرفاعي
من جهته يؤكد رئيس المكتب التنفيذي في مجلس قيادة الثورة السورية صبحي الرفاعي، في حديث لإذاعة العراق الحر أن المجلس لا علاقة له ببرنامج التدريب الأميركي لا من قريب ولا من بعيد، لكنهم يؤيدون موقف الفصائل السورية الرافضة للتوقيع على وثيقة تلزمها بمحاربة "داعش" فقط.
وقال الرفاعي إنّ "حرف مسار الثورة السورية بإتجاه آخر مسألة خطيرة ولن ترضى الفصائل بذلك، لأن الكل متفق على مبدأ محاربة النظام أولا ثم صنيعته داعش"، على حد تعبيره، مبيّناً أن الفصائل المسلحة لا تعول على الدعم الأميركي، وإنما الآمال معقودة على جهود الشباب في الداخل ووحدة العمل تحت إسم قيادة الثورة السورية بالقرارات السياسية أو العسكرية.
بالنسبة لتركيا، ان رأس الأفعى في دمشق وليس "داعش" ... محلل سياسي تركي
وينفي المحلل السياسي التركي، والمقرب من مراكز صنع القرار في تركيا محمد زاهد غول، وجود فصائل سورية مشاركة في برنامج التدريب التركي -الأميركي داخل تركيا، مؤكداً أن المشاركين في البرنامج هم أفراد من فصائل مختلفة لا يمثلون فصائلهم فالحديث عن إنسحاب فصائل ورفضها للبرنامج مرفوض، كما أنه حتى هذه اللحظة لا يمكن الحديث عن مهمة هؤلاء بعد إنهاء تدريباتهم.
واضاف غول متحدثاً لمراسل إذاعة العراق الحر أن رأس الأفعى، بالنسبة لتركيا، في دمشق وليس "داعش"، رغم أن هذا التنظيم يسبب القلق لتركيا كحكومة، وللسوريين عموماً ويجب محاربته، لكن هذه المعركة مؤجلة بالنسبة لتركيا.
الجميع متفق على ضرورة تسليح المعارضة لتقاتل النظام والتنظيم معاً ... ناشط إعلامي معارض
ومن وجهة نظر الناشط الإعلامي المعارض غسان ياسين الحكومة التركية تدعم موقف الفصائل السورية الرافض للتوقيع على الوثيقة الأميركية، لأن تركيا والقوى السياسية والثورية كلها ترفض محاربة "داعش" فقط، وتريد التدريب والدعم والتسليح لمحاربة النظام والتنظيم معاً، لكن الجانب الأميركي يصر على قتال تنظيم "داعش" فقط.
ويرى ياسين أن بقاء معسكرات التدريب وفق الشروط الأميركي سُيحدث شرخاً كبيراً داخل ما وصفها بفصائل الثورة السورية، متحدثاً عن وجود تحفظات تجاه السياسة الاميركية وموضوع تدريب ما تصفه واشنطن بالمعارضة السورية "المعتدلة"، مؤكداً أن الجميع متفق على ضرورة تسليح المعارضة لتقاتل النظام والتنظيم معاً.
ويؤكد المحلل السياسي التركي محمد زاهد غول، المقرب من حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، أن تركيا تهدف من وراء تنفيذ برنامج تدريب المعارضة السورية الى إسقاط النظام السوري، وليس محاربة "داعش"، مشيراً الى أن تركيا إذا كانت تريد مقاتلة هذا التنظيم فهي لا تحتاج المعارضة السورية لتحاربها بل هي قادرة على التوجيه ضربات قوية لها، أو السماح للتحالف الدولي بتوجيه ضرباته للتنظيم من داخل الأراضي التركية.
ويستبعد زاهد غول أن تؤثر التصريحات حول إنسحاب فصائل من برنامج التدريب الأمريكي–التركي على البرنامج وأهدافه وإستمرارية معسكرات التدريب، التي تضم الأن بضع مئات من المقاتلين وليس ألف، وليس بالضرورة أن يخوض المتدربون مهمات قتالية، ولم يتم الإتفاق بين واشنطن وأنقرة حول مهمات هذه القوات بعد إنهاء تدريباتها.
وبدأت الولايات المتحدة بالفعل تدريب مقاتلي المعارضة السورية في الأردن ضمن برنامج يشمل مواقع في تركيا والسعودية وقطر. وبالإضافة إلى تركيا التي وقعت نهاية شباط الماضي إتفاقاً مع الولايات المتحدة، لتدريب وتسليح أكثر من 15 ألف مقاتل على الأراضي التركية، وافقت السعودية وقطر على استضافة معسكرات لتدريب السوريين. وإنطلقت معسكرات التدريب الأميركية للمقاتلين السوريين الشهر الماضي بـ 500 مقاتل في تركيا والأردن، قبل أن تطلب الولايات المتحدة من المشاركين التوقيع على وثيقة تحمل تعهد الفصائل المشاركة بمحاربة تنظيم "داعش" فقط.
ويتوقع حسن أبو هنية خبير الجماعات الإسلامية، فشل برنامج التدريب الأميركي- التركي في حال إنسحبت الفصائل السورية المسلحة أو سحبت مقاتليها من معسكرات التدريب، وفي ظل إختلاف الأهداف، مؤكداً عدم وجود معارضة سورية "معتدلة" بحسب المواصفات الأميركية والغربية للإعتدال، قائلاً: "لا يوجد في سوريا أي معتدلين".
واشنطن لديها مخاوف من "داعش" أكثر من النظام السوري ... حسن ابو هنية
ويشير أبو هنية الى أن واشنطن لديها مخاوف من تنظيم الدولة الإسلامية داعش، أكثر من النظام السوري، إذ أن هناك مخاوف من سقوط النظام ومن يمكن أن يملء الفراغ وتنظيم داعش وجبهة النُصرة هي أقوى الفصائل المسلحة على الساحة.
وبحسب هنية الذي كان يتحدث لإذاعة العراق الحر من العاصمة الأردنية عمان، فان هناك فرقاً بين البرنامج التدريبي الاميركي الذي يهدف الى محاربة "داعش"، والبرنامج التركي الخليجي الذي يسعى الى إسقاط النظام السوري.
ساهم في إعداد هذا التقرير مراسل إذاعة العراق الحر في سوريا منار عبد الرزاق.