قال رئيس الوزراء حيدر العبادي في مقابلة اجرتها معه فضائية العراقية الرسمية إن العراق ليس طرفا في الصراع السعودي الايراني وليس بوابة لايران ولن يتدخل في صراعات اقليمية بين البلدين إن وقعت.
هذا التصريح أثار الكثير من التساؤلات لدى عدد من المراقبين والمعنيين الذين عبروا عن عدم اقتناع وعن تشاؤم من امكانية اتخاذ موقف مثل هذا ازاء ما يجري في المنطقة.
والسبب في ذلك ان العراق فقد وزنه الحقيقي الاقليمي والعالمي منذ سنوات طويلة رغم كل ما يقال عن حجمه الاقتصادي وعن اهميته الستراتيجية وما شابه.
مراقبون تحدثت اليهم اذاعة العراق الحر قالوا إن العراق فقد ثقله منذ بدء نزاعاته وحروبه وتدهور امنه وقوته الاقتصادية كما فقده بسبب تبعية سياسيين يتحكمون في المشهد السياسي الداخلي لدول جوار عربية وغير عربية ولدول خارجية بعيدة ايضا وهو ما يؤثر على المسار بأكمله وعلى استقلاله ويجرد الدبلوماسية العراقية ومتخذي القرار السياسي ومنفذيه من حريتهم الحقيقية.
وما يؤكد فقد العراق وزنه ورغم مرور اكثر من 12 عاما على التغيير هو ان العديد من الدول العربية لم تعد الى فتح سفاراتها التي سبق ان اغلقتها في العراق، بل أن بعض الدول نقلت سفاراتها من بغداد الى اربيل، وبررت الامر بأسباب امنية وهو ما يفقد العاصمة الكثير من وزنها الذي يحاول البعض الترويج له والايهام بوجوده.
مراقب: كل سياسي يرسم سياسة العراق الخارجية حسب مشيئته
رئيس مركز النهرين للدراسات الستراتيجية واثق الهاشمي في حديثه لاذاعة العراق الحر اكد ان الحياد جميل ومهم شرط ان يكون حقيقيا ومؤثرا وفاعلا وذي وقع على دول الجوار ودول العالم غير انه نبه الى ضعف الارادة العراقية بشكل عام والى أن السياسة الخارجية العراقية لا تعتمد على وزارة الخارجية بل على مشيئة سياسيين يتصرف كل منهم بشكل منفصل عن الاخرين.
الهاشمي لاحظ وجود ضعف في طريقة ادارة الحكومة العراقية ملف التعاون مع الدول الاخرى ورأى انه لا يستغل بما يكفي موقعه الستراتيجي والاقتصادي كما نبه الى ان الدول الاخرى لا تصغي عادة الى ما يقوله العراق لاسيما عندما حذر من ان الارهاب سيطول الجميع.
واضاف الهاشمي بالقول إن وزارة الخارجية تحاول من جانبها بناء علاقات متينة مع الدول غير ان الكتل السياسية تهدم هذه الجهود وتبددها نتيجة لارتباط سياسيين بالخارج مما يؤثر على قوة القرار العراقي يضاف الى ذلك الفساد المستشري الذي ادى الى هرب الشركات الاجنبية والصراعات الداخلية المستمرة على الدوام. اضف الى ذلك ان المنطقة حبلى بكل انواع الصراعات والنزاعات فهناك صراع قطري سعودي وصراع تركي سعودي وآخر تركي مصري وخليجي ايراني وسعودي يمني الى ما ذلك.....
مراقب: عراق محايد؟ إنه ضرب من الخيال
يتوجه رئيس الوزراء حيدر العبادي الى باريس مساء الاثنين لحضور اجتماع تعقده دول التحالف ضد داعش الثلاثاء، في الثاني من حزيران الجاري، وذلك لمراجعة ستراتيجيتها ومناقشة الازمات التي يسببها التنظيم لاسيما في العراق وخاصة بعد سقوط الرمادي. هذا السقوط الذي تبادل فيه العراقيون والاميركيون اتهامات بالمسؤولية عنه.
فرنسا وعلى لسان وزير خارجيتها لورون فابيوس أكدت على ضرورة معالجة المشاكل الداخلية وتحقيق المصالحة الوطنية باعتبارها شرطا لإحراز مكاسب عسكرية.
وعادة ما تُتهم الحكومة في بغداد بالولاء والتبعية لايران المجاورة فيما يحافظ سياسيون على علاقات جيدة جدا مع دول جوار اخرى ويتمتعون بدعمها مثل السعودية وقطر وتركيا.
وقال اسامة السعيدي استاذ السياسة الدولية في كلية العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية إن بعض الدول تدعم بغداد ضد الارهاب وبعضها الاخر يدعم الارهاب ضد بغداد وإن الدبلوماسية العراقية لا ترتكز الى اسس مستقرة وهو ما يجعل ساحات العراق السياسية مفتوحة امام دور او أدوار لدول الجوار مثل ايران والسعودية وتركيا وغيرها. وكل هذه الدول تتلاعب بارادة العراق ودبلوماسيته، حسب قول السعيدي الذي تساءل: عن اي حياد يجري الحديث؟ إنه ضرب من الخيال واضاف ان كل هذه التدخلات تظهر مدى هشاشة البيئة الداخلية العراقية وعدم استقرار البيئة الدستورية وهو ما فتح المجال للاخرين للتواجد في كل مكان والتلاعب بالمشهد كما يشاؤون ومن بين هذه الاطراف الولايات المتحدة الاميركية.
السعيدي نبه الى ان من المفترض بالديمقراطية ان تعمل وفق آلية توصل شخصيات الى السلطة ثم تزيحهم عنها غير ان هذه الالية معطلة في العراق ما يجعل الامور تسير بمشيئة دول اخرى مثل تركيا وايران والسعودية وحتى الولايات المتحدة.
السعيدي قال ايضا إن الحياد غير ممكن في المنطقة مع وجود كل هذه التجاذبات والتوترات كما إن العراق ليس سويسرا كي يتمكن من اتخاذ موقف حازم وواضح يحترمه الاخرون.
مراقب: إنهم يقتلون الديمقراطية
في العراق 3 ملايين نازح يعانون ما يعانون ولا تستطيع الدولة احتواء ازمتهم ومساعدتهم بما يكفي.
وفي العراق اراض يسيطر عليها مسلحو داعش.
وفي العراق ثروة نفطية هائلة.
وفيه ايضا فساد وانهيارات امنية ومهاترات سياسية تقتل اغلب الجهود الهادفة الى تثبيت الديمقراطية وترسيخ مفاهيمها.
فمن ذا الذي يمارس الديمقراطية في العراق فيما تتفاهم الكتل فيما بينها وتتوافق على اسس لا علاقة لها بهذا المفهوم؟
ومن ذا الذي يستفيد منها؟ أهم المواطنون؟ لو كان هم الجهات المتنفذة في العراق رفاهية المواطن لما دعت منظمات العالم الى اسعاف النازحين ومساعدتهم؟ ومن هذه الجهات الاتحاد الاوربي الذي سيعلن الخميس المقبل خطة شاملة لادامة حياة ملايين العراقيين المعرضين للخطر بسبب الحروب لستة اشهر.
منظمة اليونسيف نبهت الى خطورة اوضاع 8 ملايين عراقي في حاجة الى مساعدات انسانية عاجلة، ثلاثة ملايين منهم اجبروا على النزوح بسبب تقدم مسلحي داعش.
الدول قد تشفق على الضعيف ولكنها لا تحترمه
لاحظ استاذ العلاقات الدولية في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد أنور الحيدري أن دول الجوار لم تتورع عن التدخل في شؤون العراق الداخلية وفي اعطاء رأيها في الطريقة التي يجب ان تتم بها ادارة دفة الحكم فيه وفي الشخصية الملائمة لترؤس الوزارة وفي امور اخرى عديدة وكأن هذه الدول تتحدث عن شؤون داخلية بحتة. وقد سمعنا مثل هذه الآراء والتصريحات ترد على لسان مسؤولين بارزين في العديد من هذه الدول، حسب قوله.
ولاحظ الحيدري ان موقف الحكومة في بغداد كان دائما ضعيفا ازاء مثل هذه التدخلات ثم خلص الى الاستشهاد بمثل يقال في السياسة بأن الدول قد تشفق على الضعيف ولكنها لا تحترمه.
بمشاركة من رامي احمد في بغداد