تُـــعـــززُ تصريحاتٌ صَدرت في اثنتين من أبرز الدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش ملاحظاتٍ أبداها وزير دفاع الولايات المتحدة الأميركية التي تقود التحالف وتَشكَك فيها بإرادة القوات العراقية للقتال.
نائبُ الرئيس الأميركي جو بايدن هاتَــف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاثنين (25 أيار) لطمأنته بأن واشنطن تدعم بشكلٍ كامل معركة العراق ضد داعش.
وجاء الاتصال في أعقاب ردود فعل بغداد الغاضبة إزاء تصريحات وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر يوم الأحد بأن "القوات العراقية لم تظهر أي إرادة في القتال. كانوا يفوقون القوة المعارضة عدداً لكنهم انسحبوا من المكان"، بحسب تعبيره.
بيان للبيت الأبيض أفادَ بأن بايدن أقرّ خلال المحادثة الهاتفية "بالتضحيات الهائلة والشجاعة التي أبدتها القوات العراقية في الأشهر الثمانية عشرة الأخيرة في الرمادي وغيرها." كما تعهد للعبادي بأن "تقدم الولايات المتحدة دعماً كاملاً... للجهود العراقية لتحرير الأراضي من تنظيم الدولة الإسلامية بما في ذلك الإسراع بتقديم الولايات المتحدة التدريب والعتاد لمواجهة التهديد الذي يمثّله استخدام تنظيم الدولة الإسلامية للشاحنات الملغومة".
تَــــزامَن بيان البيت الأبيض مع التقارير التي وردَت من أوتاوا الاثنين ونُقل فيها عن وزير الدفاع الكندي جيسون كيني القول إن المكاسب الحديثة لتنظيم داعش تُظهر أن الجيش العراقي يجب أن "يحسّن كفاءته بدرجة هائلة".
كيني صرح أيضاً بأن كندا ليست لديها خطط لتوسيع عملياتها التدريبية الحالية في شمال العراق حيث يعمل نحو 70 جندياً من القوات الخاصة الكندية مع مقاتلي البشمركة الكردية.
وقال الوزير الكندي للصحفيين "لسوء الحظ أن الوضع في الرمادي يُعد انتكاسة بوضوح ونداء تنبيه للجيش العراقي لتحسين كفاءته بدرجة هائلة." وذكر كيني أنه في الشهور الستة الماضية استعادت القوات العراقية ما بين 25 و30% من الأراضي التي كسبها تنظيم داعش. لكنه أضاف "نتفق مع التقييم الأميركي بأنهم ينبغي أن يفعلوا المزيد.. ينبغي أن يؤدّوا بشكل أفضل."
كيني أكد أيضاً أن كندا ستلتزم بالمساعدة في تدريب القوات الكردية على أساس أن أعضاء آخرين من التحالف الدولي ضد تنظيم داعش يعملون مع القوات العراقية في جنوب البلاد ووسطها.
وفي عرضها للتصريجات، ذكرت وكالة رويترز للأنباء أنه بالإضافة إلى مهمة التدريب تشارك ست قاذفات كندية في قصف مواقع تنظيم داعش في العراق وسوريا. ومن المقرر أن تنهي الحكومة الكندية مشاركتها في آذار 2016 لكن المسؤولين أشاروا إلى إمكانية تمديد المهمة.
في غضون ذلك، وفي لندن، كَـــرر جنرال بريطاني بارز تصريحات رئيس البنتاغون في شأن الانسحاب العسكري من الرمادي أمام تقدم مسلّحي داعش قائلاً إن إعادة بناء الجيش العراقي قد تستغرق جيلاً وإن إرسال المزيد من القوات الدولية للمساعدة في محاربة داعش لن يحلّ له مشكلة "الإرادة" في القتال.
اللواء تيم كروس القائد السابق للجيش البريطاني في العراق والذي شارك في التخطيط لعملية الغزو في عام 2003 أضاف أن الجيش العراقي يعاني من ضعف القيادة وعدم الترابط وهو الأمر الذي أدى إلى سقوط مدينة الرمادي بهذه السهولة الأسبوع الماضي.
ونقلت صحيفة (تلغراف) Telegraph اللندنية الاثنين (25 أيار) تصريحه لهيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي.) بأن "ونستون تشيرتشل قال في بداية القرن العشرين إن بإمكانك تدمير جيش بسرعة كبيرة، وبالفعل نحن فعلنا ذلك حينما قمنا بحلّ الجيش العراقي في عام 2003". وأضاف "قد يستغرق الأمر جيلاً كاملاً لبناء جيش قوي ومتمكن وقادر على النصر في حملةٍ من هذا النوع."
وفي عرضها لتصريحات القائد العسكري البريطاني السابق، أشارت صحيفة (تلغراف) إلى "أن فترة الأشهر الماضية التي تضمنت ضربات جوية للتحالف وإرسال مستشارين لإصلاح وتدريب قوات الأمن العراقية أخفقت في صدّ أساليب تنظيم داعش الهجومية."
القائد السابق لسلاح الجو الكويتي اللواء صابر السويدان قال في تعليقٍ لإذاعة العراق الحر على الانتقادات الأميركية والكندية والبريطانية للأداء العسكري العراقي إنها "لم تأتِ من فراغ" لكونها صدرت في أعقاب مشاهدة الأشرطة المصوّرة التي أظهرت الجيش العراقي وهو ينسحب من الرمادي. كما أنها تُشخّص مواطن ضعفه ومن بينها عدم التكيّف مع أسلحة ومعدات تسلّمها من دول متعددة إضافةً إلى التدريبات المستمرة لأكثر من سنة "ومع ذلك فإن الجيش انسحب من الموصل قبل عام ومن الرمادي في الأسبوع الماضي ما أدى إلى صدور انتقادات تشير إلى افتقاده إرادة القتال وهو ما يُعد بمثابة كارثة بالنسبة لجيش محترف...".
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجاب اللواء السويدان عن سؤال آخر يتعلق بأسباب عدم انتباه قوات التحالف التي كانت منتشرة في العراق بعد سقوط النظام السابق لأوجه القصور في عملية بناء الجيش العراقي.
أما الكاتب البريطاني من أصل مصري عادل دوريش فقد اعتبر في تحليله للانتقادات الأميركية والكندية والبريطانية الأخيرة "أن التعليقات فيها جانب من الصحة، ولكن الخطأ ليس كله خطأ الجيش العراقي فقط..إذ هناك أخطاء ميدانية للعراقيين على الأرض وأخطاء سياسية إلى جانب أخطاء للتحالف أيضاً ومن بينها خطأ حلّ الجيش العراقي أصلاً في عام 2003...".
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث درويش عبر الهاتف من لندن عن موضوعات أخرى ذات صلة. كما أجاب عن سؤال يتعلق بتزامن الانتقادات التي صدرت في دولٍ حليفةٍ للعراق مع تصريحاتٍ لزعماء سياسيين من الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة دعوا فيها إلى إرسال قوات برية للمساعدة في قتال داعش.
من جهته، قال رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) الدكتور واثق الهاشمي "نعم هناك ضعف في أداء الجيش العراقي ولكن الولايات المتحدة الأميركية تتحمل المسؤولية الرئيسية بالإضافة إلى العديد من دول التحالف الأخرى التي كانت في العراق بعد عام 2003 إذ أنها حلّت الجيش العراقي أولاً ثم تركته بدون تسليح وبدون غطاء جوي وبدون الكثير من القضايا الأخرى الضرورية لإسناده...هذا فيما يخوض العراق معركة كبيرة جداً في ظل وجود مشاكل داخلية وصراع سياسي"، بحسب رأيه.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلات مع القائد السابق لسلاح الجو الكويتي اللواء صابر السويدان، والكاتب البريطاني من أصل مصري عادل درويش، ورئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) د. واثق الهاشمي.