بعد التعليقات التي وردت على لسان وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر والتي قال فيها إن سقوط مدينة الرمادي يظهر ان العراقيين لا يملكون الارادة الكافية لمحاربة داعش، بعد هذه التعليقات ارتفعت اصوات الاحتجاج والاستغراب في بغداد وعلى جميع المستويات.
وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر قال الاحد في مقابلة اجرتها معه فضائية سي اين اين الاخبارية: "يبدو ان ما حدث في الرمادي هو ان القوات العراقية لم تظهر اي رغبة في القتال. كان عددهم اكبر من الطرف الاخر في الواقع غير انهم لم يقاتلوا وانسحبوا من المكان. يعني هذا بالنسبة لي ولاغلبنا أننا نواجه هنا مشكلة تتعلق بعدم رغبة العراقيين في قتال داعش والدفاع عن انفسهم. يمكننا توفير التدريب لهم والمعدات ولكن من المؤكد اننا لا يمكننا أن نخلق لديهم الرغبة في القتال".
كارتر قال ايضا إن القوات العراقية تركت وراءها عددا كبيرا من العربات التي جهزتها بها الولايات المتحدة ويشمل ذلك عددا من الدبابات.
البيت الابيض رفض التعليق على تصريحات كارتر التي دفعت العديد من الاطراف العراقية الى التعبير عن استغرابها واحتجاجها عليها.
الزاملي: تصريحات كارتر غير واقعية
وكالة اسوشيتيد بريس نقلت عن حاكم الزاملي رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية أن القادة العسكريين الاميركيين إنما يتحدثون عن اخفاقهم هم انفسهم في دعم القوات المسلحة العراقية في حربها ضد داعش ووصف تصريحات وزير الدفاع بكونها غير واقعية ولا اساس لها من الصحة واضاف ان على الولايات المتحدة ان تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عن سقوط الرمادي لانها لم توفر المعدات والاسلحة والاسناد الجوي الجيد والمطلوب للجنود. كما قال إن الجيش الاميركي يحاول القاء اللوم على أطراف اخرى.
العبادي: كارتر اعتمد معلومات خاطئة
رئيس الوزراء حيدر العبادي عبر عن استغرابه ورفضه تصريحات وزير الدفاع الاميركي وقال في مقابلة اجرتها معه هيئة الاذاعة البريطانية في اليوم نفسه إن سقوط الرمادي ادمى قلبه وأكد ان القوات العراقية كان لها الارادة بالقتال ولكنها جوبهت بهجوم مباغت من مسلحي داعش استخدم فيه عجلات مفخخة مدرعة وكان تأثير ذلك على القوات العراقية سيئا جدا وبمثابة قنبلة نووية صغيرة عليها، حسب قوله، ثم أكد قدرة العراقيين على استرجاع الرمادي خلال ايام بعد نشر قوات الحشد الشعبي في المنطقة.
العبادي قال ايضا إن كارتر كان من المؤيدين الاقوياء للعراق ثم رجح انه حصل على معلومات خاطئة.
العبادي قال ايضا في المقابلة: "لقد انتصروا (داعش) في هذه المعركة ولكن ذلك لا يعني انهم ينتصرون في الحرب. لقد ركزوا جهودهم على عدد من الجبهات وفشلوا فيها كلها ولكن بالنسبة لهذه الحالة، هذا ليس انتصارا. لقد انتصروا في معركة تكتيكية فقط. وهم يريدون توجيه رسالة مفادها أنهم ينتصرون ولكنهم لا ينتصرون. اعتقد، اننا لو قارنا بين وضعنا الان ووضعنا في الصيف الماضي، لوجدنا أنه مختلف تماما. فنحن نسترجع ونحافظ على اراض اكثر من داعش. لقد خسروا اراض اكثر من الاراضي التي حصلوا عليها. ما فعلوه الان في الرمادي هو السيطرة على منطقة صغيرة داخل المدينة بينما الاجزاء الباقية حول الرمادي وهي مناطق واسعة كانت سابقا تحت سيطرتهم".
اميركيون: القوات العراقية غادرت الرمادي بملء إرادتها
وذكرت وكالة اسوشيتيد بريس أن المسؤولين الاميركيين يقولون إنهم يرسلون الى القوات المسلحة العراقية اسلحة مضادة للدبابات غير انهم لاحظوا ان القوات العراقية لم تجبر على مغادرة الرمادي بل غادرتها بملء ارادتها ربما خوفا من عدد كبير من الشاحنات المفخخة التي يماثل حجم احداها حجم الشاحنة التي سببت التفجير الشديد في مدينة اوكلاهوما قبل عقدين من الان، حسب مسؤول في وزارة الخارجية رفض الكشف عن هويته.
الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة كان قد قال الاسبوع الماضي إن القوات العراقية لم تجبر على مغادرة الرمادي بل غادرتها بنفسها.
ونقلت وكالة اسوشيتيد بريس عن مسؤول بارز في الدفاع رفض ذكر اسمه قوله إن القوات التي غادرت الرمادي لم تتلق اي تدريب على يد القوات الاميركية او شركاء التحالف.
ومع ذلك لاحظت وكالة أسوشيتيد بريس في تقريرها أن تصريحات وزير الدفاع الاميركي الحادة عن القوات العراقية والرمادي تدفع الى طرح اسئلة عديدة عن ستراتيجة الادارة الاميركية في الحرب على تنظيم داعش وعن فعالية سياستها في العراق، القائمة على اعادة تدريب القوات المسلحة واعادة بنائها مع حث الحكومة في بغداد على التصالح مع السنة واكتفاء الولايات المتحدة بتوجيه ضربات الى مواقع تنظيم داعش من الجو دون اشراك قوات اميركية برية.
سياسة اوباما تعتمد على قيام بغداد بتقديم تنازلات سياسية للطائفة السنية المهمشة التي تمثل مصدر الافراد والمال بالنسبة لتنظيم داعش حسب الوكالة التي لاحظت انه لم يتم تحقيق الكثير من التقدم في هذا المجال.
من جانبها، سعت الولايات المتحدة الى الوصول الى العشائر السنية بنفسها وهي تقوم حاليا بتدريب عدد من المقاتلين السنة غير ان هذه الجهود محدودة بسبب عدد القوات الاميركية القليل على الارض.
القوات العراقية تترك وراءها اسلحة ومعدات
ولاحظت وكالة اسوشيتيد بريس ايضا ان القوات العراقية المتراجعة تترك وراءها بشكل متكرر معدات عسكرية اميركية تحاول طائرات التحالف إصابتها من الجو لاحقا لمنع المسلحين من الاستفادة منها. وقال البنتاغون خلال الاسبوع الماضي إن القوات العراقية تركت وراءها في الرمادي ما بين 5 الى 6 دبابات ومدافع بنفس العدد وعددا اكبر من حاملات الافراد المدرعة وحوالى 100 عربة هامفي. وقال البنتاغون إن الضربات الجوية لطائرات التحالف استهدفت اربعة مواقع قرب الرمادي ادت الى تدمير 19 عربة مدرعة.
جندي من الرمادي: اضطررنا الى الانسحاب
روى شاهد لاذاعة العراق الحر مسار الاحداث التي رافقت سقوط مدينة الرمادي بيد تنظيم داعش وقد رفض الكشف عن اسمه الحقيقي كونه ما زال مستمرا في العمل كجندي في قيادة عمليات الانبار. وقال الشاهد في حديث مطول للاذاعة يمكن الاستماع اليه في الملف الصوتي المرفق، قال إن تنظيم داعش قام بالالتفاف على مدينة الرمادي من عدة محاور اولها كان من غرب المدينة وتحديدا من منطقة البو فراج لغرض عزل القطعات العسكرية في شرق الانبار وشمالها إحداها عن الاخرى، وتعطيل الامدادات واضاف ان التنظيم استغل في ذلك جفاف النهر الفاصل بين ضفة مدينة الرمادي ومنطقة البو فراج مما ساعدهم على التوغل راجلين على الاقدام. وبعد عبور
مسلحي داعش النهر ووصولهم الى منطقة الجمعية ومركز مدينة الرمادي بدأوا بهجوم ضخم على حد وصفه باكثر من 25 سيارة ملغمة بعجلات كبيرة وشفلات ايضا تم تفجيرها على القطعات العسكرية وقيادة عمليات الانبار متابعا انه بعد هذا الهجوم الضخم وعدم قدرة القوات الامنية على الصمود بسبب قطع الامدادات وضعف الغطاء الجوي قرر القادة اعطاء امر الانسحاب حفاظا على ارواح الجنود وخوفا من حصول مجزرة كما في قاعدة سبايكر لاسيما مع وجود اكثر من 1500 عسكري في قيادة العمليات فضلا عن القطعات التي كانت منتشرة خارج موقع العمليات. شاهد العيان لفت الى ان مدينة الرمادي كانت تحتوي على مقر قيادة عمليات الانبار والفرقة العاشرة وقيادة العمليات الخاصة التابعة لجهاز مكافحة الارهاب بقيادة اللواء فاضل برواري اثناء عمليات الهجوم على الرمادي وظلت صامدة بعد سقوط الرمادي لمدة يومين بعدها انسحبت القطعات بسبب الامدادات التي كانت تصل الى التنظيم مقارنة بالوضع السيء الذي كانت تعيشه القوات العراقية بعد محاصرتها دون مساعدة تذكر وانسحاب جهاز مكافحة الارهاب وترك الجميع، معتبرا ان قرار الانسحاب من مدينة الرمادي كان قرارا فرديا قرره القادة الميدانيون دون الرجوع الى بغداد لكنه كان مناسبا على حد وصفه للحفاظ على ارواح الاف العسكريين المنتشرين في مدينة الرمادي لاسيما بعد عزل قيادة العمليات عن منطقة السجارية والخالدية وتطويقها من جميع الاتجاهات. موضحا ان الانسحاب للقطعات الامنية رافقه
فتح طريق ترابية من خلال القطعات المنسحبة باطلاق نار كثيف تجاه العدو مما سمح للقوات الامنية بالانسحاب تحت تبادل النيران مع داعش. مضيفا ان الحديث الذي تناقلته وسائل الاعلام عن ترك كميات كبيرة من السلاح في الرمادي تحت سطوة داعش غير صحيح لان القوات الامنية استطاعت اخذه اثناء عملية الانسحاب الى قاعدة الحبانية، مستدركا ان عملية الهجوم على مدينة الرمادي كان قيادة العمليات الانبار تعلم بها بعد ان حشد داعش مئات من مقاتليه وتمت مناشدة قيادة العمليات المشتركة في بغداد لارسال تعزيزات لكن دون جدوى فقد ارسلت تسع همرات فقط وهو ما لا يوازي حجم المعركة التي دخلتها القوات الامنية مع داعش قبل الانسحاب،منوها الى ان الحديث عن ان مائة شخص من داعش اسقطوا الرمادي غير صحيح فقد كانوا باعداد كبيرة تصل الى اكثر من الالف لكن الذين فجروا انفسهم والمسؤولين عن الاحزمة والدخول بمواجهات مباشرة مثل الانتحاريين قد لا يتجاوز عددهم المائة لكن العدد كان كبيرا جدا فضلا عن التعزيزات التي تصل للتنظيم من الموصل وزيادة قدرتهم في الصحراء بعد تحرير صلاح الدين وهذا كله تعلم به الحكومة العراقية لكن دون تقديم اي مساعدة. مؤكدا ان القوة جوية العراقية تملك طائرتين واحدة للاستطلاع والتصوير فقط واخرى قتالية لا تحمل سوى صاروخين وهي لا توازي حجم المعارك باي شكل من الاشكال مع تراخي طيران التحالف بتوجيه الضربات حسب قوله، ثم ختم حديثه بالقول ان القوات الامنية العراقية لديها القدرة على اعادة الرمادي وتحريرها اذا ما وضعت خطة تمهيدية بضرب اطراف المدينة التي يتمركز بها داعش عبر المدفعية والطيران الجوي وتحشيد قوات من الجهة الشرقية للمدينة من منطقة الحبانية واخرى من منطقة النخيب.
بمشاركة من مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد رامي احمد.