مع سيطرتهم على أكبر وآخر قاعدة للجيش في إدلب، يواصل مسلحو المعارضة السورية تقدمهم شمال غرب سوريا، يأتي هذا في الوقت الذي تعرب أوساط سورية عن قلقها من سيطرة الإسلاميين المتشددين على محافظة إدلب وتكرار سيناريو الرقة التي حولها "داعش" إلى عاصمة خلافة "الدولة الإسلامية".
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات السورية انسحبت من قاعدة مسطومة، وهي أكبر قاعدة عسكرية متبقية للنظام في محافظة إدلب بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحين يقودهم إسلاميون.
وأضاف المرصد أن قوات الجيش اتجهت صوب بلدة أريحا في الشمال وهي واحدة من آخر المعاقل الحكومية في المحافظة، ليصبحوا أكثر قرباً من المناطق الساحلية التي تشكل المعقل الرئيسي للأقلية العلوية التي ينتمي اليها الأسد.
وأفادت رويترز نقلاً عن حسام أبو بكر القيادي في جماعة أحرار الشام التي تشارك في تحالف المعارضة المسلحة الذي استولى على القاعدة، أن المقاتلين سيواصلون تقدمهم صوب أريحا ومناطق أخرى.
الصيف المقبل سيكون صيفاً حارا على الدكتاتور وأعوانه ... مسؤول في حركة أحرار الشّام
وأكد مسؤول العلاقات العامة في حركة أحرار الشّام المنضوية تحت راية جيش الفتح، أنس أبو مالك، أن شهية مقاتلي المعارضة في أعلى درجاتهالفتح جبهات جديدة بعد إنتصارات إدلب وجسر الشغور ومعسكر القرميد، متوقعاً ان يكون الصيف القادم صيفاً حارا على الدكتاتور وأعوانه على حد تعبيره. وأشار أبو مالك الى أن هناك تفاؤلاً وإعداداً لكي يكون عام 2015 عام نقطة التحول التاريخية في سوريا الحرة الخالية مما وصفه بالإستبداد والطغيان والدكتاتورية.
وكان "جيش الفتح" الذي يضم فصائل إسلامية متشددة، سيطر نهاية آذار الماضي على مدينة إدلب، ثاني المدن السورية الّتي تخرج عن سيطرة النظام السوري، بعد مدينة الرقة.
وفيما تُشير تقارير إعلامية الى نية جبهة "النصرة" فك ارتباطها بالقاعدة، والانخراط في الفصائل الإسلامية على الأرض ذات المشروع الوطني، هناك مخاوف في الاوساط السورية من سيطرة النُصرة على تلك المدن من أجل إعلان إمارتها المرتقبة، الأمر الذي يُقلل من أهميته المسؤول في حركة أحرار الشّام الإسلامية "أنس أبو مالك" مشيراً إلى أنّ التفاهمات الحاصلة بين مكونات جيش الفتح تمنع طغيان وسيطرة أي فصيل على فصيل آخر، وتمنع تفرده في السلطة.
وكانت حركة أحرار الشام الإسلامية أعلنت في وقت سابق عن رفضها لتشكيل إمارة إسلامية أو محاولة فرض حكم الشريعة الإسلامية الذي يُطبق من قبل تنظيم داعش وزعيمه أبو بكر البغدادي في مدينة الرقة. وهذا ما أكده أنس ابو مالك في مقابلة سابقة أجرتها معه إذاعة العراق الحر نهاية آذار الماضي، حين قال "نحن في الحركة نرفض هذه الطريقة المشوهة في تحكيم الشريعة الإسلامية التي لا يمكن إختصارها برؤوس تُقطع أو أجساد تُحرق أو مبانٍ تُهدم فوق رؤوس أهلها".
وأعرب أبو مالك عن أسف الحركة وحزنها لتبادل الإتهامات بين جبهة النصرة والحكومة المؤقتة والإئتلاف السوري المعارض حيث تتهم النُصرة الإئتلاف بالكُفر، والإئتلاف يتهم النُصرة بالإرهاب.
وجبهة النصرة منظمة ترتبط بتنظيم القاعدة وتتبنى الفكر السلفي الجهادي، تم تشكيلها أواخر عام 2011 خلال الأزمة السورية، وهي من التنظيمات المُدرجة على لائحة الإرهاب.
أما "جُند الأقصى" فهو تنظيم قريب من "جبهة النصرة"، ويوالي تنظيم القاعدة، ويعتنق آيديولوجيته، ودشن عملياته في ريف إدلب بقتال الفصائل المعتدلة في الجيش السوري الحر.
"جبهة النصرة" تعيق تواصل فصائل جيش الفتح في إدلب مع الائتلاف ... عضو في الإئتلاف السوري المعارض
واتهم عضو الائتلاف السوري المعارض سمير نشار، تنظيم "جبهة النصرة" بإعاقة تواصل فصائل جيش الفتح في إدلب، مع الائتلاف وتمنع قيام تقدم حقيقي بين الإئتلاف وهذه الفصائل.
وفي مقابلة أجراها معه مراسل إذاعة العراق الحر في سوريا، كشف النشار عن لقاء جرى بين الإئتلاف ومندوبين عن الفصائل الإسلامية المسلحة، وذكر أن لقاءاً تشاورياً آخر سيجرى خلال الايام العشرة المقبلة مع أهم الفصائل الإسلامية المتواجدة في إدلب ومناطق الشمال، في محاولة للدفع نحو مواقف أكثر تنسيقاً ومشاركة داخل سوريا وعلى الصعيد السياسي، خاصة مع وجود إشكاليات مع هذه الفصائل المسلحة وخاصة مع جبهة النُصرة". لأنها مصنفة على الإرهاب رغم أنها لم تعلن إدلب إمارة إسلامية.
وأوضح نشار أن"جبهة النصرة" تشكل عائقاً حقيقاً أمام قيام تنسيق مع باقي الفصائل المتواجدة في "جيش الفتح" وتمنع قيام تقدم حقيقي ما بين الإئتلاف والفصائل على الأرض.
وكانت حكومة المعارضة السورية المؤقتة رحبت بتحرير إدلب، وأصدرت بيانا أكدت فيه توجيه مديرياتها للعمل داخل مدينة إدلب، ودعت المجلس المحلي لمحافظة إدلب، إلى بدء التنسيق مع من وصفتهم بالشركاء والفصائل المقاتلة والقوى الفاعلة، لتكون مدينة إدلب مقراً لها لإدارة المناطق المحررة على الأراضي السورية.
ويؤكد عضو الائتلاف السوري المعارض سمير نشار، أن الإئتلاف لا وجود له اليوم في إدلب، وهناك ضرورة ملحة للتنسيق والتعاون بين الفصائل المسلحة الموجودة على الأرض والإئتلاف الممثل الشرعي والرسمي للمعارضة السورية والمعترف به دولياً.
ولفت نشار الى أن مئات آلاف المواطنين السوريين يحتاجون لمساعدات الإغاثة، وبعد تحرير معسكر المسطومة والإنتهاء من معركة أريحا سيواجهون تحديات حقيقية أمامهم لأن مقاتلي المعارضة السورية، متفرغون للقتال ولا يستطيعون تقديم الخدمات للسكان.
وبعد أكثّر من شهر ونيف على سيطرة هذه الفصائل على مدينة إدلب، تعيش المدينة السورية الواقعة في الشّمال أوضاعاً إنسانية مترّدية في ظل استمرار قصف قوات النظام، وغيات الخدمات الأساسية عنها من ماء وكهرباء.
وأفاد مراسل إذاعة العراق الحر في إدلب، أنّ ائتلاف فصائل المعارضة المنضوية تحت راية جيش الفتح والمؤلفة من فصائل إسلامية من بينها "النصرة" و"أحرار الشّام" وأخرى محسوبة على الحر من أبرزها "فيلق الشّام" يسعى لإنشاء إدارة مدنية لتقديم الخدمات للأهالي هناك، لكن ضعف الإمكانيات المالية، فضلاً عن استمرار عمليات القصف هو ما يُصعب المهمة.
وفي هذا الصدد يقول مسؤول العلاقات العامة في حركة أحرار الشّام المنضوية تحت راية جيش الفتح، أنس أبو مالك، إنّ الإدارة المدنية الّتي تتولى حركة أحرار الشّام إدارتها، تحاول تقديم الخدمات للمدنيين، وهي الآن تقدّم يومياً مادة الخبز بشكّل مجاني.
وبحسب "أبو مالك" فإن المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام، تعاني من شح بالموارد، مطالباً المجتمع الدولي بتأمين المستلزمات الأساسية، داعياً منظمات حقوق الإنسان في العالم، لتقديم تلك الخدمات للأهالي.
نطالب بإدارة مدنية واعية تقوم على إدارة المدن الخارجة عن سيطرة الأسد ... مواطن
وبحسب المواطن أبو كامل هناك مخاوف من سيطرة فصائل المعارضة المتطرفة على المدن السورية، ورغم أن هناك توافق بين كافة الفصائل على إسقاط النظام، لكنها لا تتفق على إدارة تلك المدن. وطالب "أبو كامل" بإدارة مدنية واعية تقوم على إدارة المدن الخارجة عن سيطرة الأسد، وتتآلف فيما بينها من أجل تقديم الخدمات.
وخلفت المعارك بين المعارضة المسلحة وقوات النظام حالات نزوح كبيرة في صفوف المدنيين، قدّرت بما يقرب من 300 ألف مدني، ويؤكد المواطن "أسامة عبد" وهو من سكان حي الثلاثين في مدينة إدلب، أنّ المدينة شهدت حالات نزوح كبيرة في صفوف المواطنين، بعد سيطرة فصائل المعارضة عليها، بسبب كثافة القصف وانعدام الخدمات، لكنه أشار الى أن هناك عودة للنازحين الى مناطقهم في إدلب خاصة بعد نفاذ مدخراتهم، وهو أمر يتفق معه القيادي في حركة أحرار الشّام "أنس أبو مالك"، الذي أشار الى أنّ من نزح من المدينة، اضطر لذلك بسبب القصف العنيف من قبل طائرات النظام، فضلاً عن غياب معظم الخدمات عن المدينة، و قسم آخر من السكان نزح بسبب عمالته للنظام، فهرب خوفاً من أن تطاله الفصائل.
ويقول أيوب الزاكي، وهو ناشط إعلامي من مدينة إدلب، لإذاعة العراق الحر إنّ المدينة ومنذ سيطرة فصائل المعارضة عليها، تتعرض لقصف يومي من قبل طيران النظام، وهو ما صعب الحياة فيها. فضلاً عن غياب الماء والكهرباء وإنقطاع الإتصالات.
بمشاركة مراسل إذاعة العراق الحر في سوريا منار عبد الرزاق.