يقول مواطنون ان الأحداث الاخيرة التي شهدتها الاعظمية تؤكد ان السلم الاهلي مازال مهدداً في ظل وجود سياسيين ووسائل اعلام تتبنى خطاباً متشنجاً يحاول إثارة نعرة طائفية وجر البلاد الى عنف ربما يكون أشد وطأة من عامي 2006 و 2007، مع وجود تنظيم "داعش" الذي يسيطر على مناطق واسعة من العراق.
ويبدي المواطن علي كاظم قلقاً من تنامي هذا الخطاب في صور متعددة تغذّيه الصراعات السياسية التي لا تنتهي، لافتاً الى ان الخطاب المتشنج يتصاعد بعد كل تفجير، ما يتسبب بتسميم الاجواء. ويؤكد المواطن وائل الخفاجي ان العراق يعيش في مرحلة حرجة فيما يتمادى السياسيون بتصريحات محفّزة للطائفية وتثير لدى المواطنين القلق. فيما يرى المواطن خالد ابراهيم ان مثل تلك الخطابات تتسبب بتأجيج الوضع اكثر.
وتقول عضو مفوضية حقوق الانسان في العراق فاضل الغراوي ان العبث بالسلم الاهلي في العراق تحركه اجندات خارجية، يساعدها في ذلك خطابات السياسيين المتشنجة مثلما حصل في احداث الاعظمية، داعياً الى ايجاد برنامح يحقق السلم الاهلي بالعراق عن طريق الاستفادة من تجارب دول عديدة مرت بصراعات معقدة كجنوب افرريقيا وغيرها، على ان يترافق تطبيق المشروع بوضع آليات قانونية ومجتمعية وارشادات دينية وغيرها.
ويقول الخبير الامني احمد الشريفي ان توتر الاوضاع الامنية وتسميم اجواء العراق بنعرات طائفية مقيتة انما يتحملها النموذج السياسي القائم في العراق بالدرجة الاساس بسبب خطابات السياسيين المتشنجة، ويشير الى ان البعض منهم يحاول ان يغطي على الفساد باثارة النعرات الطائفية كما حصل في الاعظمية.
ويؤكد الشريفي ان تحسين النموذج السياسي في العراق لا يتم الا بعد اقرار قانون الاحزاب في العراق حتى يتمكن العراقيون من معرفة قيادات الحزب السياسي ومصادر تمويله وبرنامجه الحقيقي.
قنوات مثيرة للطائفية
ويفيد مدير المرصد العراقي للحريات الصحفية في نقابة الصحفيين العراقيين هادي جلو مرعي بأن إثارة الخطابات المتشنجة لا يقف وراءها السياسيون وحدهم، بل ان بعض وسائل الاعلام اتخذت من نفسها منبراً لبث الفرقة واثارة الطائفية، وهي تقتنص الاحداث والحوادث لتصدّر خطابها المهدد للسلم الاهلي.
ويقول مرعي ان من الصعوبة بمكان السيطرة على تلك القنوات، كما يبدو، أو وقف بث مثل تلك القنوات نظراً لتعدده،ا كما ان معظمها يبث من خارج الحدود ولديها مكاتب في عدة دول عربية واقليمية. واشار الى ان هذه القنوات لا تعتمد احيانا على صحفييها وانما تلجأ الى فديوهات وصور منشورة في مواقع التوصل الإجتماعي مثل الـ"فيسبوك"، وتبني عليها مادتها الاعلامية.
ويؤكد مرعي ان وسائل الاعلام التي تبث الخطاب الطائفي لا تخضع للشروط المهنية واخلاقيات المهنة، وانما تخضع لاجندات داخلة في الصراع السياسي القائم في العراق، لتتحول بالنهاية الى احدى ادوات الصراع.
وفيما تعلو احياناً اصوات تطالب بتشريع قوانين تُجرِّم الطائفية وتحاكم من يثير النعرات الطائفية من اي جهة كانت، يرى عميد كلية الاعلام بجامعة بغداد الدكتور هاشم حسن ان القوانين التي تحاسب وسائل الاعلام المثيرة للفتن والطائفية والتفرقة موجودة غير ان ارادة تطبيقها عمليا غير موجودة،مثل قانون قضايا النشر.
ويؤكد حسن ان الخطاب الاعلامي ما هو الا انعكاس لخطاب السياسيين وناقل له، مشيراً في الوقت نفسه الى ان بعض السياسيين حاول تطويق احداث الاعظمية الاخيرة وتصدى لمحاولات بعض وسائل الاعلام لاثارتها.
تاثيرات الخطاب الطائفي
ويلفت الخبير الامني عبد الكريم خلف الى الأهمية التي ينطوي عليها تشريع قانون لتجريم الطائفية والمتصدين للخطاب السياسي المتشنج الذي وصفه بأن فعله يكون مؤثراً بشكل ربما يفوق تاثيرات تنظيم "داعش"، وأشار الى ان ذلك تجلى عندما صدرت خطابات سياسية أججت الموقف بعد أحداث الاعظمية، ولم يكن مطلقوها حَمامات سلام.
فيما اعتبر عضو مفوضية حقوق الانسان فاضل الغراوي ان اثارة النعرة الطائفية في العراق عبر الخطابات الاعلامية والسياسية بدأت تؤثر في حقوق المواطن العراقي، داعياً الى تشريع قانون يجرّم من يثير النعرة الطائفية او قانون لنبذ الطائفية.