يعد عطا عبد الوهاب أحد الدبلوماسيين المخضرمين القلائل، فقد خدم في سلك الخارجية منذ العهد الملكي في الخمسينات والعهود الجمهورية التالية، وبعد تغيير النظام عام 2003 عين سفيرا للعراق في الأردن، قبل ان يتقاعد من رحلة طويلة في الوظيفة الحكومية زادت على الستين سنة.
ولد المحامي، السفير، الكاتب، المترجم، الشاعر عطا عبد الوهاب في بغداد عام 1924، تخرج من كلية الحقوق في بغداد عام 1944، زاول العمل في القضاء أولا ثم انتقل الى وزارة الخارجية عام 1950. وأصبح عضوا في مكتب العراق الدائم في الامم المتحدة في نيويورك. كما مثل العراق في لجان الجمعية العامة لا سيما في اللجنة القانونية.
انتقل عطا عبد الوهاب في عام 1955 الى السفارة العراقية في بيروت بدرجة سكرتير أول، ومن ثم جرى نقله الى الديوان الملكي في بغداد بمنصب السكرتير الخاص للملك فيصل الثاني والأمير عبد الاله.
بعد ثورة 14 تموز 1958 بقي عبد الوهاب في بغداد ومارس مهنته الأساسية وهي المحاماة. لكنه اضطر إلى مغادرة العراق الى لندن بعد سيطرة البعثيين على السلطة في عام 1968 وإلقاء القبض على أخيه الوزير في العهد الملكي بتهمة العمالة للغرب.
من شيراتون الكويت الى التعذيب في قصر النهاية ببغداد
وفي زيارة عمل الى الكويت اختطفته المخابرات العراقية من الفندق الذي يقيم فيه. وأقتيد في عملية بوليسية مثيرة (يورد تفاصيها في مذكراته سلالة الطين) الى بغداد ليدخل قصر النهاية، السجن الرهيب في قسوة ما يلاقيه نزلاؤه من السياسيين والمعارضين و"الأعداء"، من تعذيب وحشي ومحاكمات شكلية تودي بالكثير منهم الى الإعدام او السجن لفترات طويلة.
جرى تعذيبه هناك بقسوة وصدر عليه الحكم بالإعدام، بقي ينتظر التنفيذ في زنزانته لخمس سنوات. ثم خفف عنه الحكم الى السجن المؤبد، أطلق سراحه بعد ثلاث عشرة سنة. خلال فترة اعتقاله الأولى نفذوا حكم الإعدام بشقيقه، الوزير السابق زكي عبد الوهاب.
جرى هذا الحوار مع السفير عبد الوهاب في عمان حول مذكراته التي نشرها متناولين فكرة كتابة السيرة الشخصية، وغاياتها، وفيما إذا كانت شكلاً من أشكال مواجهة الموت والتشبث بحلم الخلود، ويلفت ضيفي الى أنه اختار عنوانا لكتابه (سلالة الطين سيرة مأساة)، والذي انقسم الى عدة فصول بحسب المراحل الزمنية والمحطات الفاصلة ، في إشارة للغاية من توثيق التجربة الشخصية وارتباطها بتاريخ بلد وشعب، ويكشف عبد الوهاب عن انه كتب عدة أجزاء من الكتاب حينما كان في الزنزانة الانفرادية بانتظار تنفيذ حكم الإعدام فيه، وجرى تسريب الوريقات التي يكتبها ضمن الملابس المستعملة التي تستبدلها زوجته في زياراتها الى السجن بأخرى نظيفة تحوي أوراقا بيضاء.
لماذا نكتب المذكرات الشخصية؟
لعله من الموضوعي التساؤل عن الدافع الذي يحث المحكوم بالإعدام على كتابة مذكراته، يعترف عبد الوهاب (خلال الحوار الذي يمكن الاستماع اليه في الملف الصوتي ادناه) بأنه اختار أن يحافظ على توازنه الذهني والانساني داخل السجن، مستندا الى ايمانه الراسخ ببراءته، من خلال عدة ممارسات: احداها التحمل والصبر، واستعادة الذاكرة وتوثيقها، مُقِراً بأن مخاوف عديدة كانت تحاصره في السجن إحداها هي "الخوف من الذاكرة".
من مؤلفات القاضي، الدبلوماسي، الاديب عطا عبد الوهاب:
*الامير عبد الاله صوره قلمية
*أعوام الرمادة 1972-1982 ديوان شعر قيل فيه: "كتبت قصائد هذه المجموعة في السجن، ومع أن الشاعر قد غادر السجن الذي كتب فيه، إلا أن قصائده استمرت سجينة بعده كل هذا الزمن. ولذا فإن أبرز ما يميزها انشغالها العميق بالحرية وتوقها للانعتاق. إنها نصوص نوستالجية تفتح نفسها على الماضي وعلى الطفولة مثلما تفتح نفسها على الحلم".
*سلالة الطين، سيرة مأساة
*سيرة عمل سياسي -2008
فضلا عن ترجمته للعديد من الكتب المهمة والروايات العالمية