فقدت الاسرة الصحفية مؤخراً أحد صحفيين الشباب في تفجير في منطقة الكرادة ببغداد الذي أصيب فيه أيضاً صحفي اخر، في سلسلة من الأخطار ما زالت تداهم الصحفيين منذ عام 2003 حتى بلغ عدد الصحفيين الذين قتلوا بسبب الارهاب والعنف اكثر من 400 صحفي، بالإضافة الى عشرات آخرين ممن فقدوا وجرحوا وهددوا من قبل جماعات العنف.
ويصنف مدير المرصد العراقي للحريات الصحفية التابع لنقابة الصحفيين العراقيين هادي جلو مرعي انواع الاستهدافات التي يتعرض لها الصحفيون، قائلاً ان هناك استهدافات مباشرة للصحفيين في مناطق النزاع، واستهدافات اخرى من خلال تفجير المفخخات والعبوات الناسفة، ما تسبب في اثارة الخوف لدى الصحفيين واثر في عطائهم الصحفي ونوعيته.
صحفيون جرحى
عاش عدد من الصحفيين تجربة الحرب عندما أوكلت إليهم مهمة التغطية الصحفية لسير المعارك ضد مسلحي تنظيم (داعش) في محافظة صلاح الدين ومناطق اخرى، واصيبوا خلال المعارك وباتوا غير قادرين في الوقت الحالي على إستكمال عملهم الصحفي لحين اكمال علاجهم. احد هؤلاء الجرحى هو المصور أحمد العوادي (32 عاماً) الذي أصيب اصابة بالغة في معارك البوعجيل بصلاح الدين عندما انفجر صهريج مفخخ، وقد أصيب بسبب العصف الكبير الناتج من شدة الانفجار.
وانتقد العوادي وسائل اعلام وصفها بـ "المسيسة التي تعمل لصالح احزابها الممولة ولا تنقل الحقائق كاملة"، مشيراً الى ان بعض المراسلين الحربيين ينقلون ما يثير النعرات الطائفية ما عدّها إساءة لاخلاقية المهنة، واشار الى وجود "تقصير واضح من قبل نقابة الصحفيين التي لم تتابع حالته الصحية"، على حد قوله.
ولم يتوقف الخطر على العوادي عند حدود اصابته بل تعدى الى تهديده عبر موقع التواصل الاجتماعي الـ (فيسبوك)، داعياً الى تنفيذ قانون حماية الصحفيين الذي اقره مجلس النواب قبل عدة سنوات.
اما المصور علي رشيد محمد فقد اصيب هو الاخر في معارك تكريت، حين كان يرافق الشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الارهاب. واصيب خلال اقتحام قوة عراقية لاحد المنازل المفخخة التي انفجرت عليهم فاصيب اصابة بليغة في يده وظهره. ويؤكد محمد انه كان مُزوّداً من قبل الجهة الإعلامية التي يعمل لصالحها بمستلزمات السلامة المهنية، ولم تطلب منه ان يسير في مقدمة القوات لكن واجبه الصحفي حتّم عليه ذلك ، من اجل مواجهة بعض القنوات التي تشوّه الحقائق في الميدان. وبين محمد ان نقابة الصحفيين العراقيين ساندته لكن امكاناتها محدودة، اما ما قدمته الدولة للصحفي من رعاية فلا يتجاوز الـ 50%.
قضية ضد مجهول
ويقول صحفيون ان هناك استهدافات أخرى يتعرضون لها من قبل جماعات مسلحة بسبب تغطياتهم الصحفية، ويذكر حكمت الصافي، معد ومقدم برامج تلفزيونية انه تعرّض الى محاولة اغتيال في مدينة الحلة بعد الانتهاء من مهمته الصحفية، حين حاول مسلحون اختطافه وعندما اخفقوا طعنوه عدة طعنات في جسمه نقل على اثرها الى المستشفى واجريت له عملية سريعة انقذت حياته. ويقول الصافي ان القضية قيدت ضد مجهول كما هو حال القضايا السابقة للصحفيين.
دور البرلمان
وتقر رئيسة لجنة الثقافة والاعلام في مجلس النواب ميسون الدملوجي بالخطر الذي يتهدد الصحفي كونه يعمل في خط التماس، علاوة على كونه معروفاً لدى الارهابيين والمسلحين، وتؤكد الدملوجي انها لا تعلم فيما لو كان قانون حماية الصحفيين قد طبق بشكل صحيح ام لم يطبق والسبب انها لم تتسلم شكاوى من قبل صحفيين بالرغم مما يثار من انتهاكات ضدهم والشيء الذي تقدمت به هو مخاطبتها الحكومة من اجل تعيين ناطق رسمي في وزارة المالية من اجل تسهيل الحصول على المعلومة.
تهديدات من نواع آخر
ويجد مدير المرصد العراقي للحريات الصحفية في نقابة الصحفيين العراقيين هادي جلو مرعي ان المخاطر الامنية تصعّب عملية تطبيق القوانين التي يشرعها مجلس النواب ومنها قانون حماية الصحفيين، لافتاً الى ان الجميع مسؤولون عن حماية الصحفي، النقابة والحكومة والاجهزة الامنية.
وتوقع مرعي استمرار المخاطر التي تهدد الصحفيين في المرحلة المقبلة بسبب تردي الوضع الامني، فضلاً عن الازمات السياسية وايضا الاقتصادية التي تسببت بافلاس عدد كبير من الصحف وتسريح الصحفيين العاملين فيها، ما يُعَدُّ تهديداً من نوع آخر.