تــمتدّ الهواجسُ الأمنيةُ الغربية من مخاطر داعش إلى الولايات المتحدة في أعقاب أحدث هجومٍ في ولاية تكساس تبنّاه هذا التنظيم ما سلّط الضوء مجدداً على مخاوف متواصلة من احتمالات حدوث هجمات إرهابية كبيرة على غرار اعتداءات أيلول التي نفذتها القاعدة في عام 2001.
وفي محاولاتٍ لاستغلال بيان داعش الذي أعلن فيه المسؤولية عن هجوم خارج معرض للرسوم الكاريكاتيرية عن النبي محمد في تكساس، سعى جمهوريون يرومون الترشّح في انتخابات الرئاسة الأميركية نحو تحقيق مكاسب سياسية واصفين الهجوم بأنه مثال على الخطر الذي يقولون إن التنظيم يشكّله على الأمن القومي.
تقرير لوكالة رويترز للأنباء نقل عن حاكم ولاية ويسكونسن سكوت ووكر قوله في لقاء جمَع يوم السبت (9 أيار) السياسيين الذين أعلنوا أنهم سيخوضون السباق أو يفكرون في ذلك "ليس الأمر إنْ كانت محاولة أخرى ستتم على الأرض الأميركية بل متى. أريد زعيماً يكون على استعداد لنقل المعركة إليهم قبل أن ينقلوها إلينا"، بحسب تعبيره.
وكانت الشرطة قتلت رجلين يوم الأحد الماضي بعد أن فتحا نيران بنادق آلية على معرض لرسومات عن نبي الإسلام في إحدى ضواحي مدينة دالاس بولاية تكساس. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم لكنه لم يقدم أي دليل. فيما ذكر مسؤولون أميركيون أنهم يتشككون في أن يكون للتنظيم دور مباشر في العملية.
وحضر عدد من السياسيين الجمهوريين الذين يأملون الفوز بترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة التي ستُجرى العام المقبل إلى مدينة غرينفيل في ساوث كارولاينا لمخاطبة الناخبين المحافظين في هذه الولاية التي ستكون من بين أوائل الولايات التي تشهد الانتخابات الحزبية الأولية. وأشار كل منهم إلى الهجوم الذي وقع في تكساس في تصريحاته.
التقريـرُ اعتبرَ أن التصدي لتنظيم داعش يمثّل للجمهوريين تحدياً ولغزاً في آن واحد إذ كيف يمكن لسياسيين الإدلاء بتصريحات متشددة حول مهاجمة المتطرفين دون تخويف الناخبين الذين يخشون من أن تنزلق بلادهم إلى حرب أخرى طويلة في الشرق الأوسط. وقالت رويترز إنه مثل العديد من المتحدثين في ذلك اللقاء الانتخابي، لم يخض الحاكم الجمهوري ووكر في تفاصيل أسلوبه في محاربة داعش وكيف سيختلف بدرجة ملحوظة عن أسلوب الرئيس الديمقراطي باراك أوباما الذي سعى لإبطاء مسلحّي التنظيم من خلال تقديم الدعم للقوات العراقية على الأرض ودعمها بحملة جوية تشنها واشنطن وحلفاؤها في المنطقة. واستبعد استخدام القوات الأميركية بأعداد كبيرة.
رويترز أشارت أيضاً إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن الأمن القومي والخوف من الارهاب يبرزان كقضية كبرى في السباق الانتخابي بطريقه مختلفة عما كان عليه الحال في انتخابات عاميْ 2008 و2012 التي فاز فيها الديمقراطيون. وفي عرضها لتصريحات زعماء جمهوريين شاركوا في لقاء يوم السبت، نقلت عن حاكم ولاية لويزيانا بوبي جندال القول في إشارته إلى إمكانية نشر قوات برية أميركية في العراق وسوريا إن "فكرة استبعاد استخدام القوات البرية سخيفة. فلا أحد يقول إننا سنرسل قوات برية اليوم." فيما لـمّح ريك سانتوروم عضو مجلس الشيوخ السابق عن بنسلفانيا إلى فتور همة إدارة أوباما في الاستراتيجية التي تتبعها في محاربة تنظيم داعش. وقال إن على الولايات المتحدة "أن تحمل قاذفاتها بالقنابل وتعيدهم بالقصف إلى القرن السابع." وقال ريك بيري حاكم تكساس السابق "القضية الكبرى في عصرنا هي معركة بين قيم الحرية الغربية وهذه النظرة الشمولية العالمية للمتعصبين الإسلاميين"، بحسب تعبيره.
رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) الدكتور واثق الهاشمي لاحظَ في تعليقه لإذاعة العراق الحر على التصريحات المتشددة الأخيرة للزعماء الأميركيين من الحزب الجمهوري فيما يتعلق بسُبل محاربة داعش إن "هناك مشكلة كبيرة تواجه صراع الحمهوريين مع الديمقراطيين في المرحلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية..لكن السؤال الأهم هو هل استطاعت الولايات المتحدة الأميركية أن تقضي على الإرهاب في أولى حملاتها بعد 2001 (أي بعد اعتداءات أيلول الإرهابية)... في الوقت الحاضر الجواب هو بالتأكيد لا إذ أعتقد أن الإرهاب أصبح أكثر توسّعاً وأكثر خطورة....".
وفي مقابلة أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الهاشمي عن موضوعات أخرى ذات صلة. كما أجاب عن سؤال يتعلق بالمقارنة بين المخاوف الأمنية من مخاطر داعش وتلك التي يشكّلها تنظيم القاعدة في الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة.
من جهته، قال رئيس (المركز الأوروبي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبار) جاسم محمد لإذاعة العراق الحر عبر الهاتف من مدينة بون الألمانية إن "مخاطر داعش في أوروبا هي أكثر من مخاطرها في الولايات المتحدة بسبب الجغرافيا وكذلك بسبب كثرة العناصر من أصول عربية التي تعيش في دول أوروبية وكانت تلتحق في القتال في سوريا والعراق واليمن... والمخاطر من وجهة نظر أميركا أشارت بشكل صريح إلى أن التهديد الأكبر هو تنظيم القاعدة وخاصةً تنظيم القاعدة في اليمن الذي يُعتبر الأخطر...".
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجاب الباحث في شؤون مكافحة الإرهاب عن سؤال آخر يتعلق بما إذا كان العمل العسكري المباشر يأتي في مقدمة الخيارات المتاحة أمام الإدارة الأميركية للقضاء على مخاطر التنظيمات الإرهابية ما دفع أوباما إلى طلب تفويض من الكونغرس لاستخدام القوات المسلحة ضد تنظيم داعش.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) د. واثق الهاشمي متحدثاً من بغداد، ورئيس (المركز الأوروبي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبار) جاسم محمد متحدثاً من بون.