يتواصل الجدل في الأوساط العراقية حول مشروع قرار الكونغرس الأميركي الأخير بشأن تسليح الكُرد والسُنة في العراق بشكل مباشر، وسط مطالبات التركمان في كركوك بتسليح أبنائهم لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ"داعش".
وتصاعدت هذه الدعوات بعد أن صوّت مجلس محافظة كركوك، الأحد (3 آيار 2015)، على طلب قدمته قائمة كركوك المتآخية لدعم كتلة التحالف الكردستاني والكتل السنية في مجلس النواب العراقي، بشأن الموافقة على قرار التسليح من قبل الحكومة الأميركية، فيما انسحبت الكتلة التركمانية من الجلسة، معلنة في بيان تلاه عضو المجموعة التركمانية رعد رشدي، أن إنسحابها جاء احتجاجا على إدراج الطلب للتصويت دون اتفاق الكتل عليه، داعية الى أن يكون التسليح عبر الحكومة العراقية.
كركوك تصوت على التسليح الأميركي للبيشمركة والسُنة
رئيس قائمة كركوك المتآخية عن المكون الكردي في مجلس المحافظة، محمد كمال، أكد في بيان "دعم القائمة للكتلة البرلمانية الكوردستانية والكتل السنيّة في مجلس النواب العراقي للدفع بإتجاه تنفيذ قرار تسليح البيشمركة والسُنة من جانب الحكومة الأمريكية، بعد أن أخفقت الحكومة العراقية في مواجهة داعش والإرهابيين في المناطق الكوردستانية والسنيّة، ولم تتمكن من تحرير أطراف كركوك أو أراضٍ بمحافظتي نينوى والأنبار".
يُذكر أن لجنة شؤون القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي صوّتت على قانون يتعامل مع قوات البيشمركة الكردية والفصائل السنيّة المسلحة في العراق بشكل مباشر.
التركمان يطالبون بتسليحهم وتشكيل جيش لهم ... رئيس مجلس وأعيان عشائر التركمان
مسؤولون وساسة تركمان دعوا الى تسليح ابناء المكون التركماني أسوة بالكُرد والعرب السُنة. وقال رئيس مجلس وأعيان عشائر التركمان فيض الله صاري كهية في حديث لإذاعة العراق الحر، إن التركمان والجبهة التركمانية ورئيسها عضو مجلس النواب عن محافظة كركوك أرشد الصالحي دعوا الحكومة العراقية مراراً الى تسليح أبناء المكون التركماني، وتشكيل جيش للتركمان للدفاع عن مناطقهم. وأضاف فيض الله، إنه في حال وافق الكونغرس الأميركي على تسليح الكُرد والسُنة، فإن التركمان سيطالبون بالتسليح أيضاً على أن لا يؤدي ذلك الى تقسيم العراق.
التركمان اليوم بأمس الحاجة للأسلحة، وتهميشهم في القرار الاميركي غُبن كبير بحقهم ... مسؤول محلي تركماني
وفي السياق نفسه أكد عامر طاهر، عضو مجلس ناحية ينكجة التابعة لقضاء الطوز، أن التركمان اليوم بأمس الحاجة للأسلحة لأنهم لا يملكون سوى أسلحة شخصية والكثير من المناطق التركمانية محتلة من قبل داعش.
وقال طاهر لإذاعة العراق الحر أن مشروع القرار الأميركي بتسليح السُنة والبيشمركة، وتهميش التركمان غُبن كبير بحق التركمان الذين عانوا من التهميش في السابق واليوم أيضاً، داعياً الحكومة العراقية، والبرلمان العراقي والكونغرس الأميركي الى تسليح التركمان لأنهم يخوضون حرباً شرسة ضد تنظيم داعش الإرهابي على حد تعبيره.
القرار الأميركي بداية لتقسيم البلاد وهذا ما يرفضه التركمان ... مسؤول مكتب المجلس الأعلى الإسلامي
عضو مجلس محافظة كركوك ومسؤول مكتب المجلس الأعلى الإسلامي نجاة حسين، إنتقد وبشدة ما وصفه بـ"تهميش" الكونغرس الأميركي للتركمان لأنه لم يأتِ على ذكرهم في قرار التسليح، رغم أن التركمان يحتاجون السلاح للدفاع عن مناطقهم المستهدفة من الإرهاب منذ سنين. إلا أن حسين حذر من أن مشروع القرار الأميركي الأخير بادرة خطيرة جداً وبداية لتقسيم البلاد وهذا ما يرفضه التركمان لأنهم يدركون بانهم سيكونون أول الخاسرين إذا ما نجح مشروع تقسيم العراق، لافتاً الى أن التركمان يريدون التسليح من خلال الحكومة المركزية المنتخبة وهذا ما يجري الآن حيث تقوم الحكومة العراقية بتسليح وتجهيز الحشد الشعبي في المناطق التركمانية.
ويبدو أن عرب كركوك راضون عن مشروع القرار الأميركي المتعلق بتسليحهم وقوات البيشمركة لمحاربة تنظيم داعش وطرده من مناطقهم. ويرى السياسي العربي المستقل إسماعيل حديدي أن العرب السُنة هم أكثر من تضرروا من الإرهاب وداعش، وتضررت مناطقهم، وهُجرت أغلب العوائل، واليوم العشائر السُنية مستعدة للمشاركة في تحرير مناطقها، ومئات المتطوعين إلتحقوا بفصائل الحشد، لكن الحكومة لم تسلحهم حتى الآن، ما كان سبباً في تراجع أعدادهم وإنهيار معنوياتهم.
وكانت الحكومة العراقية، أعلنت عن رفضها لمشروع القرار المقترح في الكونغرس الأميركي بشأن التعامل مع الكرد والسنة في العراق كـ"دولتين"، وفيما اعتبرت أنه سيؤدي إلى مزيد من الانقسامات في المنطقة، وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي، ان اي دعم خارجي للعراق في حربه ضد داعش يجب ان يكون عن طريق الحكومة المركزية.
الولايات المتحدة تريد تغيير المعادلة في العراق ... عضو في لجنة الامن والدفاع النيابية
عضو لجنة الامن والدفاع النيابية عباس الخزاعي النائب عن ائتلاف دولة القانون، أوضح في حديثه لإذاعة العراق الحر أن القرار الأميركي مخالف لكل الاعراف الدولية والدساتير وميثاق الأمم المتحدة، وهذا القرار سيكون سابقة خطيرة، لأن الكثير من الدول لها مشاكل داخلية، مشيراً الى أن العراق بحاجة الى الدعم والتسليح الأميركي على أن يكون من خلال الحكومة الإتحادية.
ودعا الخزاعي الحكومة العراقية الى إستيعاب ابناء العشائر العربية الأصيلة الذين وقفوا ضد داعش، وتسليحهم للقضاء على الفتنة ومنع الأميركان من إستغلال عدم تسليح العشائر السُنية، الولايات المتحدة تريد تغيير المعادلة في العراق.
وإنتقد الخزاعي وبمرارة الحكومة العراقية لأنها وعلى مدى 12 عاماً فشلت في مد جسور العلاقة والتواصل مع المحيط الإقليمي، وما يحدث اليوم في العراق هو بسبب الموقف المتشنج للدول الإقليمية من الحكومات العراقية الحالية والسابقة.
العرب السُنة يرحبون بالقرار الأميركي لأنه يهدف الى تحقيق التوازن بين القوى ... سياسي عربي من كركوك
ويؤكد السياسي العربي المستقل إسماعيل حديدي، أن العرب السُنة يرحبون بالقرار الأميركي، لأنه يهدف الى تحقيق التوازن بين القوى على الساحة العراقية كي تتمكن من مواجهة تنظيم داعش الإرهابي على حد وصفه، مشدداً في الوقت نفسه على أن العرب السُنة في كركوك سيوافقون على التسليح الأميركي وأي دعم يُقدم لهم حتى لو رفضته الحكومة العراقية، طالما يساهم في محاربة داعش.
ويرى الحديدي أن مشروع القرار الأميركي بعيد جداً عن التقسيم بل سيساهم في تعزيز وحدة العراق، والعرب السُنة هم أكثر حرصاً على وحدة العراق أرضاً وشعباً لكنهم يجب أن يحرروا مناطقهم من داعش.
الأوساط الكردية الرسمية منها والشعبية رحبت بمشروع القرار الأميركي المتعلق بتسليح قوات البيشمركة التي تقاتل وبدعم من طائرات التحالف الدولي، مسلحي تنظيم داعش منذ أكثر من ثمانية أشهر على جبهة تمتد الى أكثر من 1050 كيلومتر.
وذكرت تقارير صحفية ان الولايات المتحدة وبحسب مشروع قرار الكونغرس الاميركي، ستزود قوات البيشمركة باسلحة تصل قيمتها الى 200 مليون دولار في عام 2016، وان هذه المساعدات سوف تستمر سنوياً.
وكانت لجنة الأمن في برلمان اقليم كردستان رحبت، في (30 نيسان 2015)، بمشروع القرار الأميركي، معتبرة إياه خطوة في غاية الاهمية، مؤكدة أن تسليح الاقليم يسهم في تعزيز الأمن والسلام في العراق والمنطقة.
تسليح البيشمركة بشكل مباشر وبعلم الحكومة الإتحادية لا يعني تقسيم العراق ... مسؤول كردي
المستشار الإعلامي لرئاسة برلمان الإقليم، طارق جوهر، أكد أن الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد وخاصة في المناطق الكردستانية والسُنية، تفرض على الحكومة العراقية والتحالف الدولي تسليح قوات البيشمركة والمحافظات السُنية، لكنه يحذر من أن مطالبات بعض الأطراف بتسليح باقي مكونات الشعب العراقي وخاصة في كركوك، وتشكيل حرس وطني في كل محافظة، سيكون له تداعيات أخطر من وجود داعش، لأن ذلك سيفتح الباب لإشعال الفتن والإقتتال الداخلي في ظل وجود خلافات إدارية بين مختلف المحافظات وسيؤدي الى عسكرة المجتمع العراقي.
جوهر الذي كان يتحدث لإذاعة العراق الحر في مقابلة عبر الهاتف من أربيل، أكد أن تسليح البيشمركة بشكل مباشر وبعلم الحكومة الإتحادية لا يعني تقسيم العراق يجب أن تتفهم الحكومة العراقية ذلك من أجل تحرير المناطق التي سقطت بقبضة داعش.
بمشاركة مراسل إذاعة العراق الحر في كركوك نهاد البياتي.