مع تصاعد الأصوات المحذرة من مغبة تقسيم العراق، رحبت عشائر عراقية في محافظة الأنبار بمشروع القرار الأميركي المتعلق بتسليح العشائر السُنية بشكل مباشر، معربة عن أملها بأن يسهم هذا القرار في الإسراع بتحرير محافظتهم من قبضة تنظيم "داعش".
وكان مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي أصدر الأربعاء (29 نيسان) بياناً جاء فيه إن الحكومة العراقية إذ ترحب بالمساعدات العسكرية الخارجية في إطار الحرب ضد تنظيم "داعش"، فهي تؤكد "أن أي تسليح لن يتم إلا عن طريقها"، داعيةً إلى عدم المضي باقتراحاتٍ طُرحت خلال مناقشات لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب في الكونغرس الأميركي لمشروع الموازنة الدفاعية الأميركية للعام المقبل.
قرار تسليح العشائر سيؤدي الى تعزيز حالة الإنقسام الموجودة في المنطقة ... متحدث
ويؤكد سعد الحديثي المتحدث باسم المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء، في مقابلة أجرتها معه إذاعة العراق الحر، أن الحكومة العراقية أكدت رفضها لمشروع القانون الأميركي لأنه يلحق ضرراً بالعلاقات بين بغداد وواشنطن، ويؤثر سلباً على الجهود الحكومة العراقية في محاربة الإرهاب والتصدي للمخاطر الأمنية التي تمر بها البلاد، ويؤدي الى تعزيز حالة الإنقسام الموجودة في المنطقة، ويتعارض مع مفهوم السيادة الوطنية. وبيّن الحديثي أن الحكومة العراقية وخلال الاشهر السابقة، مضت بعملية تسليح العشائر السُنية وقوات البيشمركة الكردية كونها جزء من المنظومة الأمنية.
لكن مسؤولين محليين وشيوخ عشائر من الأنبار رحبوا بقرار تسليح أبناء العشائر السُنية الذين يحاربون تنظيم داعش منذ أشهر، بعد مطالبات ومناشدات للحكومة العراقية للإسراع بتسليحهم.
تسليح الأنبار النواة الاساسية للقضاء على "داعش" ... صباح كرحوت
وأكد رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت، ترحيب المحافظة بأية مبادرة وخطوة باتجاه تسليح العشائر في الأنبار بشكل مباشر أو عن طريق وزارة الدفاع كي يتمكن أبناء المحافظة من مقاومة تنظيم داعش الذي يريد إستباحة المحافظة وقتل أكبر عدد ممكن من المواطنين لأن هناك ثأر بين داعش وأبناء الأنبار يعود الى عام 2006 و2007 بحسب كرحوت الذي لفت في حديثه لإذاعة العراق الحر أن وفداً من محافظة الأنبار كان قد زار واشنطن وطلب الدعم والمساعدة الأميركية، لتسليح العشائر، في ظل ضعف إمكانيات الحكومة العراقية وعدم وجود نية صافية عند بعض القيادات الأمنية في موضوع تسليح العشائر.
ورفض كرحوت بشدة التشكيك بالعشائر وإمكانية تسريبها الأسلحة التي ستحصل عليها الى مسلحي "داعش".
القرار الأميركي لتسليح العشائر العراقية لا علاقة له بالسيادة ولا بتقسيم العراق ... الشيخ رافع الفهداوي
ويقول شيخ قبيلة البوفهد رافع عبد الكريم الفهداوي، إن الحكومة العراقية كانت دائماً تقول إنها لا تملك أسلحة كافية لتسليح أبناء العشائر، لذا فهم يرحبون بقرار تسليحهم كي يتمكنوا من محاربة "داعش"، مؤكداً في حديث لإذاعة العراق الحر أن القرار الأميركي لتسليح العشائر العراقية لا علاقة له بالسيادة ولا بتقسيم العراق، لأن سيادة العراق هي في كرامة المواطن وحرمة ماله ودمه.
عشائر الأنبار ترفض تقسيم العراق، لكنها ترحب بأية مساعدات ... الشيخ نعيم الكعود
أما شيخ عشيرة البو نمر نعيم الكعود فأكد لإذاعة العراق الحر أن عشائر الأنبار ترفض تقسيم العراق، لكنها ترحب بأية مساعدات ودعم خارجي بموافقة الحكومة العراقية لمواصلة القتال ضد "داعش".
وفي سياق متصل بملف تسليح العشائر ذكرت تقارير صحفية أن الأردن بدأت بالفعل بتسليح العشائر السُنية في العراق لمحاربة تنظيم (داعش)، الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني أكد أن "الأردن على استعداد لمساعدة الاشقاء العراقيين، من خلال افضل مراكز التدريب الموجودة في الأردن"، قائلاً إن "الأردن ابدى استعداده سابقا لتسليح الجيش العراقي، ضمن امكاناتنا". وتابع: ان "الامور ما تزال حتى الآن في اطارها السياسي، ولم تصل الى الاطار العملي والفني، وهو ما تقرره المؤسستان العسكريتان الاردنية والعراقية".
وأعلن نائب الرئيس العراقي اسامة النجيفي مطلع هذا الإسبوع عن ان ملك الاردن عبدالله الثاني وافق على تسليح العشائر العراقية السنية. وأوضح النجيفي في بيان رسمي، ان موافقة الملك عبدالله الثاني جاءت بالتعاون مع الحكومة العراقية لمواجهة داعش التي تسيطر على مناطق واسعة في محافظة الأنبار الحدودية مع الأردن.
وجاء هذا الإعلان بعد أسبوع على زيارة قام بها النجيفي وسليم الجبوري، رئيس البرلمان، وصالح المطلك، نائب رئيس الوزراء، الى عمان للقاء العاهل الأردني.
إستجابة الحكومة العراقية لم تكن بالمستوى المطلوب ... مستشار رئيس مجلس النواب
مستشار رئيس مجلس النواب، أحمد محجوب أكد لإذاعة العراق الحر، أن مبادرة الأردن بتسليح العشائر السُنية سبقت هذه الزيارة لكن ربما تكون هذه الزيارة اثرت في الإسراع بعملية التسليح.
ويشير محجوب الذي كان يتحدث لإذاعة العراق الحر في مقابلة هاتفية من العاصمة القطرية الدوحة، الى أن العشائر غير مسؤولة عن الأمن لكنها ومنذ ثمانية اشهر تحارب داعش وتطالب باستمرار بمدها بالسلاح لمساعدة قوى الأمن العراقية في مواجهة داعش، وللاسف إستجابة الحكومة العراقية لم تكن بالمستوى المطلوب.
وتحدث محجوب الى حالة الإنقسام في الأوساط السياسية بشأن موضوع تسليح العشائر السُنية لافتاً الى تصويت مجلس النواب، السبت الماضي (2 ايار 2015) على صيغة قرار مقدمة من قبل التحالف الوطني للرد على مشروع قانون الكونغرس الأخير بشأن تسليح الكرد والسنة في العراق بشكل مباشر، حيث انسحب اتحاد القوى والتحالف الكردستاني من الجلسة لاعتراضهما على صيغة القرار.
ومازال قرار واشنطن بتسليح البيشمركة وعشائر عراقية بشكل مباشر، يثير تساؤلات حول الهدف من ورائه، خاصة وأن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني بدأ زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، لبحث ملفات مهمة، وعلى رأسها مستقبل الكرد في العراق. بحسب تصريحات لمسؤولين محليين.
الرافضون للقرار الأميركي يرون فيه مخططاً لتقسيم العراق، فضلاً عن مخاوف البعض من سقوط هذه الأسلحة بيد داعش. ويقلل الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي من هذه المخاوف، مؤكداً أن أبناء العشائر لن يسمحوا بتسرب السلاح لعناصر داعش، وهذا التنظيم سُلح بسلاح الجيش العراقي ودباباته وهمراته ورشاشته.
ويرى الشيخ نعيم الكعود شيخ قبيلة البونمر، أن الحديث عن وقوع الأسلحة بيد تنظيم داعش، حجة لعرقلة تسليح العشائر، بينما الجيش العراقي ترك وراءه أسلحة وأعتدة عسكرية بمليارات الدولارات وقعت بيد مسلحي داعش.
يُذكر أن تنظيم داعش دخل محافظة الأنبار مطلع 2014، بعد موجة من التظاهرات الإحتجاجية ضد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وسياساته بحق المحافظات السُنية، وتمكن التنظيم من السيطرة على مناطق واسعة في المحافظة.
الرافضون لقرار تسليح العشائر يرون فيه تهديداً للوجود الشيعي ... محلل سياسي
المحلل السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي يرى أن الأصوات الرافضة لقرار تسليح العشائر السُنية في الأنبار تصدر من القوى الراديكالية الشيعية الأقرب لإيران التي تعتقد انها هي من يجب ان تتصدر مشهد محاربة داعش بدعم إيراني فقط، وبالتالي عزل خصوم ايران وتحجيم دور الولايات المتحدة الأميركية والتشكيك بهذا الدور وإظهار أن اميركا داعمة لداعش.
وقال الصميدعي في مقابلة أجرتها معه إذاعة العراق الحر عبر الهاتف من العاصمة بغداد، إن الرافضين للقرار يرون فيه تهديداً للوجود الشيعي في الحكومة حتى قوى الإعتدال الشيعي إضطرت الى إدانة هذا القرار وبقوة.
إلا أن القرار الاميركي يهدف، وبحسب الصميدعي، الى تحصين الحكومة العراقية الاكثر توافقية وإعطاء المزيد من الدور للسنة الذين يقاتلون داعش وتحجيم منظومة الحشد الشعبي التي بدأت تتحدى الحكومة العراقية، في ظل وجود خشية من تحويل الحشد الشعبي الى حرس ثوري عراقي على حساب بناء جيش وشرطة عراقية قوية.
ويستبعد الصميدعي أن يكون قرار تسليح العشائر السُنية أو البيشمركة، ضد الدولة العراقية أو ضد الوجود الشيعي، مؤكداً أن داعش مازال هو الخطر الأكبر، والقرار الأميركي بستيلح العشائر العراقية يأتي كجزء من جهد عالمي لإعادة توحيد القوى القادرة على محاربة داعش.
ويرد الصميدعي على الأصوات التي تحذر من تقسيم العراق، مشدداً على أن لا أحد يستطيع أن يجازف بتقسيم المنطقة، ولا يمتلك العراق أو المنطقة الفرصة للتعامل مع ثلاث دول خصوصا اذا كانت هذه الدولة على اساس طائفي اثني، فالدولة الكردية محكومة بعداء مطلق من تركيا وإيران معاً والدولة السُنية ستشعل المنطقة بحرب طائفية بحسب رأي المحلل السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي.
بمشاركة مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد رامي أحمد.