تناقلت وسائل الاعلام حديثا خبرا عن اعتقال اجهزة الامن في قطاع غزة شيخا سلفيا أتهم بالانتماء لتنظيم “الدولة الاسلامية”، بحسب مصادر امنية اضافت انه "تم احتجاز عدنان خضر ميط من سكان مخيم البريج (جنوب غزة) لغرض التحقيق في عدد من القضايا" دون مزيد من الايضاحات.
هذا الخبر أثار الفضول والتساؤل في آن واحد عن الفلسطينيين وداعش، كما أعاد الى الأذهان قضية ابو النور المقدسي "عبداللطيف موسى" خطيب مسجد ابن تيمية في غزة، وأمير تنظيم أنصار الله، والذي قتلته حماس مع 19 من أتباعه في آب من عام 2009 بنسف منزله بعد أن أعلن الامارة الاسلامية في أكناف بيت المقدس. ومرة أخرى حين نشر تنظيم "داعش" على موقعه على الفيسبوك صورا لثمانية مقاتلين يتدربون في معسكراته في سوريا والعراق قال انهم "مجاهدو غزة" ومن سرية الشيخ ابو النور المقدسي ما دفع بالمستشار السابق للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الى التعليق على هذه الأخبار والتساؤلات بالقول "هناك ظواهر تطل برأسها بين الحين والآخر، وتحاول النفاذ بين الثغرات مستغلة حالة الانقسام في المشهد السياسي الفلسطيني، والاحتلال الاسرائيلي، وبشكل عام هناك فكر سلفي وشيوخ سلفيون في فلسطين"، حسب قوله، وأضاف "ولكن لا يوجد اعلان صريح لداعش بل مظاهر متفرقة واما الوضع في غزة فتحكمه حماس من منطلق الدفاع عن وجودها، بدليل طريقة تعاملها مع حادثة اعلان ابو النور للامارة الاسلامية".
واضاف ابوشريف "ان الشعب الفلسطيني منشغل بقضيته في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، كما ان داعش التي تغري الشباب من باب الدين والخلافة الاسلامية، لم تعط القضية الفلسطينية والقتال ضد اسرائيل اهتماما ولو بالشعارات، فالادعاء بعدم وجود فتوى لقتال اسرائيل مثير للسخرية". ولفت ابو شريف الى ما جرى داخل ما يسمى ب "الخط الاخضر - العرب الفلسطينيون في اسرائيل" ، فهناك شبان حاولوا الدخول في اللعبة والذهاب الى سوريا لمقاتلة جهة ما او ضد جهة ما، متغافلين قضاياهم المركزية مثل القدس وفلسطين والبقاء والصمود بشكل جماعي (32 حالة حتى الان) نجد ان اسرائيل تقدمهم للمحاكمة بتهمة دخول اراضي معادية (سوريا) وليس الالتحاق ب"تنظيم داعش" كتهمة يحاسب عليها القانون الاسرائيلي".
وتشير المعلومات الصادرة عن أجهزة الأمن الإسرائيليّة الى أن الأشهر الأخيرة شهدت مقتل مواطنين عرب من إسرائيل في صفوف تنظيمات جهادية، وأعلنت في كانون الثاني (يناير) الماضي توقيف سبعة مواطنين عرب متهمين بالتخطيط لإنشاء خلية لتنظيم الدولة الإسلامية في إسرائيل. ووفقًا لتقييمات الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، فقد انضمّ عشرات المواطنين العرب من الداخل الفلسطينيّ إلى صفوف فصائل المعارضة السورية منذ بدء الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 ومنهم ما لا يقل عن 25 شخًصا معروفين بأفكارهم المتطرفة. وبحسب الإحصائيات الإسرائيليّة الرسميّة التي نُشرت مؤخرا فإنّ عدد الفلسطينيين، الذي يسكنون في إسرائيل وصل اليوم إلى أكثر من 1,4 مليون شخص، أيْ ما يُعادل 20 بالمائة من التعداد السكانيّ الإسرائيليّ.
وعلى صعيد متصل أجرى مركز استطلاعات الرأي والدراسات المسحية في جامعة النجاح الوطنية استطلاعا تناول قضايا كثيرة تخص الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي ، ومنها أن 29،3% من العينة أبدوا تفاؤلهم في التوصل إلى اتفاق سلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، بينما عبر 65%عن تشاؤمهم ، وتوقع 41,3 % وصول داعش الى فلسطين، بينما قال 11% بأن ظهور داعش سيكون له أثر إيجابي على القضية الفلسطينية مقابل 77.1% اعتقدوا بأنه سيكون سلبيا. ويعتقد 42% بأن التحالف الدولي ضد داعش سينجح في دحر التنظيم.
واما على الأرض، وفي الضفة الغربية ، فالمعلومات تقول ان اجهزة الامن الفلسطينية قامت باعتقال 82 شابا اظهروا من خلال حديثهم تعاطفا مع داعش او وضعوا (لايك على صفحات الفيس بوك)، في اشارة الى عدم وجود تنظيم وخلايا وانما جماعة "لايكات فيسبوكية" بدافع أفكار طائشة ولمعاندة السلطة والتمرد عليها، فقد أعلن الناطق الرسمى باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية اللواء عدنان الضميرى "خلو فلسطين من تنظيم داعش الارهابي، وأن الفلسطينيين بوصلتهم القدس فقط".
وعن غزة قال الناشط امير محمود هاتفيا "لاذاعة العراق الحر"، ان حماس تحكم قبضتها على قطاع غزة، فلم يثبت حتى الان وجود اية خلايا لداعش في القطاع، وان كانت هناك جهات عربية واقليمية ودولية تحاول اختراق غزة بشتى الطرق لاحداث تغييرات في موازين القوى، واخرى مماثلة تحاول الصاق التهم بغزة. ولكن من شبه المؤكد انه لا يوجد داعش في غزة على الرغم من الاحتقان والغضب الكبيرين قي قطاع غزة المحاصر. وان فكرة داعش وادعاءها امتلاك الحقيقة المطلقة فشلت في كسب مشاعر الفلسطينيين، وأكد بان الثقافة المغروسة والثابتة عند الفلسطينيين هي مقاومة الاحتلال فقط ، وبالتالي لم ولن ينجروا خلف الفكر الكاذب، وتزييف الدين، حسب قوله. وأضاف ان الفلسطينيين يدركون ان ظاهرة الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش فقدت مقومات الدولة ومقومات الاسلام، خصوصا بعد أن تبرأت منها القاعدة، وحركة الاخوان المسلمين، وحماس بمعنى ان ليس لها ظهير ايديولوجي ولا تنظيمي ولا دولي، وتعثر داعش في سوريا والعراق يشكل سببا اخر لانحسار فكر التنظيم في فلسطين.