توصَـــفُ العملياتُ العسكرية الدائرة في محافظة الأنبار بأنها معارك كرّ وفرّ بين القوات العراقية ومسلّحي تنظيم داعش الذين هاجموا السبت معبر طريبيل الحدودي مع الأردن في أقصى غربي المحافظة.
الأوضاعُ الأمنيةُ في كبرى محافظات العراق كانت محور اجتماع خاص ترأسه مساء السبت (25 نيسان) رئيس الوزراء حيدر العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة وضمّ مسؤولين محليين ونواب محافظة الأنبار والمحافظ بحضور وزراء الدفاع والتخطيط والكهرباء ومستشار الأمن الوطني والقيادات العسكرية.
بيان إعلامي لمكتب العبادي نقل عنه القول إن المعارك التي تُخاض في الأنبار بمشاركة العشائر والحشد الشعبي دخلت ما وصفها بـ"مرحلة حاسمة تتمثل بالقضاء النهائي على تنظيم داعش الإرهابي"، بحسب تعبيره.
ودعا العبادي "إلى محاربة الشائعات التي تؤثر على الأهالي والمقاتلين في الأنبار"، مناشداً "بعض السياسيين الكفّ عن إطلاق بعض التصريحات التي تسببت بأمور سلبية على أوضاع الأنبار"، بحسب ما ورَد في نصّ البيان المنشور على الموقع الرسمي لرئيس الوزراء العراقي.
فيما نقل موقع وزارة الدفاع العراقية عن الوزير خالد العبيدي قوله خلال الاجتماع إن "قواتنا المسلحة تحقق انتصارات في مناطق عدة في مقدمتها الكرمة وبيجي، مؤكداً على ضرورة الاتفاق على آلية تحرير ومسك الأرض في محافظة الأنبار بعد طرد عصابات داعش منها."
القواتُ العراقية تنفذ الأحد (26 نيسان) عملية عسكرية واسعة بهدف تحرير مركز قضاء الكرمة في موازاة معارك تخوضها ضد مسلّحي داعش في منطقة ناظم سد الثرثار.
وكان مصدر عسكري عراقي أفاد السبت بمقتل ضابطيْن كبيرين أحدهما قائد فرقة وعشرة جنود آخرين خلال معارك مع تنظيم داعش في محافظة الأنبار. وقال قائد عمليات الأنبار بالوكالة اللواء محمد خلف الدليمي في تصريحٍ بثته وكالة فرانس برس للأنباء إن "قائد الفرقة الأولى العميد الركن حسن عباس وآمر اللواء الاول بالفرقة الأولى العقيد الركن هلال مطر و10 جنود قتلوا جميهم وأصيب 10 جنود آخرين في مواجهات مع تنظيم داعش" الجمعة. وأشار الدليمي إلى أن "التنظيم سيطر على أجزاء من منطقة ناظم الثرثار"، موضحاً أن القوات العراقية بدأت السبت عملية عسكرية "يشارك فيها طيران التحالف الدولي والطيران العراقي" لاستعادة السيطرة.
وفيما كانت هذه المعارك تُخاض في منطقة الثرثار شمالي الفلوجة ورَدَ نَــــبأُ الهجمات الانتحارية التي نفذها تنظيم داعش على معبر طريبيل الحدودي في أقصى غربي الأنبار ما أسفر عن مقتل أربعة على الأقل من أفراد قوات الأمن العراقية. وصرّح صباح كرحوت رئيس مجلس محافظة الأنبار بأن ثلاثة انتحاريين يقودون عربات مفخخة هاجموا ثلاث نقاط تفتيش متتالية عند المعبر، مضيفاً أن الهجمات أدت إلى مقتل نقيب في الشرطة وثلاثة جنود على الأقل فضلاً عن إصابة ثمانية من عناصر الأمن.
فيما أفاد مركز (سايت) المتخصص برصد المواقع الجهادية على الإنترنت بأن تنظيم داعش تبنّى هجمات طريبيل قائلاً في بيان على موقع تويتر "إن المهاجمين الثلاثة هم أبو عبد الله البلجيكي وأبو بكر الفرنسي وأبو جعفر السنغالي" وزاعماً أنهم قتلوا 40 جندياً على الأقل، بحسب ما نقلت عنه وكالة رويترز للأنباء.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع الباحث في الشؤون الإستراتيجية الدكتور أمير جبار الساعدي الذي أجاب أولاً عن سؤال لإذاعة العراق الحر عن معارك الأنبار التي نوقشت خلال الاجتماع الأمني الخاص برئاسة العبادي السبت بالإشارة إلى ما اعتبرها "مسألة مهمة تتمثل بعملية مشاركة أبناء العشائر مع القطعات العسكرية وأيضاً الحشد الشعبي الذي سيكون معاضداً حقيقياً على موضوعة الأرض وما فيها...". وأضاف أن "المسألة المهمة الأخرى تتمثل بإمكانية تغيير القيادة العامة للقوات المسلحة تكتيكها حتى تختزل المساحات الكبيرة في الأنبار من خلال التوجّه مباشرةً صوب المناطق ذات الثقل أو مناطق إستراتيجية أو تحصين لتنظيم داعش، على سبيل المثال لا الحصر التوجّه مباشرةً إلى الفلوجة والقيام بهجوم تعرّضي لامتصاص زخمها واستنزافها"، بحسب رأيه.
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجاب الساعدي عن سؤال آخر يتعلق بأهمية ناظم سد الثرثار. وفي هذا الصدد، لاحَـــظَ أن "مناطق الفرات الأوسط وجنوب العراق وحتى بغداد قد تتعرض لأخطار كبيرة إذا ما تمكن مسلحو داعش من السيطرة على السد."
من جهته، أشار مراسل إذاعة العراق الحر في الأنبار رعد الخاشع إلى مشكلة حصلت في منطقة ناظم الثرثار "وهي أن القوات الأمنية المتواجدة هناك والتابعة للفرقة الأولى للجيش العراقي كانت قد طالبت منذ قرابة أكثر من أسبوع بسرعة إمداد القطعات العسكرية كون المنطقة محاصَرة من قبل عناصر داعش الذين يقومون بهجمات متكررة على الثكنات ولكن لم تصل أي مساعدات عسكرية....".
وفي الاتصال الهاتفي الذي أُجري ظهر الأحد، تحدث مراسلنا عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها أحدث المعلومات المتوفرة عن عملية القوات العراقية لتحرير مركز قضاء الكرمة. كما أجاب عن سؤال آخر يتعلق بمستجدات حركة النزوح من محافظة الأنبار والتي قال إن بالإمكان وصفها الآن بأنها "حركة نزوح عكسية" من بغداد ومناطق عراقية أخرى في ضَــــوء تصريحات مسؤول محلي أكد عودة أفراد نحو ألفيْ عائلة من هؤلاء النازحين إلى مدينة الرمادي مركز المحافظة.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع الباحث في الشؤون الإستراتيجية د. أمير جبار الساعدي، ومراسل إذاعة العراق الحر في الأنبار رعد الخاشع.