أبدت واشنطن استعدادها للحوار مع إيران في شأن تعزيز استقرار منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من أزماتٍ إقليمية يتوسّعُ نطاقها من العراق وسوريا إلى اليمن. وجاء التصريح الأميركي على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف الاثنين ردّاً على دعوةٍ ضَـــمّنها وزيرُ الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مقالِ رأيٍ قال فيه "لقد حان الوقت بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لحسم خياراتهم بين التعاون والمواجهة، بين المفاوضات والمزايدات، وبين الاتفاق والإكراه." وأضاف ظريف في المقال الذي نشرته صحيفة (نيويورك تايمز) New York Times الاثنين (20 نيسان) تحت عنوان (رسالة من إيران) أن "نطاق المشاركة البنّاءة لدينا يمتد إلى ما بعد المفاوضات النووية" وأن "علاقاتنا الجيدة مع الدول المجاورة هي على رأس أولوياتنا." وجاء في المقال أنه "لا بدّ من استخدام الأطر المؤسسية القائمة للحوار، وخاصةً الأمم المتحدة، حيث يمكن للأمين العام أن يزوّد هذا التعاون بالمظلّة الدولية اللازمة." وتابع أن "من شأن الدور الإقليمي للأمم المتحدة، الذي ساعد في إنهاء الحرب بين إيران والعراق في عام 1988، أن يساهم في تخفيف المخاوف والقلق، وخاصةً في البلدان الصغيرة، بالإضافة الى تزويد المجتمع الدولي بضمانات وآليات لحماية مصالحها المشروعة، وربط أي حوار إقليمي مع القضايا التي تمتد بطبيعتها خارج حدود المنطقة"، على حد تعبيره.
الناطقة باسم الخارجية الأميركية هارف قالت في تصريحاتٍ للصحافيين ردّاً على سؤال بشأن مقال ظريف إن واشنطن قد تتحدث مع إيران بشأن تعزيز الاستقرار الإقليمي. وأشارت إلى أن الإدارة الأميركية كانت منفتحة على مشاركة إيران في الجهود السابقة لتحقيق اتفاق سلام في سوريا إذا غيّرت طهران سياستها.
وفي عرضها للتصريحات، ذكرت وكالة رويترز للأنباء أن هارف سعت للتمييز بين إمكانية التحدث مع الإيرانيين وواقع "العمل معهم" ما يوحي بأن هذا خط لن تتجاوزه واشنطن. ونقلت عنها القول "قلنا دائماً إننا لا ننسّق ولا نعمل مع الإيرانيين وهناك فرق بين المناقشة والعمل معهم."
وجاء في التقرير أن واشنطن باتت في موقف حرج لأنها تلقي باللوم على إيران في كثير من انعدام الاستقرار ولأنها لا ترغب في إثارة قلق حلفائها العرب في الخليج الذين يخشون أن يمهّد الاتفاق النووي الذي يُجرى التفاوض عليه مع إيران الطريق إلى تفاهم أميركي إيراني على نطاق أوسع.
يُشار إلى تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن والتي رحّب فيها بالمساعدة الإيرانية في القتال ضد تنظيم داعش مع تأكيده ضرورة احترام إيران سيادة العراق. وأضاف في سياق كلمة ألقاها في (مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية) في العاصمة الأميركية الخميس (16 نيسان) "يجب أن يمر كل شيء من خلال الحكومة العراقية".
وفي إجابته عن سؤال حول وجود أحد قادة الحرس الثوري الإيراني في العراق خلال معركة تكريت، قال إن "العراقيين يقدمون التضحيات لاستعادة بلادهم". وأضاف أن العراقيين لا يقبلون القول إن "آخرين هم من يفعل ذلك نيابةً عنهم"، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس للأنباء.
يُلاحَظُ أن مقال الوزير الإيراني والرد الأميركي عليه جاءا بعد ساعات من إعلان توصل أستراليا وإيران إلى اتفاق مبدئي على تبادل معلومات المخابرات لمكافحة تنظيم داعش وذلك خلال الزيارة الأخيرة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب إلى طهران.
أستراليا من الدول الرئيسية الأعضاء في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش، وقد أرسلت مئات الجنود إلى العراق للمساعدة في تدريب القوات العراقية.
كما صدرَ تصريحُ الناطقة باسم الخارجية الأميركية بعد بضعِ ساعاتٍ من المحادثات التي أجراها الرئيس باراك أوباما مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وقال البيت الأبيض في بيان بعد الاجتماع إن الزعيمين "أكدا مجدداً التزامهما المشترك بالتعاون الدفاعي والأمني الوثيق." وأضاف أن أوباما ناقش أيضاً مع ولي عهد أبو ظبي اتفاق الإطار الذي توصلت إليه إيران والقوى العالمية الست هذا الشهر.
الناطق باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض أليستير باسكي ذكر أن الزعيمين بحثا كذلك "الحاجة المستمرة لتوفير معدات وإمدادات عسكرية ضرورية للإمارات العربية المتحدة" في إطار التصدي لتنظيم داعش ودعم الولايات المتحدة للعمليات في اليمن، بحسب ما نقلت عنه رويترز.
يشار إلى مشاركة دولة الإمارات في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة داعش في العراق وسوريا ومشاركتها أيضاً في حملة عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد مقاتلي جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن.
ومن المقرر أن يستضيف أوباما زعماء مجلس التعاون الخليجي في الولايات المتحدة خلال محادثات قمة يوميْ 13 و14 أيار.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات الدكتور عبد الخالق عبد الله الذي لاحظ في معرض إجابته عن سؤال حول المحادثات الأميركية الإماراتية أن أوباما حرص في إشارةٍ خاصة إلى أهميتها على استقبال ولي عهد أبو ظبي في البيت الأبيض ما يدلل على تقدير واشنطن للأدوار المهمة التي تمارسها دولة الإمارات "من أجل إعادة الاستقرار وإعادة الاعتدال ومحاربة التطرف والتشدد والإرهاب في المنطقة".
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجاب الأكاديمي والمحلل السياسي الإماراتي عن سؤال آخر لإذاعة العراق الحر يتعلق بالمحادثات الأميركية الإيرانية المحتملة في شأن تعزيز الاستقرار الإقليمي.
من جهته، قال رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) الدكتور واثق الهاشمي في تعليقه على أحدث التصريحات الأميركية والإيرانية عن احتمالات إجراء حوار ثنائي مباشر بين واشنطن وطهران لتعزيز استقرار الشرق الأوسط "إن مصالح الدولتين تحتّم أن تكون هناك علاقات..لذلك مرّت هذه العلاقات بأزمات وشدّ وجذب لكنها لم تنقطع على الإطلاق إما بوجود طرف ثالث، وكان العراق يلعب هذا الدور، أو باتصالات مباشرة"، بحسب تعبيره.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات د. عبد الخالق عبد الله متحدثاً من أبو ظبي، ورئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) د. واثق الهاشمي متحدثاً من بغداد.