بيروت
تصعيد وحوار تحت سقف واحد. هكذا يمكن وصف المشهد السياسي في لبنان منذ أن بدأت "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية ضد الحوثيين في اليمن. السجال الكلامي يتكرر من جديد تبعاً للسيناريو عينه: الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله يهاجم السعودية، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري يسارع الى الردّ. وما بين سجالات الرجلين تنبري أصوات أخرى من الجانبين لتدخل حلبة تقاذف التهم.
ولكن كل هذا التوتر لم يمنع جلسات الحوار بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" من الانعقاد في مواعيدها الدورية. ويؤكد الطرفان وجوب استمرار هذا الحوار منعاً لتفاقم الأمور نحو الأسوأ. وقد أكد أكثر من مسؤول في "تيار المستقبل" تحدث اليهم موقع "العراق الحر" أن الحوار لن يتوقف، على رغم وجود أصوات داخل "المستقبل" ومن ضمن فريق "14 آذار" تنادي بوقفه كي لا يشكل تغطية لكل ممارسات "حزب الله".
مهرجان تضامني في الضاحية
واستكمالاً للحملة التي بدأها "حزب الله" قبل فترة، نظّم الحزب مهرجاناً في الضاحية الجنوبية مساء الجمعة تحت عنوان "التضامن مع اليمن المظلوم".
وتحدث السيد نصر الله في المهرجان عبر شاشة كبيرة،وشنّ هجوماً عنيفاً على السعودية من جديد. واعتبر أن الهدف من "عاصفة الحزم" هو "اعادة الوصاية السعودية الاميركية على اليمن".
وقال نصر الله إن "هناك تهديداً للحرمين الشريفين من قبل "داعش" الذي أعلن أن دولة الخلافة ستهدم الكعبة لأنها مجموعة أحجار تعبد من دون الله وتتنافى مع التوحيد". وأضاف أن "الحرم النبوي في خطر من داخل السعودية ومن الفكر والثقافة الوهابية".
وأعلن نصر الله أن "أي تسوية سياسية لا يمكنها إعادة عبد ربه منصور هادي الى اليمن، مهدداً بأن "اليمنيين لم يلجأوا الى خياراتهم الحقيقية"، مشككا بـ"إمكان حصول عملية برية ضد اليمن."
وأعلن ان "ايران مستعدة للحوار مع السعودية، لكن السعودية تكابر وترفض لأنها فشلت، لهذا تفتش عن نجاح في مكان ما قبل أن تذهب الى طاولة الحوار".
وفي الشأن اللبناني، أكد نصر الله أنه يعمل على "تحييد لبنان عن الصراع في سوريا"، وأنه لا يريد "نقل الصراع في الموضوع اليمني الى لبنان."
الحريري يردّ
وكالعادة لم تمرّ ساعات قليلة على خطاب نصر الله، حتى سارع الحريري الى الردّ. وقال في سلسلة تغريدات عبر "تويتر": "ما سمعناه حفلة منسّقة من الافتراءات التاريخية ونبش في قبور الاحقاد وانكشاف مفضوح لما في الصدور من ضغائن تجاه السعودية ومؤسسها وقيادتها"، محذرا من أن "تناول الملك الراحل عبد العزيز بالإساءة أمر يضع المتطاولين في المرمى المضاد، من اكبر مقام في طهران الى أصغرهم في الضاحية".
وجزم بأن "التصعيد المتواصل لحزب الله لن يستدرجنا الى مواقف تخل بقواعد الحوار والسلم الأهلي".وتوجه الى نصر الله قائلاً له بسخرية: "إنها عاصفة الحزم يا عزيزي."
ولكن، على رغم تأكيد أن الأمور ستبقى تحت السيطرة، فلا شيء يضمن استمرار شبكات الأمان المتمثلة بالحكومة والحوار، لأن العمود الفقري للاستقرار هو التوافق السياسي، فإن زال أصبحت كل الأمور الأخرى مهدَّدة.