مع إستمرار الصراع في سوريا تستمر معاناة الصحفيين نتيجة الإنتهاكات التي يتعرضون لها من قبل اجهزة النظام، وفصائل المعارضة المتشددة، ويتصاعد القلق حول مصير أكثر من 20 صحفيا إختطفهم داعش.
وإعتبرت منظمات حقوقية وصحافية سوريا من أخطر الدول على الصحفيين في عام 2014، نتيجة الصراع الذي لم تهدأ وتيرته منذ أكثر من أربعة أعوام، ووصل العدد الإجمالي للصحفيين القتلى منذ بدء الصراع في سوريا في عام 2011 إلى 79 صحفياً بحسب لجنة حماية الصحفيين الدولية.
داعش الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا، قام بقتل عدد من الصحفيين الأجانب الذين إختطفهم في سوريا، منهم الصحفيان الأمريكيان، جيمس فولي، وستيفن سوتلوف، وصحفيان يابانيان.
وذكرت لجنة حماية الصحفيين، في تقريرها السنوي الذي نشر اواخر العام الماضي، أن اغتيال "جهاديي داعش" صحفيين أجانب ساهم في جعل عام 2014 الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين العاملين في سوريا.
وأعلنت اللجنة، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، أن هناك أكثر من عشرين صحفيا في عداد المفقودين في سوريا حالياً ويعتقد أنهم محتجزون لدى (داعش).
ومن أبرز الإعلاميين السوريين الذين اعتقلهم (داعش) أواختطفهم، عبيدة بطل مراسل قناة أورينت، ومؤيد سلوم، فضلاً عن سمر الصالح ومحمد العمر الناشطان المدنيان والإعلاميان، وكذلك الناشط الإعلامي، صاحب السكيتشات الناقدة عبد الوهاب الملا.
صحافي سوري معارض: عدسات الإعلاميين وأقلام الصحفيين هي كاميرات المراقبة التي يحاول داعش نزعها
الصحافي السوري المعارض فراس ديبة وفي حديثه لإذاعة العراق الحر، أشار إلى أنّ (داعش) باعتقاله الإعلاميين يحاول نزع كاميرات المراقبة المتمثلة بالاعلاميين، كما يفعل اللصوص عندما يُكسرون الكاميرات أثناء قيامهم بالسطو على المتاجر والبنوك.
ويرى ديبة أن عدسات الإعلاميين وأقلام الصحفيين هي كاميرات مراقبة للشعب السوري ويريد داعش أن ينزعها لكي لا تصور جرائمه.
وأكد ديبة حصول عمليات تصفية في شوارع حلب وريفها، لافتاً الى أن الكثيرين من النشطاء الإعلاميين تم تصفيتهم من قبل داعش
دون أن يعرف أحد أنهم أعلاميون.
ويرجح ديبة قيام داعش بتصفية النشطاء الإعلاميين السوريين المعتقلين لديه، إذ قام مؤخراً بإرسال رسالة عبر الموبايل لأهل زوجة الناشط عبد الوهاب الملا، يخبرهم فيها بضرورة قضاء إمرأته للعدة الشرعية، في إشارة إلى قيام التنظيم بتصفيته.
ويتحدث ديبة عن محاولة التنظيم فتح قنوات للتفاوض مع مالك قناة أورينت السورية المعارضة، من أجل دفع فدية بملايين الدولارات للإفراج عن طاقم القناة المختطف، لكنها توقفت أو أغلقت لأسباب مجهولة.
رابطة الصحفيين السوريين: مقتل 271 إعلامياً سورياً وأجنبياً خلال الأعوام الأربعة الماضية
وأعلنت رابطة الصحفيين السوريين في آذار الماضي، أنها ومن خلال لجانها المختصة بتوثيق الانتهاكات ضد الإعلاميين في سوريا، وثقت مقتل 271 إعلامياً سورياً وأجنبياً خلال الأعوام الأربعة الماضية.
ونشرت الرابطة تفاصيل عن استهدافهم في تقاريرها الشهرية حول مجمل الانتهاكات التي تعرضوا لها، إذ استُهدف رجال الإعلام بالقتل المباشر بالرصاص والبراميل المتفجرة، وتحت التعذيب، وحتى عبر مجازر جماعية ارتكبتها قوى متعددة يقف على رأسها النظام السوري وما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش).
ناشط إعلامي من دير الزور: داعش يقتل الإعلاميين الذين يُعادون التنظيم
الناشط الإعلامي أبو قدس الذي أسس وكالة أنباء في مدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة (داعش) شرقي سوريا، تحدث لإذاعة العراق الحر عن تجربته، مشيراً الى أن التنظيم وقبل دخوله اية منطقة يقوم بمراقبة عمل الإعلاميين والصحفيين في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، والناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي كالفيسبوك وتويتر، ليعتقلهم بعد سيطرته على المنطقة، ويُخيرهم بين التوبة أو عقوبة الإعدام وفقاً للشريعة، وكثيرون إختاروا التوبة لكي يتمكنوا بعدها من الهرب من مناطق داعش أو ترك العمل الصحفي.
ولفت أبو قدس الى قيام داعش بقتل الإعلاميين الذين يُعادون التنظيم ويشاركون في عمليات قتالية مع الفصائل المسلحة التي تحارب التنظيم داخل سوريا.
ناشط إعلامي سوري: داعش ذبح ناشطين إعلاميين في إدلب ومنبج
ويعتقد أنس العجمي الناشط الحقوقي، الخبير في شؤون تنظيم (داعش) أن داعش قام بتصفية معظم المعتقلين من الصحفيين السوريين والعرب،
لكنه في الوقت ذاته ينفي قيام التنظيم بإعدام أي صحافي أجنبي.
ويؤكد العجمي في حديثه لإذاعة العراق الحر إن داعش قام بذبح ناشطين إعلاميين في إدلب ومنبج ومناطق الشمال السوري.
وفيما يتعلق بإنضمام ناشطين إعلاميين سوريين للعمل مع تنظيم داعش، استبعد العجمي قيام التنظيم بجذب الناشطين عن طريق إغرائهم بالأموال، مشيراً إلى أنّ الدعاية الإعلامية الّتي يقوم بها التنظيم تدغدغ المشاعر الدينية والإسلامية للناشطين الإعلاميين فيلتحقون بالتنظيم، بينما تُدفع أموال طائلة لمقاتلي التنظيم، وللإعلاميين الغربيين الذين يعملون لصالح التنظيم، خاصة وأن لدى التنظيم آلة إعلامية قوية وخبرات إعلامية.
شقيقة الناشطة سمر الصالح: لا نعرف مصير سمر وخطيبها المختطفين لدى داعش
الناشطة سمر الصالح اختطفت مع خطيبها الناشط الإعلامي محمد العمر من مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي في 15 آب عام 2013، ولا يُعرف حتى الآن اي شيء عن مصيرهما.
وكانت سمر تحضر لنيل شهادة الدكتوراة في الآثار من جامعة القاهرة، لكن خطفها من قبل تنظيم داعش، أوقف حلمها في الحصول على الدكتوراه، والإستمرار في دعم الحراك المدني في مناطق المعارضة السورية،
الّتي شاركت فيه منذ اندلاع الاحتجاجات ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
ميسا الصالح شقيقة سمر، تحدثت لإذاعة العراق الحر عن ظروف اختطاف شقيقتها وخطيبها قائلة:"كانت سمر وخطيبها، في جولة بمدينة الأتارب في الريف الغربي من حلب، برفقة والدتي، حين أقدم ملثمون على خطف شقيقتي وخطيبها، وهم يقومون بالتقاط صور للأطفال وهم يلهون في شوارع المدينة."
وتُضيف ميسا: "كنت معتقلة في سجون النظام السوري، في ذاك الوقت، لكن والدتي قالت لي إن الملثمين قاموا بسحل سمر من شعرها وخطيبها العمر، وقاموا بضربهما بأخمص البارودة، ووضعوهما في طابون السيارة، وقامت والدتي بمراجعة الهيئة الشرعية في المدينة، الّتي أنكرت في البدء، ثم أقرت بوجودها لديهم، طالبين من الوالدة المغادرة تحت التهديد بالاعتقال".
وتشير ميسا إلى قيام الخاطفين بالسطو على حسابات التواصل الاجتماعي، لسمر ومحمد، من أجل الإيقاع بأصدقائهم من النشطاء المدنيين، والإعلاميين، الأمر الذي تم اكتشافه فيما بعد.
ونفت ميسا أن يكون تم التواصل مباشرة مع الخاطفين المرجح أنهم تابعون للتنظيم، لكنها تشير إلى طلب الخاطفين عبر حسابات محمد وسمر التواصل مع مالك قناة أورينت حسان عبود من أجل التفاوض، لكن الأخير كما تقول ميسا كان سلبياً، ورفض مجرد التواصل.
بمشاركة مراسل إذاعة العراق الحر في سوريا منار عبد الرزاق