يُتوقَـعُ أن تتركزَ محادثاتُ القمة الأميركية العراقية المرتقبة في واشنطن على سبُل تعزيز الجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب في الوقت الذي يتواصلُ القتال لدحر تنظيم الدولة الإسلامية على الأرض بإسنادٍ جوي من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
الساعاتُ الأخيرةُ التي تسبقُ زيارةَ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى العاصمة الأميركية شهدت تطوراتٍ ميدانيةً مُـــتَسارِعة في محافظتيْ صلاح الدين والأنبار تمثّلت في هجومٍ شنّه مسلحو داعش على مصفاة بيجي ومُسارَعة بغداد إلى إرسال تعزيزات عسكرية عاجلة إلى الرمادي لمنع سقوطها في قبضة التنظيم بعد أن تمكّن خلال اليومين الماضيين من فرض حصار على المدينة.
وفي تقريرٍ عن أحدث هجومٍ على أكبر مصفاة نفطية في البلاد، نقلت وكالة فرانس برس للأنباء عن ضابط عراقي برتبة لواء وصفَه الهجوم بأنه الأعنف على مصفاة بيجي منذ فكّ القوات الأمنية في تشرين الثاني الماضي الحصار الذي فرضه المسلّحون في محيطها. وأوضح ان الهجوم على المصفاة الواقعة على مسافة 200 كيلومتر شمالي بغداد بدأ صباح السبت (11 نيسان) من ثلاثة محاور ولكن القوات العراقية أحكمت سيطرتها على مداخل المصفاة ومحيطها ما مكّنها من إحباط الهجوم.
التقرير أشار إلى وقوع هجوم السبت بعد أقل من أسبوعين على إعلان القوات العراقية تحرير مدينة تكريت جنوب بيجي من سيطرة داعش. واعتبر اللواء أن التنظيم أراد من خلال الهجوم على المصفاة "إيصال رسائل أنه موجود في كل مكان"، مضيفاً أن عناصره "منهزمون ولايستطيعون التقدم".
وفيما يتعلق بالتطورات الميدانية في محافظة عراقية أخرى هي الأنبار، نقلت صحيفة (الحياة) اللندنية الأحد (12 نيسان) عمّن وصفته بضابط كبير في (قيادة عمليات الأنبار) أن داعش "تمكّن من احتلال مناطق جديدة في المحافظة، مثل منطقة ألبوفراج حيث فجّر جسرها لمنع تقدم القوات العراقية" فضلاً عن سيطرته السبت على منطقة الملاحمة. وأضاف أن "تعزيزات عسكرية عاجلة وصلت إلى الرمادي قبل ساعات، ضمّت ثلاثة أفواج مدرعة تابعة للجيش وفوجاً من جهاز مكافحة الإرهاب وفوجيْن من الشرطة الاتحادية". كما أكد أن نحو 500 عنصر من أبناء العشائر أعلنوا مشاركتهم في المعارك لحماية المدينة. فيما أبلغ عبد المجيد الفهداوي أحد شيوخ الأنبار الصحيفة أن عدداً من شيوخ الرمادي أعلنوا موافقتهم على مشاركة الحشد الشعبي في القتال، مضيفاً أن عدم مشاركتهم كان وراء الانتكاسة الأخيرة بسبب اعتراضات بعض الجهات على دخوله المحافظة. وتوقع الفهداوي مشاركة الحشد الشعبي في المعارك خلال اليومين المقبلين.
مراسل إذاعة العراق الحر في الأنبار رعد الخاشع نقل عن مسؤولين محليين في المحافظة أن التعزيزات العسكرية "وصلت ولكنها لا تكفي لسدّ الحاجة، وكانت الأسلحة خفيفة ومتوسطة فيما المقاتلون، بحسب القيادت الأمنية في المحافظة، يحتاجون إلى معدات عسكرية ثقيلة وإلى نوعيات وتقنيات عالية تمكنّهم من صدّ هجمات داعش التي تُستخدم فيها أسلحة متطورة خاصةً في المناطق الشمالية من مدينة الرمادي."
وفيما يتعلق بالموقف المحلي من مشاركة الحشد الشعبي، أشار مراسلنا إلى موافقة بعض الجهات العشائرية "رغم أن بعض شيوخ العشائر وعلماء الدين يرفضون مثل هذه المشاركة لخشيتهم من تكرار أعمال الحرق والسلب والنهب التي حدثت في تكريت، ولكن بعد اقتراب داعش الآن من إسقاط المحافظة والسيطرة على الرمادي لم يعد من مجال سوى قبول هذه المشاركة وهناك بالفعل بعض العناصر القتالية الموجودة حالياً مع إعلان مجلس محافظة الأنبار مشاركة كتائب حزب الله وكذلك سرايا السلام وبعض الفصائل الأخرى."
في الأثناء، نسبت رويترز إلى مسؤول عراقي رفيع لم تذكر اسمه القول إن العبادي سيطلب مساعدة الرئيس باراك أوباما للحصول على طائرات مسيّرة بدون طيار وأسلحة أميركية أخرى بمليارات الدولارات لقتال تنظيم داعش خلال اجتماعهما المقرر في البيت الأبيض الثلاثاء (14 نيسان) لكنه سيطلب تأجيل سداد ثمن الصفقة.
تقريرٌ حصري بــــثّتهُ هذه الوكالة العالمية للأنباء من واشنطن السبت أشار إلى مواجهة العبادي أزمة سيولة بسبب تراجع أسعار النفط التي عصفت بأموال الدولة العراقية، مضيفاً أن الحكومة تتوقع أن يبلغ عجز الموازنة نحو 21 مليار دولار هذا العام.
وخلال زيارته الأولى إلى واشنطن كرئيسٍ للحكومة يأمل العبادي في اقناع الولايات المتحدة أن العراق يستحق مزيداً من القوة البشرية الأميركية والأسلحة بعد ثلاث سنوات من انسحاب القوات الأميركية من البلاد في كانون الأول 2011 بينما يواجه الجيش العراقي تنظيم داعش.
ونُقل عن المسؤول العراقي الذي طلب عدم نشر اسمه أن هذا التنظيم "مشكلة الجميع الآن"، مع تلميحه إلى أن بغداد قد تتحوّل إلى طهران إذا لم تحصل على المساعدات التي تريدها من واشنطن.
أوباما أجازَ في آب الماضي شنّ أول ضربات جوية أميركية في العراق منذ الانسحاب العسكري للولايات المتحدة وسمح أيضاً بنشر ثلاثة آلاف جندي أميركي لمساعدة العراق في محاربة داعش لكنه فرض قيوداً على الدور العسكري الأميركي في المعركة ليقتصر على التدريب وتقديم المشورة للقوات العراقية والكردية.
ونسبت رويترز إلى المسؤول العراقي أن العبادي لديه قائمة طلبات بأسلحة متقدمة تشمل طائرات بدون طيار وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي وذخيرة وأسلحة أخرى ليقدمها خلال اجتماعه مع أوباما يوم الثلاثاء. وسيطلب أيضاً تأجيل سداد ثمن هذه الأسلحة.
فيما صرّح وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر للصحفيين أثناء زيارة إلى هاواي بأنه يتوقع أن يلتقي العبادي في واشنطن. وأجاب ردّاً على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدرس تقديم معدات بينها طائرات أباتشي مع تأجيل السداد "سندرس أي طلب يتقدم به... نقدم كل عون ممكن لمواجهة حملة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق عن طريق الحكومة العراقية وهذا هو ما نود أن نستمر في القيام به"، على حد تعبيره.
رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) الدكتور واثق الهاشمي قال لإذاعة العراق الحر في ردّه على سؤال يتعلق بأبرز المواضيع التي يتُوقع أن يطرحها العبادي خلال زيارته واشنطن على رأس وفد كبير إن "الملف الأمني سيكون الأبرز.. معركة الموصل التي يُجرى التخطيط لها ومعركة الأنبار التي بدأت فعلاً ولكنها شهدت في اليومين الأخيرين حالة من التراجع مع سيطرة داعش على أراضٍ جديدة وبالتالي فإن هناك بعض الإخفاقات المطلوب تجاوزها..".
وتوقع الهاشمي أن يبحث الجانب العراقي خلال قمة واشنطن "موضوع الضربات الجوية في المعارك القادمة، وتفعيل دور التحالف الدولي، وإمداد العراق بالأسلحة والمعدات والعقود المتوقفة، وقضية الخبراء والاستشاريين إضافةً إلى التدريب."
وفي المقابلة التي أُجريت عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أشار الخبير في الشؤون الإستراتيجية إلى رغبة العراق في تفعيل اتفاقية الإطار الإستراتيجي مع الحليف الأميركي "خاصةً في المجاليْن العلمي والاقتصادي". كما توقّع أن يطلب العبادي مساعدة الولايات المتحدة في "موضوع إغاثة النازحين في العراق". وأجاب الهاشمي أيضاً عن سؤالين آخرين يتعلق أحدهما بأجواء التفاؤل التي تحيط القمة الأميركية العراقية المرتقبة والثاني عن رغبة بغداد في الحصول على طائرات أميركية مسيّرة للمساهمة في جهود محاربة تنظيم داعش.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) د. واثق الهاشمي، ومراسل إذاعة العراق الحر في الأنبار رعد الخاشع.