حذر مسؤولون دوليون وفلسطينيون من تدهور الأوضاع الإنسانية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق، وذلك مع إستمرار الإشتباكات بين مسلحي تنظيم "داعش" وكتائب "أكناف بيت المقدس"، وفصائل فلسطينية وسورية.
ويعيش نحو 18 ألف فلسطينياً في مخيم اليرموك، أوضاعاً إنسانية صعبة، بعد أن إقتحم مسلحو تنظيم "داعش" المخيم الأربعاء الماضي، وسيطروا على أجزاء واسعة منه، ما دفع الآلاف الى الفرار إلى بلدة يلدا المحاصرة أساساً من قبل قوات النظام.
جرائم خطيرة
مجلس الأمن الدولي الذي عقد الإثنين جلسة مغلقة وطارئة حول أوضاع الفلسطينيين في مخيم اليرموك بدمشق، أعرب عن قلقه الشديد إزاء خطورة الموقف في مخيم اليرموك، وإتهم تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" بارتكاب "جرائم خطيرة" في المخيم.
وقالت مندوبة الأردن لدى الأمم المتحدة السفيرة دينا قعوار، والتي تتولي بلادها رئاسة المجلس خلال الشهر الحالي، إن "مجلس الأمن الدولي عبّر عن قلقه العميق من الوضع الخطير داخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطيين في سوريا، وأدان أعضاء المجلس بأشد التعابير الجرائم الخطيرة التي ارتكبها تنظيم داعش وجبهة النصرة بحق 18 ألف مدني من سكان المخيم كما أكدوا على ضرورة معاقبة المسؤولين عن هذه الجرائم".
دعوة لحماية اللاجئين
من جهته قال ممثل دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إن هناك أكثر من 16 ألف فلسطيني داخل مخيم اليرموك، معرضون لإبادات جماعية على يد تنظيم "داعش" الذي سيطر على المخيم.
وناشد منصور خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، جميع الدول على مساعدة اللاجئين على الانتقال إلى مناطق آمنة في سوريا أو في بلدان أخرى، مضيفًا أن نحو ألفي شخص، من بين ما يقدر بثمانية عشر ألف لاجئ تمكنوا من الانتقال إلى مناطق آمنة من تلقاء أنفسهم.
مسلحو "داعش" و"جبهة النصرة" سرقوا المنازل ... لاجيء فلسطيني هارب من اليرموك
أبو عبد الله من سكان مخيم اليرموك كان ضمن عائلات هربت من المخيم بعد دخول مسلحي "داعش"، وهو يقيم حالياً في مدرسة زينب الهلالية بمنطقة الزاهرة بدمشق، حيث أُقيم مركز لإيواء الفارين من مخيم اليرموك الذي يحاصره النظام منذ أكثر من عامين، مؤكداً لإذاعة العراق الحر أن مسلحي "داعش" و"جبهة النصرة" إرهابيون سرقوا منازل المدنيين وتاجروا بالمواد الغذائية، منادياً بأعلى صوته بأن الغذاء لم يدخل بيته منذ أكثر من 16 يوماً.
مُسن فلسطيني قال متحدثاً لوكالة أنباء محلية، إنه لن يترك المخيم ولن تخيفه براميل الأسد ولا أصوات الاشتباكات بين "داعش" والفصائل الأخرى.
مخيم اليرموك يشهد أزمة إنسانية كبيرة ... مسؤول فلسطيني
وبحسب أيمن فهمي أبو هاشم، رئيس الهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، فان مخيم اليرموك يشهد أزمة إنسانية كبيرة لليوم السادس على التوالي، بسبب حدة الاشتباكات داخل المخيم، بين مسلحي "داعش" وعدة فصائل أخرى، حيث أدت تلك الاشتباكات المتزامنة مع قصف النظام للمخيم بالبراميل والقذائف، لنزوح عشرات العائلات من داخل المخيم، إلى منطقة يلدا المجاورة بسبب افتقاد المخيم الغذاء والمياه وأبسط مقومات الحياة.
وفي لقاء مع إذاعة العراق الحر أكد فهمي نزوح أكثر من ألف عائلة إلى يلدا يسكنون في الجوامع والمدارس، والأمور تتجه نحو المزيد من الصعوبات خاصة وأن النظام السوري يشدد من حصاره مع دخول مسلحي "داعش" الى المخيم. وطالب فهمي المجتمع الدولي بفتح ممر آمن لأهالي المخيم للخروج من ما وصفه بـ"جحيم"، معرباً عن مخاوفه من إذا تم فتح ممر آمن تقوم قوات النظام بإعتقال وإستهداف المدنيين الخارجين من المخيم.
نسيطر اليوم على نحو 45% من مخيم اليرموك ... الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
ويبدو أن هجوم "داعش" على مخيم اليرموك قد وحّد الفصائل الفلسطينية، إذ يؤكد انور رجا مسؤول الاعلام في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أن تناحر الإرهابيين على النفوذ أدى الى خلافات بين الفصائل المسلحة حتى بين "جبهة النصرة" و"أكناف بيت المقدس" الذين كانا في موضع واحد.
وأكد رجا في تصريح خاص بإذاعة العراق الحر أنه مع بدء "داعش" بعمليات تصفية عناصر"أكناف بيت المقدس"، نشأ واقع جديد في مخيم اليرموك، إستفادت منه قوات التحالف الوطني الفلسطيني على رأسها الجبهة الشعبية- القيادة العامة التي تقدمت بإتجاه قلب المخيم، وباتت تسيطر اليوم على نحو 45% من المخيم، مشدداً على أن مسلحي "داعش" الذين إجتاحوا مخيم اليرموك من منطقة الحجر الأسود هم عنوان للذبح والقتل وسبي النساء والإغتصاب. ومن وجهة نظر رجا فإن الوضع الحالي يجعل مهمة تحرير وتطهير مخيم اليرموك مهمة ملحة وعاجلة وضرورة أن تكون شاملة، على حد تعبيره.
لا مجال للحوار والتفاوض مع "داعش" ... أمين سر تحالف القوى الفلسطينية
خالد عبد المجيد أمين سر تحالف القوى الفلسطينية أكد من جهته لإذاعة العراق الحر، أن الفصائل الفلسطينية نجحت في التقدم الى وسط المخيم، وان مسلحي "داعش" إنسحبوا من بعض المواقع الخلفية، لكن القتال لازال دائراً في المنطقة الجنوبية. وأشار الى ان جميع الفصائل والقوى الفلسطينية إتفقت على ضرورة إنهاء أزمة المخيم وطرد "داعش" من المخيم.
ونفى عبد المجيد أي وجود عسكري مباشر أو تدخل للنظام السوري أو الجيش السوري على الأرض، لافتاً الى زيارة وفد فلسطيني لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة السلطة الفلسطينية في رام الله، لمتابعة التطورات داخل مخيم اليرموك.
ودعا عبد المجيد الى وحدة الموقف الفلسطيني وتحمل الفصائل مسؤولياتها التاريخية لمواجهة "داعش" وطرده من المخيم وتأمين المستلزمات الغذائية والطبية وفتح ممر آمن. وشدد المسؤول في الجبهة الشعبية على أن لا مجال للحوار والتفاوض مع "داعش".
إلى ذلك نقلت وسائل إعلام محلية عن أبو أحمد المشير، قائد "أكناف بيت المقدس" المحسوبة على حركة حماس في المخيم قوله: "إنّ أحد أسباب سيطرة داعش على المخيم والذي تمثل بعنصر المباغتة، الذي تعرضت له "الأكناف" بعد زحف المئات من مقاتلي تنظيم "داعش" من الحجر الأسود نحو المخيم بتواطؤ من جبهة النصرة".
ودفع هجوم "داعش" على مخيم اليرموك، حلفاء "كتائب الأكناف" المحسوبة على حركة حماس، وهم: "جيش الأبابيل، جيش الإسلام، لواء شام الرسول"، إلى إطلاق معركة سمّوها "نصرة أهالي اليرموك"، مستهدفين تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة"، أملاً في إنقاذ "كتائب الأكناف" ومنع سيطرة "داعش" على المخيم.
واتهم "جيش الإسلام" وهو أحد أكبر الفصائل السورية المعارضة المسلحة في دمشق وريفها، إتهم "جبهة النصرة" بالتواطؤ مع تنظيم "داعش"، والسماح له بدخول مخيم اليرموك، ومقاتلة فصائل المعارضة.
تمدد "داعش" بإتجاه اليرموك وقلب دمشق خطر على الفصائل المعتدلة ... محمد علوش
وقال محمد علوش القيادي في جيش الإسلام ورئيس الهيئة السياسية في مجلس قيادة الثّورة لإذاعة العراق الحر: "إنّ تنظيم داعش تمكن من السيطرة على المخيم، بسبب منع جبهة النصرة وصول الإمدادات، وقد استطاع عناصر في الجيش مع حلفاء لهم الدخول بقوة إلى المخيم، واسترجعوا أجزاء كبيرة".
وحول قدرة جيش الإسلام في استعادة السيطرة على المخيم، أوضح علوش انّ "التحالفات في ريف دمشق مقسمة إلى كنتونات، حيث الغوطة الشرقية محاصرة، ومخيم اليرموك والحجر الأسود، يوجد فيها فصائل أخرى مع جيش الإسلام من بينها أبابيل وأجناد الشام، وعدد قليل من أحرار الشام، حيث وقف بعضهم موقف الحياد في البداية، ومن ثم شاركوا فيها، لكن النصرة خذلت المخيم وسهلت دخول التنظيم".
علوش أكد أن النظام السوري وعلى مدى أكثر من عامين حاول تجويع سكان مخيم اليرموك، وجاء "داعش" ليطلق الرصاصة الأخيرة على المحاصرين في المخيم.
وحذر علوش من أن "المعركة الحاصلة الآن تدور في أحياء دمشق وليس فقط في ريفها، وتمدد داعش من منطقة الحجر الاسود بإتجاه اليرموك يعتبر خطراً على الفصائل المعتدلة في سوريا، وفي هذه المنطقة تحديداً لأن بعد مخيم اليرموك يأتي حي الشاغور والميدان وهذا يعني وصول داعش الى قلب مدينة دمشق، إذا لم يتم مواجهتها ومنعها من التقدم".
بمشاركة مراسلَي إذاعة العراق الحر في سوريا خليل حسين ومنار عبد الرزاق.