بيروت
بلدة عرسال البقاعية على شفير الانفجار. وهي تشهد ما يشبه الانتفاضة بعدما ضاق أهاليها ذرعاً بالمسلحين السوريين الذين يدخلون ويخرجون منها على هواهم، ويتحكّمون بالحياة فيها. فهذه البلدة التي فتحت يديها لاستقبال النازحين السوريين، واتُّهمت بأنها وقفت الى جانب المعارضة السورية، أصبحت الآن ضحيّة للمسلحين الارهابيين الذين تسلّلوا الى خيم اللاجئين في الجرود.
قبل أيام، خطف مسلحون سوريون من قرية قارة السورية في القلمون المواطن اللبناني حسين سيف الدين من قرية حوش الرافقة في بعلبك، اثناء وجوده في عرسال، حيث كان يبيع بعض البضائع. وقام بعض اهالي عرسال باحتجاز عدد من السوريين في المقابل من أجل الضغط لاطلاق سيف الدين. وقد أسفرت الوساطات عن الافراج عن السوريين وعن سيف الدين في وقت لاحق.
وفيما كانت الوساطات تعمل لاطلاق المخطوفين من الجانبين، عادت لغة الخطف الأحد، حيث قام مسلحون سوريون بخطف المواطن محمد صالح الحجيري من داخل منشرته في عرسال.
وأتت هذه الحادثة بعد أيام قليلة على قيام تنظيم "داعش" بتصفية المواطن يونس الحجيري الذي كان مخطوفا لديه، ونشرِ صورا له وهو مقطوع الرأس.
وقد خلقت كل هذه الأحداث حالة من التوتر داخل البلدة، بحيث يفيد السكان بأن الخوف يسيطر على الأهالي، ويلتزم العديد منهم المنازل. ويقولون إن المسلحين من المجموعات المتطرفة يدخلون الى وسط البلدة ساعة يشاؤون، ويحاولون فرض "فتاويهم". وقد تسلّلوا إلى خيم النازحين، وهم في أي حال على تواصل جغرافي مع المنطقة الجردية داخل الأراضي السورية، حيث يتحصّن مسلحو "داعش" و "النصرة".
ويحتفظ هؤلاء المسلحين أيضاً بورقة العسكريين المخطوفين لديهم منذ ثمانية أشهر. ويسود الغموض عملية التفاوض الجارية من أجل إطلاقهم، في حين طرأ تطور قبل أيام تمثّل في تسليم الخاطفين جثة الدركي علي البزال، وهو واحد من العسكريين الأربعة الذين تمت تصفيتهم في الأشهر الماضية.
عمليات الجيش
وإذا كانت المواجهة بين الأهالي العزّل والمسلحين مواجهة غير متكافئة، فهناك مخاطر كبيرة تظلّلها، أبرزها احتمالات اتساع المعركة، خصوصاً أن عرسال ذات حدود واسعة مفتوحة على الداخل السوري، وهذا الأمر قد يؤدي إلى مزيد من التورط اللبناني في الأزمة السورية.
وفي هذا الإطار، يحاول الجيش اللبناني تحاشي الوصول الى هذه المرحلة، وهو يواصل في شكل شبه يومي ردّ محاولات التسلل التي يقوم بها المسلحون في جرود عرسال، كما قام أخيراً بعدد من العمليات الاستباقية، وسيطر على تلال استراتيجية تشرف على خطوط إمداد المسلحين وتسمح بمراقبة تحركاتهم.
من جهة أخرى، وبعيداً عن عرسال، تمكّن ثمانية من سائقي الشاحنات المبرّدة اللبنانيين كانوا احتجزوا على معبر نصيب عند الحدودية السورية - الأردنية من العودة الى الأراضي اللبنانية. وقد تزامن احتجازهم مع سيطرة جبهة النصرة على هذا المعبر الذي كان لأيام خلت تحت سيطرة القوات النظامية السورية. ولكن يبقى مصير عدد آخر من السائقين مجهولاً، ولم يعرف ما إذا كانوا مخطوفين أو فرّوا الى جهة ما هرباً من القصف الذي رافق لحظة وصولهم إلى معبر نصيب.