تسلط هذه الحلقة من برنامج "حقوق الإنسان في العراق" الضوء على تصاعد عدد الايتام في العراق نتيجة الاضطراب الامني الذي شهدته البلاد منذ 2003 وتفشي أعمال العنف والارهاب التي اودت بحياة مئات الالاف من المواطنين الابرياء، وتسببت بزيادة نسبة الفقر، مع زيادة أعداد الأُسر التي فقدت معيلها الوحيد، وباتت تعتمد على المساعدات وما تمنحهم شبكة الحماية الاجتماعية من مبالغ ضئيلة لا تعينهم على تحمّل صعوبات المعيشة.
ولا توجد احصائية دقيقة لعدد الايتام، الا ان ثمة مؤشرات تشي بأن أعدادهم تجاوزت المليون، وان نسبة كبيرة منهم يعيشون في كنف والدتهم او اقربائهم، وفي جميع الاحوال فهم ينشأون في ظروف صعبة وغير طبيعية. وفي ظل غياب البرامج الحكومية لرعاية هذه الشريحة برز دور منظمات المجتمع المدني التي يساهم بعض منها في اعداد برامج لخدمة اليتيم.
ضحايا وأيتام
وتحدثت إذاعة العراق الحر الى عدد من الايتام الذي ذهب آباؤهم ضحية الارهاب، بينهم الطفل عباس مصطفى الذي قتل والده منذ ثمان سنوات في تفجير بسوق الاولى بمدينة الصدر. وتقوم والدته باعالته عن طريق بيع الحلويات.
اما سندس سعد فقصتها مؤلمة بحق، إذ قتل والدها واعمامها الستة في ناحية اللطيفية عندما كانوا متوجهين الى النجف لدفن والدهم فتم غدرهم جميعا وبقي ابناؤهم لدى جدتهم تعيلهم من راتب جدهم المتوفى، ولم يحصلوا على اي تعويض لغاية الان. وسندس طالبة مجتهدة لا تتلقى العون الا من دار النور المعنية بالايتام.
وتقول مديرة دار النور للايتام لقاء العبودي ان الدار يقدم خدماته الى اكثر من 300 يتيم من مدينة الصدر، وتوفر مدرسين خصوصيين وتلبي احتياجاتهم، ولكنها غير مخصصة للمبيت. وبينت العبودي ان الدار لا تتلقى اية مساعدات حكومية باستثناء الهبات التي يقدمها مواطنون.
مؤسسة للطفل لليتيم
ودعا مدير البيت الآمن للايتام هشام الذهبي الى ايجاد مؤسسة للاطفال المشردين والايتام شبيهة بمؤسستي السجناء والشهداء اللتين ترعيان حقوق السجناء والشهداء السياسيين. واكد الذهبي ان مرحلة ما بعد "داعش" ستكون الاصعب بسبب العديد الكبير من الاطفال الذين تيتموا وتعوقوا والبعض الاخر ممن يعاني حالات نفسية مضطربة بعد تعرضه للعنف والاختطاف والاغتصاب، لافتا الى عدم وجود برامج حكومية جادة لاستيعابهم.
واشار الذهبي الى معاناة منظمات المجتمع المدني بشكل عام، ومنها المنظمات التي تعنى بالايتام، بغياب الدعم الحكومي لها، مشيراً الى ان معظم الوزارات اتجهت هذا العام الى المنظمات لتنفيذ برامجها بسبب الازمة المالية التي تعيشها.
واطلق الذهبي حملة منذ اسابيع على الفيسبوك لتشكيل اتحاد لمنظمات المجتمع المدني سيقوم بالمطالبة بحقوق الطفل وتشريع القوانين اللازمة لذلك، في وقت تطالب منظمات مدنية بتشريع قانون يحمي الاطفال الايتام في العراق، لاسيما ان اعدادهم في تزايد مستمر. وتؤكد مديرة جمعية الطفل اليتيم بيداء المالكي ان منظمتها قدمت مسودة لتشريع مثل هذا القانون.
منظمات ووزارات
ويؤكد المتحدث باسم وزارة حقوق الانسان كامل امين ان التعامل مع المنظمات يعتمد على سياسة كل وزارة، مبيناً ان قانون الوزارات لايسمح بتمويل المنظمات وانما يتم التعاون معها من خلال تنفيذ برامج مشتركة مدعومة من قبل الوزارة، حيث تقوم وزارة حقوق الانسان بدعم انشطة مشتركة تتعلق بالايتام.
واشاد امين بتجربة اقليم كردستان ودعا الى تطبيقها في عموم العراق والتي تتمثل في ان تقوم الوزارات بالاعلان عن برامجها وتتقدم المنظمات بعطاءات اشبه بمناقصات المشاريع، حيث تستعرض ما يمكن ان تقدمه والكلفة المالية ويكون المعيار درجة العمل الطوعي وما يمكن ان تضيفه على هذا البرنامج او ذاك، وتختار الوزارة افضل العطاءات المقدمة من قبل المنظمات لتنفيذ برامجها، وبذلك تكون الحكومة قد دعمت المنظمات بشكل غير مباشر، بحسب قوله.