في ظل تمدد الارهاب وتفاقم أمره في المنطقة، والجهد العربي والدولي لمحاربته، ووضع حد لتمدده، كثف الاردن اتصالاته ولقاءاته مع مرجعيات سياسية ودينية معروفة بأعتدالها لدى الشارعين العراقي والعربي، إذ شهدت عمان خلال الايام القليلة الماضية زيارات لمسؤولين عراقيين جاءت تلبية لدعوات وجهها الملك عبد الله الثاني. وزار الاردن في هذا السياق الاثنين الماضي نائب رئيس جمهورية العراق أسامة النجيفي، وكان سبقه لزيارة الاردن رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم، وعلمت اذاعة العراق الحر من مصادر اردنية مطلعة عن زيارة مرتقبة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الى الاردن.
وكان الملك عبد الله الثاني بحث مع كل من النجيفي والحكيم الجهود الدولية والاقليمية المبذولة لمكافحة الارهاب ومواجهة خطر العصابات الارهابية وفكرها المتطرف، مؤكدا ضرورة دعم الحكومة العراقية للتعامل بكل حزم مع هذا الخطر الذي يهدد امن واستقرار المنطقة.
واثمرت زيارة الحكيم عن جهود جديدة ستقدمها الحكومة الاردنية لمكافحة الارهاب تتمثل باعلان أستعدادها لتدريب افراد من العشائر العراقية ودعمها للقوات الامنية العراقية لوجستيا وعسكريا.
ويرى الكاتب، المحلل السياسي الاردني أحمد فهيم ان الحكومة العراقية الجديدة برئاسة الدكتور حيدر العبادي طوت صفحة من الخلافات والتوترات السياسية التي كانت قائمة بين العراق والاردن.
واكد فهيم اهمية الزيارات وقال ان اولوية المرحلة أصبحت مشتركة، فأن البلدين يواجهان عدوا مشتركا، والامر يتطلب التنسيق لمحاربته، اضافة الى ان الاردن يعتبر العراق عمقه الاستراتيجي الاقتصادي، وهناك حديث عن انبوب النفط المشترك الذي من المتوقع انشاؤه، واستعداد الاردن لتدريب القوات الامنية العراقية، كل هذه الامور أدت الى تعزيز العلاقة العراقية الاردنية وتبادل مسؤولي البلدين الزيارات.
وأضاف فهيم: ان الزيارات تؤشر الى اهداف مشتركة تنبع من خصوصية الوضع الجيوسياسي للاردن، الذي لديه شريط حدودي ملتهب مع سوريا، وتترتب على هذا الامر بطبيعة الحال تفاهمات استراتيجية مع اعلى مستوى في السلطة العراقية "حتى وان لم يرق الامر لدول اقليمية اخرى".
ويرى فهيم ان الاخطار الاخرى المحدقة بالاردن، التي قد تأتي عن طريق مليشيات محسوبة على طوائف مذهبية لم يكن لها اي تهديد مباشر على الاردن ولم يلحظ الاردن اطماعا ايرانية، مشيرا الى ان التهديد المباشر كان من خلال تنظيم داعش الارهابي، ومحاولاته التي ضبطها الجيش الاردني اكثر من مرة على الحدود الشرقية للاردن، الامر الذي دفع بالحكومة الاردنية الىىاجراء مباحثات مكثفة مع مسؤولين عراقيين.
اما الكاتب، المحلل السياسي العراقي شاكر الجبوري فيرى ان الزيارات هذه تمثل تحركا جديدا لاعادة التوازن الى القرار العربي في العراق، خاصة وان هناك معلومات تشير الى دعوة العراق للتخلص بشكل تدريجي من الدعم الايراني، والاتكاء على الدعم العربي لمكافحة الارهاب، وهو اكثر قبولا في المنطقة والعالم.
وأكد الجبوري اهمية الزيارات في هذه المرحلة ذلك انها مرتبطة بتحرك عربي وغير منفصلة عما يجري في اليمن، لذلك فان التحرك الاردني الاخير يخص مشروعا عربيا جديدا في العراق بعد سنوات عجاف من التردد واللامسؤولية في هذا الملف، الذي أذى الامن القومي العربي اكثر مما كان يتوهم بعض المغامرين في السياسة، على حد تعبيره.
ويرى الاعلامي، المحلل السياسي العراقي مهدي جاسم ان زيارة النجيفي والحكيم الى عمان ولقائهما الملك عبدالله الثاني جاءت ضمن السياسية التي تنتهجها حكومة العبادي للتقارب والانفتاح على دول الاقليم، التي تلعب دورا مهما وكبيرا في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش ومنها الاردن.
واضاف ان العراق والاردن يجمعهما هدف واحد وهو محاربة تنظيم داعش الارهابي، والقضاء عليه، لهذا كان من الضروري ان تلتقي شخصيات عراقية معتدلة ومقبولة لدى الشارع العربي، وغير محسوبة على جهات دولية، مع صناع القرار الاردني، للبحث والتداول في سبل مواجه الارهاب وتداعياته على دول المنطقة.