بيروت
على رغم ثلاثة مؤتمرات للدول والجهات المانحة لسوريا والدول المضيفة لللاجئين السوريين في الكويت ومؤتمر نيويورك، ظلّت المساعدات المالية أقل بكثير من الحاجات، في بلد كلبنان يستضيف أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري.
مؤتمر الكويت الثالث الذي انعقد الثلاثاء قدّم تعهدات لتخفيف الأزمة الإنسانية في سوريا بلغت 3 مليارات و800 مليون دولار، لم تقرَّر حصة لبنان منها بعد، علماً بأنه البلد الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين قياساً الى عدد سكانه.
"المطلوب إدارة الوجود السوري بحزمة من الإجراءات العملية والفاعلة"... رئيس الوزراء
صحيح أن هذه القيمة تفوق ما سجّله المؤتمر الأول للمانحين والتعهدات في المؤتمر الثاني، إلا أنه يبقى دون التوقعات، خصوصاً أن عدد اللاجئين تضاعف مرات عدة منذ المؤتمرين الأول والثاني.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إنه خلال العام 2013 لم يصل من المطلوب للتمويل إلا 53 في المئة، وانخفض في نهاية العام 2014 إلى أقل من 43 في المئة.
واكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام في كلمته أمام المؤتمر أن"العلاج المطلوب يكمن في إدارة الوجود السوري بحزمة من الإجراءات العملية والفاعلة"، وقدّم "خطة مفصلة للحكومة اللبنانية تفوق قيمتها مليار دولار، تتضمن قائمة برامج موزعة قطاعيا، ومترجمة في شكل مشاريع تنموية ضرورية، وتأتي في إطار خطة الاستجابة للأزمة للعامين 2015 و2016 ".
وتطرق سلام الى التداعيات المختلفة للنزوح على لبنان، فأشار الى "ان النتيجة الاخطر هي الوضع الامني الذي يشكل تهديدا مباشرا للاستقرار، حيث يتسلل الارهاب الى خيم اللاجئين."
ويقول الخبير الاقتصاد غازي وزني ان "لبنان يحتاج الى مليار دولار للعام الحالي. والأهم توزيع هذه المساعدات على المشاريع التنموية والبنى التحتية المنهكة جراء النزوح"، اضافة الى "حاجة القطاع التربوي الذي يستوعب حالياً قرابة 100 ألف طالب سوري وقد يشتد عليه الطلب لاستيعاب ضعف هذا الرقم."
تقديرات البنك الدولي
قبيل انعقاد مؤتمر نيويورك في أواخر أيلول من العام 2013، صدر تقرير أعدّه البنك الدولي بناء على طلب من الحكومة اللبنانية، تحت عنوان "لبنان: التأثير الاقتصادي للصراع السوري".
وقدّر التقرير الخسائر المترتّبة على الإقتصاد اللبناني من جراء الحرب في سوريا وتدفّق اللاجئين إلى الأراضي اللبنانية، بما يقارب الـ 7,5 مليارات دولار للفترة الممتدة بين 2011 و 2014.
النزوح السوري يدفع نحو 170 ألف لبناني إلى ما تحت خط الفقر... تقرير دولي
وأشار التقرير أيضاً الى التأثيرات السلبية للنزوح على الاقتصاد اللبناني والبنى التحتية والقطاعات التربوية وسواها كما تطرق الى انخفاض معدل النموّ الحقيقي في الناتج المحلي بما يؤدي الى خسائر كبيرة في الرواتب والأرباح والضرائب والاستهلاك الفردي والاستثمار، ويدفع نحو 170 ألف لبناني إلى ما تحت خط الفقر، فضلاً عن مليون يعيشون حاليًا دون هذا الخط، ويضاعف البطالة إلى ما يزيد على 20 في المئة، ويقلّص قدرة الحكومة على تحصيل الواردات بشكل ملحوظ .
ويتجلّى أثر الصراع السوري في وجه خاص في القطاعين التجاري والسياحي، كما ينعكس الأثر المالي للأزمة السورية على قطاعات الصحة والتعليم وشبكات الأمان الاجتماعي.
في لبنان حاليا حوالى 1400 مخيم عشوائي موزعة في المناطق اللبنانية، تضم 18% من اللاجئين، في حين أن 82% منتشرون في معظم انحاء لبنان، أي انهم يتغلغلون في النسيج اللبناني.
يقدر المحللون أن الحرب السورية ستطول، وحتى إن انتهت فإن عودة السوريين الى بلادهم ستكون صعبة نظرا الى الدمار اللاحق بالمنازل والبنى التحتية. وهكذا فإن إقامة السوريين في لبنان ستطول لسنوات. ومن هنا يكبر الخوف من ظهور التداعيات وتفاقمها مع الوقت.