تباينت آراء السوريين بشأن "عاصفة الحزم" التي أطلقتها السعودية وحلفائها لضرب الحوثيين في اليمن، وسط مطالبة المعارضة السورية بعملية مشابهة في بلدهم للحد مما وصفوه بـ التدخل الإيراني في سوريا والمنطقة.
ولاقت ضربات التحالف العربي الذي تقوده السعودية لمواقع الحوثيين التي حملت اسم "عاصفة الحزم"، تأييدا وترحيباً من قبل الفصائل السورية المسلحة المعارضة للنظام السوري، ورفضاً وتنديداً في أوساط النظام السوري.
وأعربت الحكومة السورية عن قلقها تجاه التطورات في اليمن وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين في تصريح لـ وكالة الأنباء السورية (سانا): "في الوقت الذي تؤكد فيه سورية على احترام سيادة اليمن واستقلاله ووحدته أرضا وشعبا فإنها تدعو الأطراف اليمنية إلى الحوار فيما بينها للتوصل إلى حل سياسي يلبي إرادة وتطلعات الشعب اليمني وتطالب المجتمع الدولي باحترام هذه الإرادة."
في الوقت نفسه أعلن الأئتلاف الوطني السوري المعارض تأييده ودعمه للعملية العسكرية "عاصفة الحزم"، واصفاً القرار "خطوة صائبة ورادعة، تُمهد لتشكيل جبهة تتصدى لمخططات النظام الإيراني التي تستهدف المنطقة العربية برمتها، داعياً الى توسيع "عاصفة الحزم" ليُنهي نظام الأسد، ويردع النظام الإيراني وأطماعه" بحسب تعبير بيان الإئتلاف.
أعلنا تأييدنا لـ"عاصفة الحزم" في اليمن ... قيادي في حركة أحرار الشام
حركة أحرار الشام الإسلامية التي سيطرت في الأيام القليلة الماضية على مدينة إدلب شمال سوريا، أعلنت من جهتها تأييدها لعملية “عاصفة الحزم” ضد الحوثيين في اليمن ، واصفة إياها بالخيار المنطقي لوضع حد لحرب إيران الواضحة ومشروعها الخبيث، والتي تستحق أعلى درجات الحزم" بحسب تعبير البيان الذي لفت إلى أن سوريا ما تزال تصد الهجمة الإيرانية منذ أربع سنوات، وهي خط الدفاع الأول ضد المشروع الإيراني، كما أنها تستحق أعلى درجات الدعم والتأييد.
وأكد أبو يوسف القيادي في حركة أحرار الشام، في حديثه لإذاعة العراق الحر أنهم في الحركة أعلنوا تأييدهم لـ"عاصفة الحزم" وأنهم يؤيدون أية دولة عربية تقوم بقطع ذراع إيران في اليمن وتطرد الحوثيين ليعود اليمن الى الوطن العربي على حد تعبيره.
"عاصفة الحزم" جاءت متأخرة واليمن إحدى محطات معركة إيران في المنطقة ... نصر الحريري
وفي سياق ذي صلة بتأييد المعارضة السورية لعملية "عاصفة الحزم" في اليمن، أكد نصر الحريري الإمين العام السابق للإئتلاف أن العملية جاءت متأخرة، وبعد أن سيطر الحوثيون على معظم فصائل الدولة في اليمن، بدعم من الميليشيات المساندة للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، إضافة الى دعم عسكري ومالي قوي من إيران.
ومن وجهة نظر الحريري فإن المعركة الجارية حالياً ليست في اليمن بل اليمن هي أحدى المحطات في معركة إيران، حيث أن إيران لديها مشروع فارسي إمبراطوري توسعي تمددي على كل المنطقة وقد سيست المذهب الشيعي من أجل هذا المشروع الموجود في العراق وسوريا واليمن والبحرين والسعودية والكويت والمشروع الفارسي لن يتوقف في اليمن.
ويُضيف نصر الحريري القيادي في المعارضة السورية، أن الدول العربية ظلت لسنوات صامتة ولا تتحرك للرد على المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة العربية، لكن السعودية تحركت بشكل حاسم فاجأ الجميع لإيقاف تمدد الحوثيين في اليمن الذين يهددون أمن السعودية بشكل خاص وأمن المنطقة العربية بشكل عام.
ويقول الحريري لإذاعة العراق الحر، إن المشروع الإيراني خطر على الشعوب والانظمة في المنطقة لكنه الأخطر في سوريا، لذا فأن إختصار المعالجة جزئياً على الملف الحوثي في اليمن لن يكون حاسماً ومنهياً للمشروع الإيراني، داعياً الى وضع خطة إستراتيجية شاملة لوقف التمدد الإيراني والنظر بشمولية للمخطط الإيراني، لإنها فرصة فإيران تورطت وتوغلت في المنطقة ولن تستطع أن تحافظ على توازنها، ويجب الأن توحيد الصف العربي لمواجهة التمدد الإيراني من خلال مساعدة المعارضة السورية، وعدم إعطاء الميليشيات العراقية والحرس الثوري الإيراني الفرصة للسيطرة على العراق.
كان يجب أن تُشن عملية مشابهة لعاصفة الحزم في سوريا قبل اربع سنوات ... صبحي الرفاعي
من جهته قال رئيس المكتب التنفيذي في مجلس قيادة الثورة، صبحي الرفاعي، إن ترحيب المعارضة السورية وتأييدها لـ"عاصفة الحزم" في اليمن، يعود الى سببين الأول يتعلق بسيطرة إيران في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، والأمر الثاني قيام إيران بإرسال الميليشيات الى سوريا واليمن، مشدداً خلال حديثه لمراسل إذاعة العراق الحر، على أن ضرب هذه الفصائل الموالية لإيران وكسر مخالب إيران في اي منطقة من المناطق العربية، هو في مصلحة العرب عموماً، و كل ما يُضعف إيران يصب في صالح الشعب السوري، وكل ما يجعل العرب أقوياء يجب أن يحضى بالتأييد، بغض النظر عن تقاعس العرب عن نصرة الشعب السوري.
ومن وجهة نظر الرفاعي كان يجب أن تُشن عملية مشابهة لعاصفة الحزم في سوريا قبل اربع سنوات.
وكشف الرفاعي عن وجود مقاتلين من الحوثيين اليمنيين في سوريا يُقاتلون إلى جانب النظام السوري، مؤكداً إعتقال ومقتل عدد منهم في معارك سابقة في حلب والبصرى، وحالياً هناك حوثيون في منطقة القلمون جاؤوا عن طريق حزب الله اللبناني أو عن طريق مطار دمشق الدولي، وهناك اشرطة فيديو وثقت ذلك على حد قول الرفاعي.
عاصفة الحزم جعلتنا نشعر بالعز والكرامة ونأمل أن تصل الى سوريا ... بسام حجي مصطفى
ويؤكد بسام حجي مصطفى عضو الدائرة السياسية في الجبهة الشامية أن التدخل الإيراني كان واضحاً منذ بداية الثورة السورية على مستوى دعم النظام بالاسلحة والمال والخبرات العسكرية، تدخل إيران وصل الى مستوى الإحتلال، وبدأ ينتشر في منطقة الشرق الأوسط ويحاول أن يُحيط بالدول العربية، وصولاً الى إعلان مسؤولين إيرانيين بتأسيس امبراطورية إيرانية عاصمتها بغداد وأن الشام ستكون محافظة من محافظاتهم، ما دفعنا ونحن نخوض معركة ضد الإحتلال الإيراني، للإستنجاد بمجلس الأمن الدولي، لوقف التوغل الإيراني لكن للأسف الولايات المتحدة الأميركية ودول مجلس الأمن تراقب الوضع بصمت، محاولة لإعطاء المنطقة كلها هدية لإيران مقابل تنازل إيراني بسيط عن ملفها النووي، ما يمكن الرئيس باراك أوباما من دخول إنتخابات رئاسية جديدة.
ويقول بسام إن "عاصفة الحزم جعلتنا نشعر بالعز والكرامة ورأينا الدول العربية التي كانت مرتبكة وتراقب بصمت، أخذت قراراً حازماً بالتصدي للتدخل الإيراني ونأمل أن تصل الىعواصم كل الدول العربية بما فيها سوريا المحتلة من خلال دعم الثوار السوريين."
الحرب في اليمن لتثبيت نقاط قوة بين القوى التي تتصارع في المنطقة وأبرزها السعودية وإيران ... إعلامي سوري
طارق عجيب إعلامي سوري يؤكد أن تشكيل قوة عربية لصالح الأمة العربية يأتي تلبية لتطلعات الشعب العربي لكنه للاسف لم يأتِ بإتجاه الذي كان يتمناه الشعب العربي، هو يندرج ضمن الصراع الذي تعاني منه المنطقة بشكل عام في أكثر من ساحة وليس فقط في اليمن. والحرب في اليمن بحسب عجيب جاءت لتثبيت نقاط قوة وحدود بين القوى التي تتصارع في المنطقة وأبرزها السعودية وإيران.
حملة "عاصفة الحزم في سوريا الحسم" على تويتر
وفي سياق متصل بالترحيب والتأييد الذي لاقته "عاصفة الحزم" في اليمن داخل الاوساط السورية، أطلق مجموعة نشطاء سوريون حملة على موقع التواصل الإجتماعي تويتر بهاشتاغ "عاصفة الحزم في سوريا الحسم".
السوريون الذين يعاني بلدهم منذ إربع سنوات من صراع دموي بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة السورية المسلحة، راح ضحيته نحو 200 الف سوري، منقسمون بشأن "عاصفة الحزم" التي أطلقها التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين في اليمن.
ففيما تطالب المعارضة بتوسيع عاصفة الحزم" وتدخل الدول العربية عسكريا لإنهاء الصراع الذي تعيشه البلاد، يرى سوريون أن هذه العملية تهدف لجر المنطقة العربية الى صراع طائفي.
ضربات التحالف العربي في اليمن إعلان للحرب الطائفية والإثنية في المنطقة ... خبير عسكري سوري
حسن حسن الخبير العسكري والإستراتيجي السوري، يرى أن عملية "عاصفة الحزم" هي إعتداء على سيادة اليمن، منتقدا صمت جامعة الدول العربية على مدى عقود وتحركها أخيراً لضرب سيادة دولة عربية، واصفاً ضربات التحالف العربي في اليمن بإعلان الحرب الطائفية والإثنية في المنطقة.
هيثم ابراهيم موظف في الحكومة السورية، يرى أن عملية "عاصفة الحزم" محاولة لخلط الأوراق في المنطقة من جديد، بعد أن توضحت صورة داعش والنصرة والإرهاب، وتحمل رسالة واضحة لتجديد دعوات الحل العسكري للملفات العالقة في المنطقة وخاصة الأزمة السورية، لأن دول الخليج وعلى رأسها السعودية ستكون الخاسر الأكبر في حال توصلت سوريا لحل أزمتها سياسياً، كما أن العملية تحمل رسائل كثيرة أحداها موجهة لإيران بأنها لن ترتاح حتى إذا ما توصلت الى إتفاق مع الغرب بشأن برنامجها النووي.
"عاصفة الحزم" هي جزء من لعبة الحرب الباردة الإقليمية التي إستخدمت فيها الطائفية ... حسن ابو هنية
ويستبعد الكاتب والباحث حسن ابو هنية، توسع عملية "عاصفة الحزم" وإمكانية تمددها لتشمل دول عربية أخرى، كما يستبعد أي تدخل عسكري عربي لإنهاء الأزمة السورية، أو اي تحرك سعودي خاصة وأنها لا تملك قوة فاعلة على الأرض العمود الفقري للمعارضة السورية هي قوى إسلامية متشددة كتنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" و "أحرار الشام"، والسعودية تعتبر هذه التنظيمات إرهابية بالتالي هي لا تستطع أن تؤثر على الساحة السورية، وليس هناك قوة حقيقية يمكن أن تعتمد عليها لإحداث التغيير في سوريا.
ويرى أبو هنية الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية المتشددة، أن "عاصفة الحزم" هي مجرد عملية صد وإحتواء لمنع سقوط عدن لا أكثر ولا أقل، والجيوش العربية غير مؤهلة لمحاربة التمرد أو محاربة المجاميع الإرهابية بالطرق الكلاسيكية، كما أن هذه العملية لا تشكل اي تهديد لتنظيم داعش في العراق وسوريا.
وفيما يرى مراقبون أن ضربات التحالف العربي لمواقع الحوثيين الموالين لإيران في اليمن، هي حرب طائفية تشهدها المنطقة بين السعودية وإيران، يؤكد الكاتب حسن أبو هنية متحدثاً لإذاعة العراق الحر من العاصمة الإردنية عمان أن الحرب في اليمن جزء من لعبة الحرب الباردة الإقليمية التي إستخدمت فيها الطائفية، لا يوجد هناك حرب طائفية وانما هناك حرب باردة إقليمية نشأت منذ فترة بعيدة لكنها تصاعدت في سوريا والعراق واليمن، مشيراً الى إستخدام واضح للهوية والطائفية في إطار صراع إستراتيجي صراع جيوسياسي محض.
بمشاركة مراسلا إذاعة العراق الحر في سوريا خليل حسين ومنار عبد الرزاق.