بيروت
اشتعلت الساحة السياسية اللبنانية بالمواقف والمواقف المضادة من التطورات الجارية في اليمن، وبدت أشبه بساحة حرب كلامية. وأظهر هذا السجال من جديد حدّة الانقسام بين محوري "حزب الله" الذي يشكل امتداداً للسياسات الايرانية في لبنان و"تيار المستقبل" الحليف الوطيد للمملكة العربية السعودية.
وشنّ الأمين العام ل ـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله أعنف هجوم حتّى الآن على السعودية، لم يمتنع خلاله من إلصاق أقسى التهم بالمملكة واستعمال أقصى النعوت. ولم يتأخر رئيس الحكومة السابق وزعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري بدوره في الردّ، واصفاً كلام نصر الله بأنه "عاصفة من الكراهية ضد السعودية."
وعلى رغم أن حملات نصر الله على السعودية ليست جديدة، فإن كلامه الجمعة شكّل حملة لا سابق لها، واتّسم بانفعالية شديدة، ما سيرفع من جديد وتيرة الاحتقان المذهبي اللبناني، وقد يؤثر على مجريات الحوار مع "تيار المستقبل"، وسيشكل أيضاً إحراجاً للحكومة اللبنانية تجاه الرياض.
الحملة الأعنف
حرص نصر الله على الدفاع عن ايران، نافياً اتّهامها بتعطيل الانتخابات الرئاسية أو بالتدخل في هذا الملف، ليتّهم السعودية في المقابل "بوضع فيتو على شخصية ذات ثقل على الساحة"، في إشارة الى رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون.
ثم ركّز على العملية العسكرية السعودية في اليمن، فاتّهم المملكة "بالتآمر على الشعب الفلسطيني"، وهاجم الأمراء الذين "لا يعترفون بتمرد الشعوب"، و "العدوان السعودي الاميركي الظالم على اليمن". وذهب الى القول ان "داعش" هي "آخر ابتكارات السعودية".
وجاء الرد الفوري في ما كتبه الرئيس الحريري عبر موقع تويتر، إذ قال: "استمع اللبنانيون الى عاصفة من الكراهيات ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج.... عاصفة الكراهية لا تستحق سوى الاهمال، لانها وليدة الغضب والاحباط والتوتر". وأضاف: "الاصرار على وضع مصالح ايران فوق مصالح لبنان أمر قائم منذ سنوات، ولن نعترف بجدواه، ولن يدفعنا اليوم الى مجاراته بردود متسرعة."
جوّ من الاحتقان
ويرى القيادي في "تيار المستقبل" النائب السابق مصطفى علّوش في حديث إلى موقع "العراق الحر" أن "الكرة الآن هي في ملعب نصر الله. فإذا أراد إدخال ملف اليمن والردّ العربي عليه في أجندته، فإنّ الوضع سيسوء على المستوى الأمني في لبنان". ولم يستبعد أن يقوم "حزب الله"بـ "عمليات لتغيير الواقع في لبنان، على غرار ما يفعل الحوثيون في اليمن". ولكنه استدرك أن "ليس من مصلحة الحزب ربّما فتح جبهة جديدة عليه في الداخل، فيما هو منشغل بحربه في سوريا والعراق".
وعلى رغم تأكيد كلّ من الحريري ونصر الله أن الحوار بين الجانبين مستمر، إلا أن علّوش يعتبر أن "الحوار سيتأثّر سلباً من العملية، نظراً إلى الجوّ المحتقن الذي ولّده تصريح الأمين العام للحزب".
إضافة إلى ذلك، يمكن لتصعيد الحزب ضد السعودية أن ينعكس سلباً على اللبنانيين الذين يعملون في المملكة وفي الخليج. وكانت دول خليجية أبعدت خلال السنوات الماضية أعداداً كبيرة من اللبنانيين على خلفية الموقف من "حزب الله"، وآخرهم أبعدتهم الامارات العربية هذا الشهر، وغالبيتهم ينتمون الى الطائفة الشيعية.
الجيش يواصل عملياته ضد الارهاب
في مجال آخر، وفيما السجال السياسي على أشده، يواصل الجيش اللبناني اجراءاته الاستباقية في مواجهة الارهابيين. وهو نفّذ أمس عملية عسكرية خاطفة في جرود عرسال كانت تتمة للعملية التي نفذها سابقاً وتقدم فيها الى تلة الحمرا. وقد تمكّن الجيش من وصل المواقع العسكرية الميدانية بين رأس بعلبك وعرسال في ما بينها، وتقدّم بنحو كيلومترين عن خطوطه السابقة، مسيطراً على تلال استراتيجية جديدة، وأقام للمرة الأولى نقطة في جرود بلدة الفاكهة البقاعية.