مازال مصير أكثر من 200 آشوري مجهولاً، بعد مرور أكثر من شهر على إختطافهم من قبل مسلحي تنظيم "داعش" بعد مهاجمة قراهم الآشورية بمحافظة الحسكة شمال شرق سوريا، يأتي هذا فيما بث التنظيم شريط فيديو يُعلن فيه أسير آشوري إعتناقه الدين الإسلامي.
وبثت مواقع تواصل إجتماعي تابعة لتنظيم "داعش" شريط فيديو يظهر فيه الأسير الآشوري "سركون" قائلاً إن اسمه أصبح "أبو عمر" وإنه دخل الإسلام طواعية دون إجبار أحد، معرباً عن أمله في أن يكون كل نصراني مسلماً ولا يكون مشركاً، بحسب تعبيره.
"داعش" دعا الآشوريين المختطفين الى إعتناق الإسلام ... كرم دولة
ويقول عضو المكتب السياسي في المنظمة الآشورية الديمقراطية كرم دوله أن سركون بولص الذي ظهر في الفيديو أُجبر على تغيير عقيدته، مشيراً الى أن تنظيم "داعش" دعا أكثر من مرة الآشوريين الأسرى بقبضته الى إعتناق الإسلام، لكن بدون عنف أو إساءة، إلا أنه طلب من الذين أطلق سراحهم من أهالي تل غوران عدم العودة الى قراهم وهددهم بالقتل إذا فعلوا ذلك. وأضاف دوله في حديث لإذاعة العراق الحر أنّ هناك مخاوف بشأن مصير المختطفين خاصة بعد أن تعثرت عملية إطلاق سراح العشرات منهم بقرار من الهيئة الشرعية.
وسبق أن قام تنظيم "داعش" بفرض الجزية على المسيحيين في العراق وسوريا وخيّرهم بين إعتناق الإسلام أو القتل، كما أجبر آلاف الايزيديين والإيزيديات على ترك ديانتهم.
وتقول جليلة، الفتاة الايزيدية التي بقيت في أسر داعش ثلاثة أشهر قبل أن تتمكن من الفرار من مدينة الرقة السورية، لإذاعة العراق الحر إن التنظيم كان يُجبر الفتيات الأيزيديات على إعتناق الإسلام والزواج من مسلحيه وأداء فريضة الصلاة والصيام، أو يتم ضربهن ومعاقبتهن.
اما فهيمة، وهي ام لسبعة اطفال إعتنقت الإسلام بعد أن هددها تنظيم داعش بقتل بناتها، وأُجبرت على إعلان الشهادة في مسجد بمنطقة تلعفر عندما كانت في أسر التنظيم لمدة شهرين، فتقول إن التنظيم كان يُصور إيزيديين وإيزديات يُعلن إسلامهن تحت التهديد، وتحدثت فهيمة لإذاعة العراق الحر عن قيام مسلحي "داعش" بقتل فتاة في العاشرة وصبي في الثانية عشرة بعد أن رفض الأب الإيزيدي إعتناق الإسلام، وعندما رفض رجل مسن آخر دخول الإسلام قام مسلحو التنظيم بكسر يده وقدميه، وتركه ينزف حتى مات.
"داعش" لا يهمه الإسلام بل هو حزب طامع بالسلطة ... الشيخ حسن الدغيم
ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية الشيخ حسن الدغيم أن تنظيم "داعش" يهدف من وراء نشره فيديوهات لإعتناق أصحاب الديانات الأخرى الإسلام الى إستقطاب وحشد أكبر عدد من المؤيدين له من "الجهاديين" في دول العالم، لأنه ليس في إجندة مسلحي "داعش" الدعوة للدين الإسلامي، فهم يقتلون المسلمين السُنة قبل غيرهم.
وبحسب الدغيم فأن تنظيم "داعش" قوي في مجال الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، ويستغل جميع الوسائل الإعلامية للترويج لأفكاره وتحقيق أهدافه في بناء "دولة الخلافة"، مؤكداً في حديث لإذاعة العراق الحر أن "داعش" لا يهمه الإسلام، فهو يفرض على الأقليات الدينية الأخرى إعتناق الإسلام ويربط إسلامهم بمبايعة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي كخليفة للمسلمين، وقال ان نشر التنظيم مقاطع فيديو المبايعة أو إشهار الإسلام ماهو إلا اسلوب لحشد الاتباع وجني الاخماس ولمّ الأموال واستقطاب سياسي، لأن داعش، بحسب رأي الشيخ الدغيم، حزب طامع بالسلطة ويساعده في ذلك الضباط البعثيون في العراق.
وكان تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ "داعش" أسر مئات الآشوريين خلال تقدمه نهاية شباط الماضي واجتياجه أكثر من عشر قرى يقطنها المسيحيون الآشوريون قرب الحسكة شمال شرق سوريا، ودفعت المخاوف آلاف الآشوريين الى النزوح من قراهم الى مناطق أخرى بمحافظة الحسكة. وقام التنظيم بإطلاق سراح 23 من آشوريي تل غوران، من مدينة "الشدادي" الّتي تعتبر من أهم معاقل التنظيم في ريف الحسكة شرق سوريا، وبقي في الأسر 212 شخصاً.
إنخفاض أعداد الآشوريين في سوريا الى أقل من ربع مليون نسمة ... ناشط آشوري
وبحسب مدير الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان في سوريا أسامة أدوارد، فان هناك مفاوضات تجرى بين قادة آشوريين محليين وشيوخ عشائر عربية للإفراج عن هؤلاء المخطوفين، معرباً عن أمله بأن تشهد الايام القليلة المقبلة أخباراً مفرحة حول عودة المخطوفين.
وفيما يتعلق بإجبار اصحاب الديانات الأخرى على إعتناق الإسلام يؤكد أدوارد أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها إرغام الآشوريين على إعتناق الدين الإسلامي، إذ سبق أن قامت جبهة النصرة نهاية 2012 بإعتقال أحد المسيحيين المنشقين عن الجيش السوري الحر وإجباره على دخول الإسلام.
وقال مسؤول في تنظيم "داعش" في نفس الفيديو الذي ظهر فيه الأسير الآشوري سركون الذي أصبح يسمى (أبو عمر): إنه سيعود قريبا إلى أسرته إن شاء، ليخبرهم أن أحداً لم يجبره على دخول الإسلام، بل إنه تأثر بالإسلام وهو في السجن من خلال السجناء المسلمين.
وذكرت تقارير صحفية أن مسلحي "داعش" اعتقلوا الآشوري "ابو عمر" قبل اسابيع وهو يحمل السلاح مدافعاً عن القرى الأشورية المسيحية في ريف الحسكة التي يطلق عليها التنظيم المتشدد "ولاية البركة".
وأكد إسامة إدورد أنه يعرف سركون شخصياً فهو من قرية طلعة وتم إختطافه قبل نحو ثلاثة أشهر، لكن التنظيم قام بالإفراج عنه قبل نحو ثلاثة أسابيع، ونُشر فيديو إعتناقه الإسلام بعد الإفراج عنه لأسباب غير معروفة، لكن الناشط أسامة يرى أن نشر فيديوهات تُظهر إعتناق ناس من أقليات دينية أخرى الإسلام، يأتي في إطار سياسة الرعب والترهيب التي تنتهجها التنظيمات الإسلامية في حربها الدعائية. ويستبعد أسامة أن يقوم تنظيم "داعش" بإرغام أكثر من 212 آشورياً على دخول الإسلام.
وتأسست الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان في سوريا في 20 أيار 2011 اثر إندلاع الإحتجاجات الشعبية في سوريا، ومقرها في السويد.
مدير الشبكة اسامة إدوارد أكد لإذاعة العراق الحر في مقابلة هاتفية أن الشبكة ومنذ بداية تأسيسها وثقت لإنتهاكات حقوق الأقليات في سوريا من جانب قوات النظام السوري أو فصائل المعارضة السورية المسلحة، والتنظيمات الإسلامية المتشددة كتنظيم "داعش" و"جبهة النصرة"، واصفاً ممارسات هذه التنظيمات بالجينوسايد والإبادة الجماعية للآشوريين والمسيحيين وباقي الإقليات الدينية الأخرى في المنطقة.
وتراجعت أعداد المسيحيين بشكل واضح في العراق وسوريا بسبب إستهدافهم من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة، ووفقاً لإحصاءات الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان في سوريا فأن أعداد الآشوريين كانت تصل الى 600 ألف آشوري في سوريا، لكنها إنخفضت الى أقل من ربع مليون آشوري بسبب الصراع السوري الذي دخل عامه الخامس.
بمشاركة مراسل إذاعة العراق الحر في سوريا منار عبد الرزاق.