إتهمت منظمة (هيومن رايتس ووتش) المعارضة المسلحة في سوريا بتنفيذ عشرات الهجمات العشوائية التي أسفرت عن مقتل وتشويه مدنيين انتهاكا لقوانين الحرب، وحثت مجلس الأمن الدولي على رفع الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت المنظمة المعنية بمراقبة حقوق الإنسان في أحدث تقرير الاثنين، إن الجماعات المسلحة لا يمكنها أن تستغل ما ترتكبه قوات الحكومة والفصائل المتحالفة معها من انتهاكات، لتبرير شن أعمال عنف كثيرا ما استهدفت مناطق بها تركيز عال من الأقليات الدينية.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن نديم خوري نائب المدير التنفيذي للشرق الأوسط في منظمة (هيومن رايتس ووتش) قوله؛ "لقد شهدنا سباقا نحو القاع في سوريا، إذ تحاكي الجماعات المسلحة قسوة القوات الحكومية بشكل تكون له عواقب مدمرة على المدنيين".
وحث التقرير مجلس الأمن الدولي على رفع الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية وفرض حظر على السلاح على القوات المتورطة في انتهاكات واسعة أو منهجية بصرف النظر عن الجهة التي تقاتل معها.
وغطى تقرير المنظمة الدولية هجمات وقعت في الفترة بين كانون الثاني عام 2012 ونيسان عام 2014 في محيط دمشق وحمص. وأعلنت جماعات مثل جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مسؤوليتها عن بعض الهجمات.
لكن التقرير ذكر أن أفرادا في الجيش السوري الحر وجماعات معارضة أخرى نفذوا هجمات دامية متعمدة في مناطق مدنية.
نرفض وبشدة إستهداف المدنيين الأبرياء ... صبحي الرفاعي
صبحي الرفاعي رئيس المكتب التنفيذي لمجلس قيادة الثورة السورية رد على تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، نافياً قيام فصائل المعارضة السورية والجيش السوري الحر بإستهداف المدنيين.
واضاف الرفاعي متحدثاً لإذاعة العراق الحر، أن مجلس قيادة الثورة السورية يرفض وبشدة إستهداف المدنيين الأبرياء، وأتهم النظام السوري بإستهداف المدنيين وخرقه أكثر من مرة لإتفاقيات وقف إطلاق النار لقتل المزيد من المدنيين.
وأكد الرفاعي أن هيئات شرعية تابعة للمعارضة السورية المسلحة، جرمت إستهداف المدنيين ودعت الى تحييد المناطق السكنية، مشيراً الى أن هناك بعض الخروقات والعمليات الإنتقامية التي تقوم بها بعض الفصائل المسلحة، لكنها لا تصل الى مستوى إعداد تقارير دولية بشأنها على حد تعبير الرفاعي.
تقرير هيومن رايتس ووتش بداية إيجابية ... برلماني سوري
الأوساط السورية القريبة من النظام رحبت بتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية، وأعتبر فيصل عزوز عضو مجلس الشعب السوري عن محافطة حلب، تقرير المنظمة الدولية بداية إيجابية فللمرة الأولى يتم تسليط الضوء على ممارسات المعارضة السورية المسلحة وإنتهاكاتها لحقوق الإنسان والبنى التحتية والحضارة، داعياً كافة المنظمات الدولية الى فضح الممارسات اللانسانية للمعارضة السورية وإدانتها، بعد أن ظلت هذه المنظمات وعلى مدى السنوات الأربع الماضية تدين النظام السوري على حد تعبير عزوز.
أول وآخر من إستهدف المدنيين هو النظام السوري ... نصر الحريري
إلا أن الأمين العام السابق لـ "الائتلاف السوري المعارض" نصر الحريري، دافع عن فصائل المعارضة السورية المسلحة، مؤكداً لإذاعة العراق الحر أن أول وآخر من إستهدف المدنيين في سوريا هو النظام السوري عندما صوب البنادق والاسلحة الخفيفة الى صدور المحتجين في بداية الإحتجاجات، والآن يستخدم كل أنواع الاسلحة الثقيلة والمروحيات والطيران الحربي والبراميل المتفجرة.
وأشار الحريري الى أن الثوار يقومون في بعض الأحيان بإستهداف المناطق المدنية التي يتم منها إطلاق الصواريخ والراجمات، رداً على المجازر التي يقوم بها النظام على حد تعبيره.ويتهم الحريري نظام الرئيس بشار الأسد بإستخدام المدنيين كدروع بشرية ونشر ثكناته ومقاره العسكرية داخل الأحياء السكنية، وزرعه لمجموعات موالية لنظامه داخل صفوف المعارضة المسلحة.
وبحسب الحريري، فان هناك حوادث فردية من قبل بعض الفصائل المسلحة، تُسفر عن قتل مدنيين لكن بأعداد قليلة لا يمكن مقارنتها بما يقوم به النظام، لافتاً الى وجود معارضة مسلحة لها علاقة أو ترتبط بالنظام يقومون باعمال تُحسب على المعارضة.
واعتمد تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش على روايات ضحايا وشهود في مكان التحقيقات واشرطة فيديو ومعلومات على وسائل التواصل الاعلامي. ووصف التقرير هجمات استخدمت فيها سيارات ملغومة وقذائف مورتر وصواريخ. ووثق التقرير 17 تفجيرا بسيارات ملغومة وانفجارات أخرى في ريف دمشق ووسط دمشق وعدة أماكن في حمص. وقال التقرير إن كثيرا من المناطق التي استهدفت بها عدد كبير من الأقليات الدينية بما في ذلك المسيحيون والعلويون والشيعة والدروز الذين يعتبرهم المسلحون السُنة داعمين للحكومة.
يونس احمد (40) موظف من أهالي دمشق تحدث لإذاعة العراق الحر عن إستهداف جيش الإسلام، وهو فصيل إسلامي معارض، لمناطق سكنية في العاصمة دمشق عندما قام بإطلاق صواريخ مطلع شباط الماضي أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، ويستغرب يونس من مقارنة منظمة هيومن رايتس ووتش بين ما تقوم به المعارضة السورية والنظام في سوريا.
من جهتها أكدت ضحى (30 عاماً) وهي مواطنة تسكن في منطقة مساكن السبيل بحلب، تعرض المنطقة التي تسكنها الى قصف قناني الغاز المتفجرة من قبل فصائل المعارضة السورية وتتسائل عن سبب إستهداف المدنيين في هذه المنطقة السكنية التي تقع بين ثكنتين عسكريتين لقوات النظام.
حيدر رزوق صحافي من مدينة حمص أكد لإذاعة العراق الحر أن تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش كان قريباً من الواقع وخاصة فيما يتعلق بإستهداف فصائل المعارضة السورية المسلحة لمدنيين وأحياء سكنية في مدينة حمص.
قصف المعارضة للمناطق المدنية خروج عن أخلاق الثورة ... صحفي معارض
ومن وجهة نظر الصحافي المعارض فراس ديبة فإن ما تقوم به بعض فصائل المعارضة السورية المسلحة المحسوبة على الجيش السوري الحر من قصف للأحياء المدنية في مدينة حلب والمناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، لا يمكن إعتباره عملاً ثورياً بالمطلق وهو خروج عن أخلاقية الثورة، واصفاً القصف بـ حالة عبثية إستمرت منذ عامين ونصف دون أن تتمكن قوات المعارضة من التقدم وتحرير مناطق جديدة.
وتحولت الإحتجاجات الشعبية التي أنطلقت ضد الرئيس بشار الأسد في آذار عام 2011، الى صراع مسلح بين الجيش السوري وعدد من جماعات المعارضة المسلحة واسفر الصراع الذي دخل عامه الخامس عن مقتل 200 ألف شخص وتشريد وتهجير ملايين السوريين.
تقرير هيومن رايتس ووتش سيؤثر على دعم الغرب للمعارضة السورية ... مروان شحادة
ويرى الباحث مروان شحادة المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية المتشددة، أن "داعش" و"جبهة النصرة" و"أحرار الشام" و"جيش الإسلام" هي من أبرز فصائل المعارضة الفاعلة على الساحة السورية.
شحادة الذي كان يتحدث لإذاعة العراق الحر في مقابلة هاتفية من العاصمة الإردنية عمان، أكد أن معظم الفصائل تنتهك قوانين الحرب وتقوم بإنتهاكات لحقوق الإنسان مشابهة لما يقوم به النظام والفصائل المؤيدة له من ميليشيات شيعية في بلد يعيش حالة فوضى منذ أربع سنوات.
وذكر شحادة أن تقرير هيومن رايتس ووتش سيكون له تأثير على الدعم الغربي للمعارضة السورية، خاصة وأن تقارير هذه المنظمة الدولية تلقى صدى عند صُناع القرار في الدول الغربية.
بمشاركة مراسلا إذاعة العراق الحر خليل حسين في دمشق ومنار عبد الرزاق على الحدود السورية التركية.
