تباينت ردود الأفعال بشأن تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول التفاوض مع الرئيس السوري بشار الاسد، لحل الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس.
وفيما تتهم دمشق الغرب ودول الخليج بتقديم مساعدات للمعارضة المسلحة في سوريا، أعلن الأسد أنه "ينتظر الافعال" بعد التصريحات التي أدلى بها كيري، وقال: "ما زلنا نستمع لتصريحات، وعلينا أن ننتظر الأفعال وعندها نقرر".
ننتظر الأفعال بعد التصريحات لنقرر ... الأسد
وعما إذا كانت هناك تغييرات في المواقف الدولية، قال الأسد في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، إن "أي تغييرات دولية يجب أن "تبدأ أولا بوقف الدعم السياسي للإرهابيين ووقف التمويل ووقف
إرسال السلاح والضغط على الدول الأوروبية وعلى الدول التابعة لها في منطقتنا التي تقوم بتأمين الدعم اللوجستي والمالي وأيضا العسكري للإرهابيين. عندها نستطيع أن نقول أن هذا التغير أصبح تغيرا حقيقيا".
وكان كيري قال (الأحد) إن الولايات المتحدة ستضطر إلى التفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد، من أجل ضمان انتقال سياسي للسلطة في سوريا، وأضاف في مقابلة مع قناة (CBS) الأميركية أن واشنطن تدرس فرص الضغط على الأسد من أجل حمله على قبول إجراء المباحثات.
وقال كيري: "إننا نعمل بجدّ مع أطراف أخرى مهتمة لنرى إذا كنا سنتوصل الى حلّ دبلوماسي. لماذا؟ لأن الكل يقرّ أنه لا وجود لحل عسكري بل هناك فقط حل سياسي، لكن لِحَمل نظام الأسد على التفاوض، لا بد أن نوضح له أن هناك تصميما من الجميع من أجل السعي لحل سياسي وتغيير حساباته بشأن المفاوضات وهذا الأمر جار الآن".
وأضاف كيري قائلا: "أنا مقتنع بأنه بفضل جهود حلفائنا وآخرين، ستكون هناك ضغوط متزايدة على الأسد".
لا تغيير في موقف واشنطن بشأن الاسد ... مسؤولون أميركيون
ولاقت تصريحات كيري أصداءً واسعة في الأوساط الدولية، وسارع مسؤولون بوزارة الخارجية الاميركية الى التقليل من مضمون هذه التصريحات وتوضيح أن موقف واشنطن بشأن الاسد لم يشهد تغييراً، إذ سارعت "ماري هارف"المتحدثة باسم الخارجية الأميركية المرافقة للوزير كيري، إلى التأكيد على أنه لن يكون هناك تفاوض مباشر مع الأسد.
المتحدث باسم البيت الابيض جوش إرنست أوضح من جهته أن "ممثلين" عن نظام الأسد، وليس بشار الأسد نفسه، يجب أن يجلسوا إلى الطاولة ويتفاوضوا مع المعارضة السورية.
وفي هذا السياق قالت جين ساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية إنه "ما زلنا نعتقد انه لا يوجد مستقبل للاسد في سوريا". وذكرت ان الولايات المتحدة تجري "مناقشات عديدة" مع الروس بالاضافة الى شركاء أوروبيين وعرب، وأن الطريق الوحيد لوضع نهاية لمعاناة الشعب السوري هو من خلال حلّ سياسي يتطابق مع مبادئ جنيف". وأضافت إن واشنطن منفتحة على سماع المزيد بشأن اقتراح روسي لعقد محادثات سورية جديدة.
حوار ثان في موسكو
ووفقاً لوكالة انترفاكس الروسية للانباء وجهت روسيا (الاثنين) دعوة إلى مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا بشأن سوريا لعقد جولة ثانية من الاجتماعات من المقرر أن تبدأ في نيسان المقبل، وهذا ما أكدته لإذاعة العراق الحر مديرة مركز اسيا والشرق الأوسط في موسكو الينا سوبونينا التي ذكرت أن واشنطن بدأت تدرك مخاطر توسع تنظيم "داعش" ما يتطلب الحوار مع نظام الأسد.
وأكد سوبونينا أن موسكو تواصل التحضيرات لعقد حوار موسكو الثاني، في نيسان المقبل بمشاركة ممثلين عن المعارضة السورية وممثلين عن نظام الأسد، وأوضحت أن الأمم المتحدة ترحب بجهود روسيا وأن دي ميستورا سيشارك في هذا اللقاء.
واثارت تصريحات وزير الخارجية الاميركي إعتراضات شديدة في دول حليفة، حيث قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن "حل الأزمة السورية يكمن في انتقال سياسي يحافظ على مؤسسات الدولة وليس على الرئيس بشار الأسد".
واعتبر الوزير الفرنسي، في ختام اجتماع في بروكسل، أن إجراء مفاوضات مع الأسد سيكون بمثابة "هدية" تقدم إلى تنظيم "داعش".
من جهته انتقد وزير الخارجية التركي مولود تشاووشأوغلو موقف نظيره الأميركي جون كيري. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الوزير التركي قوله ان كافة قضايا سوريا الحالية هي نتيجة لسياسة نظام الأسد.
وتساءل تشاووشأوغلو: "هل تنوون إجراء مفاوضات مع النظام الذي قضى على أكثر من 200 ألف شخص واستخدم السلاح الكيميائي"؟
وخلف الصراع السوري على مدى أربع سنوات اكثر من 215 الف شخص وملايين المشردين والنازحين واللاجئين، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. ويرى مراقبون أن ظهور تنظيم "داعش" كان سبباً وراء تغير موقف الدول الغربية من نظام الرئيس الاسد، بعد أن كانت واشنطن وحلفاؤها يؤكدون خلال الأعوام الماضية على ضرورة رحيل الأسد في إطار عملية انتقال سياسي للسلطة تقود إليها المفاوضات بين الأطراف المعنية.
"داعش" وراء تغيّر الموقف الأميركي من نظام الاسد ... محلل عراقي
ويرى الباحث والمحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي في حديث لإذاعة العراق الحر من العاصمة بغداد أن ما يهم واشنطن في المرحلة الراهنة هو القضاء على خطر "داعش" ومنع تمدده في المنطقة، ما يضطرها الى التفاوض مع النظام السوري لإنهاء الصراع السوري ومحاربة "داعش" كما إضطرت للتفاوض اليوم مع إيران بشأن ملفها النووي.
الأزمة السورية ستستمر لإبقاء محرقة "الجهاديين" في سوريا والعراق مشتعلة ... محلل سوري
لكن الكاتب والمحلل السياسي السوري هوشنك أوسي يرى أن رحيل الأسد النظام السوري ليس في اولويات واشنطن والدول المتحالفة معها، والنظام لا يشكل خطراً على مصالح هذه الدول في المنطقة.
وتوقع أوسي الذي كان يتحدث لإذاعة العراق الحر من بوكسل، توقع إستمرار الأزمة السورية والإبقاء على الاسد لسنوات أخرى، لأن إستمرار الأزمة يعني بقاء محرقة الجهاديين والإسلاميين المتشددين والإرهابيين مشتعلة في العراق وسوريا لجذب "جهاديي" العالم والقضاء عليهم بعيداً عن الدول الغربية.