تُحقق القوات العراقية المدعومة بالحشد الشعبي وأبناء العشائر تقدماً في عملية استعادة مدينة تكريت من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية وإنْ بُـــــبطء مع توقعاتٍ بأن تمتدّ العملية الواسعة التي بدأت فجر الاثنين لفترة طويلة.
بيان لوزارة الدفاع أفاد الثلاثاء (3 آذار) بتحقيق ما وصفت بـ"انتصارات عظيمة" في اليوم الأول من عملية (لبيك يا رسول الله)، معلناً أن قطعات قيادة عمليات دجلة تمكنت من تطهير قرى ألبو رياش وآل بو عيسى وآل بو طلحة في محافظة صلاح الدين وأنها تواصل التقدم باتجاه حمرين وتكريت والعلَم.
وأوضح البيان أن تنظيم داعش تكبد خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات فضلاً عن استيلاء القوات العراقية على عدد كبير من الأعتدة والأسلحة والمتفجرات والعثور على "معسكر كبير للإرهابيين في سلسلة جبال حمرين باتجاه صلاح الدين والاستيلاء عليه" مضيفاً أن القطعات العسكرية تواصل التقدم لتطهير محافظة صلاح الدين وفق الخطة المرسومة، بحسب ما أفاد الموقع الرسمي لوزارة الدفاع.
في الأثناء، دعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف "جميع القوات المسلحة في تكريت إلى بذل كل ما في وسعها لضمان أمن وسلامة المدنيين وفقاً للمعايير الدولية." وأضاف أنه "يتعين بذل أقصى جهد ممكن لتجنّب سقوط ضحايا من المدنيين خلال العمليات العسكرية التي يدعمها الطيران الدولي والعراقي، والإحترام الكامل للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي". كما دعا البعوث الأممي الحكومة العراقية والمجتمع الدولي "إلى التحرك بشكل عاجل لضمان تقديم المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمسّ الحاجة اليها، وضمان أن يتمكن جميع أولئك الذين فرّوا بسبب داعش من العودة إلى ديارهم بأمان"، بحسب ما نقل عنه موقع الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي).
وفي أحدث المتابعات التي بَــثّــتها وكالات أنباء عالمية عن التطورات الميدانية، نقلت فرانس برس الثلاثاء عن نشرة إذاعية لتنظيم داعش أُعلن فيها أن أميركياً من منتسبيها نفذ هجوماً انتحارياً على تجمع للقوات العراقية في محافظة صلاح الدين. وأُفيد بأن الهجوم الذي نُــفذ الاثنين بشاحنة مفخخة على أطراف مدينة سامراء أدى إلى مقتل "العشرات" من القوات العراقية ومقاتلي الحشد الشعبي.
فيما أفادت رويترز بأن القوات العراقية تسعى الثلاثاء إلى محاصرة مسلّحي داعش في تكريت ومدن مجاورة. ونقلت عن شهود أن القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني يُــــشرف على جزءٍ على الأقل من العملية. ولكن لم يُسجّل للضربات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسوريا أي دور حتى الآن في تكريت، حسبما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الاثنين لأسباب ربما كان من بينها ما وصفه التقرير بـ"الوجود الإيراني الكبير".
هذا فيما قال مسؤولون عسكريون عراقيون إن القوات الأمنية المدعومة بوحدات الحشد الشعبي "تتقدم تدريجياً وإن تقدمها تباطأ بسبب تفجيرات القنابل على جانب الطرق ونيران القناصة". وأشار تقرير رويترز إلى إمكانية "أن يؤثر سير العمليات في تكريت بمحافظة صلاح الدين في الخطط الرامية لاستعادة مدينة الموصل الشمالية" مضيفاً أنه إذا "تعثر الهجوم فإنه سيعقّد ويؤخّر التحرك صوب الموصل"، بحسب تعبيره.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريت مقابلة مع رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) الدكتور واثق الهاشمي الذي علّق لإذاعة العراق الحر على سير العمليات العسكرية الحالية وتأثيرها في المشهد السياسي. وفي إجابته عن سؤال يتعلق بمغزى ما نُشر حول وجود قائد عسكري إيراني رفيع في مسرح العمليات، قال إن اللواء قاسم سليماني "يظهر عبر وسائل الإعلام وهذه ليست قضية سرية، وهناك اعتراف من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس إقليم كردستان أن العراق بأمسّ الحاجة إلى الخبرات والمساعدات... كما أن القائد في الحرس الثوري الإيراني يتواجد في معارك كثيرة في العراق وقد نقلت وسائل إعلام محلية وقنوات فضائية صوراً له مع شخصيات عراقية...لذا من غير المستبعد أن يكون موجوداً في معركة تكريت."
من جهته، قال مدير (المركز الجمهوري للدراسات الأمنية) الدكتور معتز محيي لإذاعة العراق الحر إن الاشتباكات "مستمرة منذ الصولة الأولى وساعة الصفر، وهنالك صفحات في هذه المعارك لا تنتهي في ليلة وضحاها...وفي رأيي سوف تطول أكثر من أسابيع لأن منطقة تكريت والأقضية المحيطة بها لها طبيعة خاصة تختلف عن طبيعة أي منطقة أخرى في العراق من حيث التضاريس ووجود السكان المحليين في القرى والأرياف القريبة من الدور والقريبة من ناحية العلم وناحية الصينية..كل هذه يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار عندما تقتحم قوات عسكرية مثل هذه الأماكن. كذلك فإن أسلوب داعش الذي دائماً يعيق تقدم قواتنا العراقية وهو أسلوب تفخيخ الطرق والسواتر الدفاعية ووجود القناصين على أعالي المناطق المرتفعة وأعالي الأبنية....".
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث الخبير العراقي في الشؤون الأمنية محيي عن موضوعات ذات صلة. كما أجاب عن سؤاليْن آخرين يتعلق أحدهما باحتمالات قيام التحالف الدولي بتوجيه ضربات جوية على مواقع داعش في محافظة صلاح الدين خلال تنفيذ عملية استعادة تكريت، والثاني حول دعوة المبعوث الأممي إلى القوات العراقية لبذل كل ما في وسعها من أجل ضمان أمن المدنيين وسلامتهم خلال المعارك الحالية.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع مدير (المركز الجمهوري للدراسات الأمنية) د. معتز محيي ورئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) د. واثق الهاشمي.