مع الإعلان عن مقتل أول مقاتل أجنبي (أسترالي الجنسية) كان يقاتل تنظيم داعش إلى جانب وحدات الحماية الشعبية الكردية، سُلطت الاضواء من جديد على ظاهرة إلتحاق المقاتلين الأجانب بالوحدات الكردية لمحاربة تنظيم داعش في العراق وسوريا.
مقتل أول مقاتل أجنبي في صفوف الوحدات الكردية
وقُتل أول مقاتل أجنبي في صفوف وحدات حماية الشعب الكردية خلال معارك جرت مساء الثلاثاء (24 شباط)، بريف قامشلو الجنوبي في اشتباكات مع تنظيم الدولة الإسلامية داعش.
وحسب معلومات أدلى بها مسؤول العلاقات في هيئة الدفاع بمقاطعة الجزيرة ناصر حاج منصور، المقاتل استرالي الجنسية إسمه الحركي باكوك سرحد وإسمه الحقيقي جونستون آشلي كان ضمن صفوف وحدات حماية الشعب في حملة تل حميس عندما أُصيب بجروح وفقد حياته بعدها في قرية الغسانية طريق تل حميس - الهول.
وذكر المسؤول الكردي أن المقاتل الأجنبي الأسترالي إلتحق بالمقاتلين الكُرد قبل أربعة أشهر وبعد أن ذاع صيت وحدات حماية الشعب YPG ووحدات حماية المرأة YPJ.
وتسيطر وحدات حماية الشعب الكوردية على أغلب المناطق الكردية في سوريا، وتواجه هذه الوحدات تنظيم داعش ونجحت بمساندة قوات البيشمركة والتحالف الدولي، من إستعادة السيطرة على مدينة كوباني.
وتشن الوحدات الكردية بمساندة طائرات التحالف الدولي هجمات ضد مواقع داعش في محيط تل حميس جنوب مدينة القامشلي، وتمكنوا خلاله من التقدم والسيطرة على أكثر من 30 قرية ومزرعة وتجمعاً سكنياً، لكن داعش لا يزال يسيطر على بلدة تل حميس.
وانضم الى صفوف وحدات حماية الشعب عشرات المقاتلين الاجانب ومن دول مختلفة لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش.
وأكد مسؤول العلاقات في هيئة الدفاع بمقاطعة الجزيرة ناصر حاج منصور أن المزيد من المقاتلين الأجانب إنضموا الى الوحدات الكردية في سوريا بعد هجمات داعش على كوباني الحدودية مع تركيا والتي تحررت بالكامل من سيطرة داعش.
وأشار ناصر الى أن المقاتلين الأجانب متحمسين جداً للمشاركة في العمليات القتالية وهناك دافعان رئيسيان لإلتحاقهم بالمقاتلين الكرد، الأول هو لدعم الكرد الذين وحدهم يحاربون داعش في سوريا، والدافع الثاني هو رغبتهم في محاربة هذا التنظيم بسبب ما قام به من عمليات قتل وحرق وسبي النساء.
إذاعة العراق الحر أجرت مقابلة مع المحارب البريطاني السابق جيمي ريد والأميركي بوك كلاي الذين عادا من سوريا، للحديث عن تجربتهما في القتال الى جانب وحدات حماية الشعب الكردية وأسباب إلتحاقهم بهذه الوحدات، وإنطباعاتهم عن المقاتلين و المقاتلات الكرديات.
ويقول المقاتلان ريد وكلاي إنهم يرغبون بالعودة الى سوريا لمواصلة القتال الى جانب الوحدات الكردية، لكن القلق من مواجهة مشاكل وملاحقات قانونية عند العودة الى بلدانهم يمنعهم من العودة.
ويؤكد كلاي أن محاربة داعش تتمثل في جهود الحكومات الإقليمية وفي أداء قوات التحالف، وهذا لا يفسح المجال لمثلنا من الأفراد للعمل هنا، فلقد كبر الموضوع وتجاوز مستوى أدائنا الفردي."
إليكم نص المقابلة:
جيمي ريد: أنا جيمي ريد من المملكة المتحدة، عمري خمسة وعشرون عاما. أمضيت بعض الوقت ضمن وحدة مشاة في القوات المسلحة البريطانية وتخصصت في مهام الاستطلاع. حين تركت الجيش توجهت إلى العمل في قطاع الحماية الخاصة وتلقيت التدريب التكتيكي هنا في جمهورية التشيك على مختلف أساليب الأمن والحماية والأسلحة. وكنت أتابع الأخبار ما جعلني أتوجه إلى كردستان.
بوك كلاي: عمري اربعة وثلاثون عاما وانا من اوهايو في الولايات المتحدة، خدمت في الجيش الأميركي لمدة 11 عاما كرئيس عرفاء هندسي وأمضيت ثلاث فترات من الخدمة في العراق وفترتين في يوغوسلافيا. ثم توجهت إلى العراق وسورية، إذ كنت أتابع الأخبار وكان الجميع في بلادي يتحدثون عما يحدث فقررت أن أتخطى الحديث وأن أقوم بعمل فعلي. بهذه البساطة.
* ما الذي دفعكم إلى الانضمام إلى وحدات حماية الشعب في سورية ولماذا هذا التنظيم بالذات؟
بوك كلاي: بصراحة، إنه التنظيم الذي تمكنت من الاتصال به، ولم تكن لدي خطة ثابتة فقررت الذهاب للاطلاع. في اليوم السابق لوصولي اكتشفت وجود (الوحدات) فأرسلت لهم رسالة الكترونية. ولدى وصولي إلى فينا أخبروني بأن أحدا سيستقبلني، فوافقت. لم أتحرى عنهم كثيرا ولكني علمت بأنهم يقاتلون داعش وعهم مقاتلون من دول غربية، فقررت أن هذا فعلا هو المكان المناسب لي إذ سيكون هناك من أتواصل معه. فظروف القتال تتطلب التفاهم والتواصل.
* وماذا عنك يا جيمي؟
جيمي ريد: لم أتوصل إلى قراري بهذه السرعة، فكنت أتصفح مواقع الانترنت فوجدت أن الالتحاق بالبيشمركة ليس سهلا، وعلمت أن (الوحدات) تحقق نتائج جيدة في مقاتلة داعش، فقمت بالاتصالات اللازمة واستقليت بعد ذلك طائرة إلى أربيل حيث استقبلتني (الوحدات). من هناك مررنا عبر شمال كردستان وحول شمال الموصل وشمال دهوك ومن ثم عبر النهر إلى سورية.
*هل لك أن تروي لنا تفاصيل عملية عسكرية شاركت فيها في سورية؟
بوك كلاي: أساليب القتال كانت مختلفة عن الأساليب المطبقة في العمليات الأميركية أو البريطانية. كل من تابع الحرب هنا يعلم أن حدة القتال تتراجع في موسم الشتاء بسبب الأحوال الجوية. لذا فإن العمليات الحالية تتسم بالكر والفر. نعمل ضمن مجموعات صغيرة – نخرج ونضايقهم ونعود – وليس هناك قتال واسع النطاق، باستثناء معارك كوباني. أما في قاطع شرق سورية حيث كنا، كان الأسلوب السائد هو الكر والفر: نخرج إلى الساتر ونتبادل إطلاق النار ونضايقهم، ثم نتراجع.
فهناك ساتران تفصلهما مساحة واسعة. ليلا ونهارا كنا نتبادل إطلاق النار، فكنا نستطلع ونحدد بذلك أماكن تواجدهم. لم يتغير هذا الأسلوب ولم تحدث معارك واسعة النطاق طوال فترة وجودنا في شرق سورية. لو تسأل الموجودين هناك حاليا أو أيا من القادة العسكريين سيقولون لك إنهم ينتظرون تحسن الطقس، وأعتقد أن داعش تواجه الوضع ذاته.
*وأنت جيمي ماذا عن تجربتك في القتال مع الوحدات الكردية؟
جيمي ريد: كنا مع الوحدات الكردية في منطقة الجزيرة في شرق سورية. وكما قال (بك) فإنها معركة تقليدية جدا _ هم هناك ونحن هنا ونتبادل إطلاق النار بين الخطين الأماميين للتحرش والمضايقة. كانت الأحوال الجوية قاسية وتعيق التحرك والتنقل. كانت وتيرة القتال تختلف تماما عما شاهدتموه في كوباني. سمعنا من القادة الكرد أننا في انتظار ضربة جوية تتيح لنا شن عملية هجومية، ولكن ذلك لم يحدث.
* هل لك أن تحدثنا عن أسرى شاهدتهم من مسلحي داعش؟
بوك كلاي: لم أشاهد أيا منهم، فهم يتم نقلهم إلى مواقع خاصة بهم في كردستان، كما هناك مواقع خاصة لاحتجاز الجنود السوريين الذين يتم أسرهم. لم أشارك في هذا الموضوع فأنا لا أتكلم العربية.
جيمي ريد: كانوا يفضلون إبعادنا عن أي معتقل، فهم لديهم أسوبا خاصا للتعامل مع أسرى مقاتلي داعش.
* كيف ترى دور الولايات المتحدة في المعركة ضد داعش؟
كلاي: الذي أراه من خلال متابعتي للأخبار هي الزيادة في الوتيرة، فمن الواضح أن دورنا بات يزداد، وكنا لا نواجه هذه المرة تورطا يفرض علينا نشر قوات على الأرض كما حصل في كل من العراق وأفغانستان.
*حدثنا عن المقاتلين الأجانب الآخرين الذين التقيتما بهم في سورية.
بوك كلاي: خلال تنقلي بين موقع وآخر شاهدت نحو 12 منهم، وسمعت أن مجموع عددهم في تلك المنطقة كان نحو 20 من الأميركيين والبريطانيين والألمان ومن بيلاروس، أي من جميع أنحاء العالم. لم أشاهد نساء بين المقاتلين الأجانب.
جيمي ريد: معظمهم من أميركا ومن أوروبا، ولم أشاهد مقاتلات أجنبيات، ولكني سمعت عن امرأة كندية في منطقتنا ولكني لم ألتق بها.
* ما هي انطباعاتكم عن الإدارة التي يسعى (حزب الاتحاد الديمقراطي) إلى تأسيسها في مناطق الغالبية الكردية في سورية؟
بوك كلاي: من خلال ما شاهدته فإن حزب الاتحاد الديمقراطي كان يطبق ضوابط التعامل مع الأفراد الذين تركتهم الحكومة والقوات السورية في المنطقة، فإنك تجد مثلا بعض أفراد الشرطة السورية وهم يعاد تنظيمهم تحت رايتي (الحزب) و(الوحدات)، فهم هكذا يعملون بنفس الإمكانيات والأفراد، وهي الإستراتيجية ذاتها التي طبقتها الولايات المتحدة من أجل توحيد الشرطة والأطراف المحلية في المساعدة على إدارة المنطقة بدلا عن جلب الغرباء لهذا الغرض، وهي ببساطة عملية توديع المسئول القديم والترحيب بالجديد. كانت هناك بعض المشاكل في البنية التحتية – مثل توزيع الماء والكهرباء – ولكنها تعتبر تكاليف أي حرب من الحروب. المواد الغذائية كانت متوفرة كما كانت الرعاية الطبية.
جيمي ريد: أولا، كانت مساحة الأراضي المعنية أوسع بكثير مما توقعت. لقد عينوا أفرادا محللين في الشرطة المحلية، وكان العمل نشطا في إصلاح البنية التحتية وكان العديد من المال التجارية قد فتحت أبوابها.
*ما هو دور النساء في إدارة المنطقة، كمقاتلات أو كإداريات مدنيات؟
جيمي ريد: أمضيت الكثير من الوقت مع النساء المقاتلات، وهن يعلن تماما كما يعمل الرجال – حراسات ودوريات ونصب الكمائن ومهام القنص. كانت مهاراتهن عالية ويعلن برغبة واندفاع. ومن بين مسئولياتهن كانت المعنويات، من خلال الغناء ومطالبة الجميع بالاشتراك في الغناء، الأمر الذي لم أتمكن منه. النساء الكرديات ماهرات في إعداد الطعام والحفاظ على النظافة، وذلك بالإضافة إلى مشاركتهن في الأعمال الروتينية.
بوك كلاي: كان يعجبني مدى اهتمامهم في تعيين القادة المحللين، إذ كانت النساء تتقاسم مهام القيادة مع الرجال، وليس بأسلوب (إما رجل أو امرأة كقائد) كما هو الحال في الغرب. كانت النساء الكرديات القياديات تشارك جوهريا في اتخاذ القرارات الإدارية وحتى العسكرية.
*كيف ينظر الكرد في سوريا الى دور التحالف الدولي؟
جيمي ريد: ليست جميع الجماعات الكردية راضية تماما عما تقدمه دول التحالف. صحيح أنهم لا يطالبون بنشر قوات برية ولكنهم يريدون المزيد من الأسلحة والمعدات العسكرية والتدريب والدعم اللوجستي.
بوك كلاي: إنهم يتطلعون إلى الدعم اللوجستي وإلى المساعدات المادية الكفيلة بإسناد جهودهم القتالية. إنها مسألة الحصول على المزيد من الأسلحة والمعدات.
*وكيف هي علاقة المقاتلين الكرد بالسلطات التركية على الحدود؟
جيمي ريد: الذي وجدته هو أنهم لا يحبون تركيا أو السلطات التركية ويطلقون عليها لقب (داعش) لكونهم متعاونين مع ذلك التنظيم، ما يثير الكثير من التوتر بين الجاليتين الكردية والتركية. إنهم يعتبرون أن تركيا قد تخلت عنهم وأنها تقف إلى جانب داعش.
ترجم المقابلة من الانكليزية اياد الكيلاني.